فضيحة الأشغال..!

ينتاب أبناء طرابلس والشمال خصوصاً، واللبنانيون عموماً، حالة من الامتعاض الشديد بعد اطّلاعهم، عبر بعض مواقع التواصل الاجتماعي، على جدول صادر أو «مسرّب» عن وزارة الاشغال العامة والنقل تظهر فيه المبالغ التي تمّ إنفاقها من قبل الوزارة على مختلف الاقضية اللبنانية منذ انطلاق عمل الحكومة العتيدة.

لغاية اليوم، وعلى رغم كثرة التعليقات على تلك الأرقام من مختلف الفاعليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أبرزهم النائب سامي الجميّل الذي علّق على حسابه الخاص عبر «تويتر»: «بئس الإنماء المتوازن»، الّا أنّ الوزارة المعنية بقيت ملتزمة الصمت ولم يصدر عنها أيّ توضيح أو نفي، ما يؤكّد فرضية صحّة الأرقام المتداولة… «فضيحة الاشغال»، عَمّقت جراح الطرابلسيّين، كيف لا وهم يشاهدون حصّة مدينتهم، «العاصمة الثانية» على «سبيل الافتراض»، من مشاريع وزراة الأشغال وهي 942 مليون ليرة لبنانية، مقابل، على سبيل المثال لا الحصر، 16 مليار ليرة لقضاء بعلبك، و10 مليارات ليرة لقضاء الهرمل؟!.. مأساة عمّمت على مختلف الاقضية اللبنانية باستثاء المناطق «المَحظوظة» التي، للأسف، يغلب عليها لون طائفيّ ومذهبيّ واحد؟!..

أرقام… محافظات… طوائف

وفي نظرة تفصيلية سريعة على أرقام الجدول المرفق، نلاحظ ما يلي:

على مستوى المحافظات، حصلت محافظة بعلبك – الهرمل على 27 مليار ليرة، الجنوب 23,5 مليار ليرة، جبل لبنان 11,5 مليار، البقاع 7 مليارات، الشمال 3,5 مليارات، محافظة عكار على 1,5 مليار!..

على مستوى القضاء، حصلت خمسة أقضية (بعلبك، الهرمل، بنت جبيل، النبطية، صور) على ما يساوي 47 مليار ليرة من أصل حوالى 74 مليار إجمالي إنفاق الوزارة… في حين حصلت باقي الأقضية مجتمعة (16 قضاء) على 28 ملياراً!.. على صعيد الطوائف، حصلت الطائفة الشيعية على 47 ملياراً، الطوائف المسيحية مجتمعة (موارنة، روم، أرمن…) 19 ملياراً، السنّة 7 مليارات، والطائفة الدرزية على 1,5 مليار !..

ما يعني أنّ طائفة واحدة حصلت على 47 ملياراً، في حين حصلت باقي الطوائف الموجودة في لبنان (17 طائفة) على 28 ملياراً… وبحسبة بسيطة (28/17) ؟؟ يظهر لنا بأنّ كل طائفة تنال 1,6 مليار ليرة لبنانية!!..

الإنماء المتوازن المفقود

يتساءل المواطن: ألا يعتبر ما أقدمت عليه الوزارة مخالفاً لمبدأ الانماء المتوازن، وبالتالي مناقضاً للفقرة «ز» من مقدمة الدستور اللبناني؟ التي تنصّ على أنّ «الانماء المتوازن للمناطق ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً ركن أساسيّ من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام».
وعليه، ما هو الحكم الواجب تطبيقه تِبعاً لِما قامت به المديرية العامة للأشغال ومسؤولية وزير الوصاية؟

تنصّ المادة «70» من الدستور على ما يلي: «لمجلس النواب ان يتّهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم…». ووفقاً للمادة «71» أيضاً «يحاكَم رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المتهم أمام المجلس الأعلى».

ثمّة من يقول إنّ ما قام به الوزير، إن كان لا يشكّل خيانة عظمى لمخالفته نصّاً صريحاً في مقدمة الدستور، الّا أنه على الأقلّ أخلّ بالواجبات المترتبة عليه نتيجة تصديقه وموافقته على الإخلال البالغ بالانفاق المرصود لكلّ قضاء.

فإذا لم يصدر عن «معاليه» ما يُثلج القلوب، ويبدّد الهواجس، ويصوّب المسار، ويعوّض باقي المناطق ما فاتها، فإنّ أقلّ ما يمكن فعله عندها هو توجيه أحد النواب سؤالاً للوزير المعنيّ، ومن ثمّ طرح الثقة به، أو ليبادر الرئيس نبيه بريّ الى فتح الملف والطلب من الوزير زعيتر تصحيح الوضع… والّا فالاستقالة واجب.

يستذكر أبناء الوطن في هذه الايام الإمام المغيّب السيّد موسى الصدر(عَجّل الله عودته)، ويتمنون لو أنه موجود بينهم، لكان بالتأكيد تبنّى قضيتهم وحركتهم… «حركة المحرومين»!..

السابق
سلام : طلبتُ مساعدة روحاني لانتخاب رئيس
التالي
بعد 10 سنوات اكتشفوا عدم ايصاله 40 ألف رسالة