في المخيمات الفلسطينية حياة، وإن كانت رديئة

المخيمات الفلسطينية
لا يتنافى الشتات مع حب الحياة، ولا تحتّم المخيّمات البؤس. المأساة لا تزيد الفلسطينيين رغبة بالموت، بل تجدهم هناك في المخيمات يبحثون على الحياة العادية وتفاصيل أيامهم.

تنبض مخيمات لبنان بالحياة، ولو كانت رديئة. يتخرج سنوياً آلاف الطلاب، لا يجدون العمل المناسب، وباب الهجرة لم يعد كما السابق، وإن تمكن أحدهم من السفر إلى دولة خليجية سيكون راتبه متدني مقارنه بالآخرين. ومع ذلك، يضحك الناس في الشوارع ويختلفون، ويتجمهرون عند موعد مباراة كرة قدم دولية، مثلما يتظاهرون لأجل غزة.
الحياة لا تنضب في المخيم، على الرغم من البؤس والحرمان، قصص حب كثيرة رأت النور بالزواج، أو العتب بقصيدة عاطفية أو أغنية حزينة تتسلل من احدى الغرف فيسمعها الجيران فيتعاطفون مع العاشق الضحية.
المخيمات الفلسطينيةالمخيم، مجتمع غامض لمن لا يعرفه ويحتك به، هو صورة نمطية عكسها الإعلام. تشوهت صورة مصنع الشهداء والأبطال والفدائي الذي لا يخاف، أصبح إرهابياً بسبب الظلم والحاجة. ففي مخيم عين الحلوة وحده، هناك المئات من المطلوبين للقضاء اللبناني، وبعضهم مظلومون، وبعضم الآخر يخشى أن يسلم نفسه طواعيةً للأمن اللبناني، فيغيب سنوات في الزنازين من دون محاكمة.
ولأن الوضع الاقتصادي في تضخم، بات الهروب من الواقع عند غالبية الشباب عبر المخدرات، فسوق “الترامدول” مثلاً، يتفوق على “الحشيشة” أو “الهيروين”، لانخفاض سعره أمام الأصناف الأخرى. لكن هناك حركات تصحيحية تظهر في المخيمات تنادي الشباب المدمنين للعلاج، ونجحت محاولات عديدة.
لكن الهاجس الأساسي في المخيم، يبقى العامل الأمني. فهو الشماعة لكل أحداث لبنان، فيصبح المخيم بؤرة إرهابية وجزيرة أمنية، لأن رصاصة أطلقت أو اشتباكاً وقع، والسبب يكون مدبراً من طرف خارجي أو عراك فردي لتفريغ الشحن الداخلية في المقام الأول.
ومع ذلك، لم يحصل أبداً أي نوع من أنواع السرقة التي تجتاح جنوب بيروت، وخصوصاً سرقة السيارات، أو عملية خطف ودفع فدية كما يحصل في شرق لبنان. ولم يقتل أب أولاده أو تركت أم اطفالها، مثلما تكتب الصحف وتخبرنا التلفزات يومياً.
المخيم، مجتمع مركب. هو أشبه برواية بدأت مع النكبة، وداخلها أبطال وتجار دم، فقراء وأغنياء، أقوياء وضعفاء، متعلمون وجاهلون. هو صيرورة زمنية في مكان متعدد الأبعاد، يحلم فيها الفلسطيني أن يكون بعده الأخير نحو مكانه الأول، فلسطين.

السابق
وزارة الاشغال اتخذت الاجراءات المطلوبة في الطرق لاستقبال هطول الامطار
التالي
جريحة بطلقات نارية في بلدة حناويه