غالباً ما يكون حظ الجميلات أسوأ من الفتيات الأقل جمالاً. الجدّات يقلن “حظ الحلوة بـ…. البشعة”. الجمال مركز للطمع. التاريخ يدوّي في مدننا الجميلة، ونراه الآن عرضة للتدمير، أو للإهمال، هل هي لعنته أو الجهل العربي؟
نشرت مجلة “الديلي تلغراف” لائحة بأقدم 20 مدينة تاريخياً، وحلّت أريحا الفلسطينية في المرتبة الأولى، جبيل اللبنانية في المرتبة الثانية، حلب في المرتبة الثالثة، وأتت ضمن اللائحة 3 مدن لبنانية أخرى: بيروت، صور وصيدا، وحلّت دمشق في المرتبة الرابعة، وكلّ هذه المدن حزينة اليوم، وتعيسة.
كما جاء في اللائحة القدس، ابريل والكركوك في العراق، السوسةة في ايران، الفيوم في مصر، غازي عنتاب التركية، ومدينة بلخ في افغانستان. وأتى التصنيف بحسب المدن المأهولة تاريخياً، أي التي سكنها القدماء.
المفارقة الغريبة أنّه في استفتاء حديث، حل لبنان وسوريا والعراق ضمن أكثر البلدان تعاسة. سوريا مثلا، البلد الذي كان الركيزة الرئيسية تقريباً في بناء الحضــارة العربية والرئيسية ، والذي كـان مركــز أعظــم خلافة إسلامية من حيث المســاحة ( الدولة الأموية ) ، والبلد الذي خرج منه آلاف العلماء العرب في القرون الوسطــى وســاهم في ثــورات علميــة وفلسفية هائلة غيّــرت من مجرى التاريخ العالمي كله، أتت في المركز الخامس من حيث التعاسة والبؤس والتجــارب الإنســانية السلبيــة.
ولبنان صنّف في المرتبة العاشرة ، البلد الذي حاز يوماً على لقب سويسرا الشرق وباريس العرب، صنّف الدولة العاشــرة عالميــاً من حيث مُعدلات االتعاسة وعدم الرضــا والتجارب الإنســانية السيئة. جبيل وصور وصيدا وغيرها من المدن ستبقى كنوزاً لا سبيل لها، وستبقى بيروت المرأة الممزقة، الجملية الّتي يتناتشها الجميع، وتتمنى لو لم تكن على هذا القدر من السحر.
أما العراق وأفغانستان، فحدّث ولا حرج. وربما البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي “زمط” هو تركيا. هذه المدن العريقة الغنية بحضارتها، لم تجد من يحافظ عليها، وهذا يدفعنا إلى التساؤل إن كان هذا النظام العالمي، ببشاعته، يبغي تدمير الحضارة القديمة عبر تفتيت ناسها ليصنعوا هم تاريخ الغد؟ لا بأس عليك أيّها التاريخ، لا نعرف إن كان علينا أن نبتهج بتصنيفاتك، ولا إن كانت لعنة أو فخر!
