البدانة تواجه حربا أميركية

تبذل الولايات المتحدة جهودا مستميتة لمواجهة مشكلة البدانة، حيث يعاني أكثر من ثلث سكانها زيادة الوزن.

لا عجب في ذلك، فقنابل السعرات الحرارية، مثل المشروبات الخفيفة وسندوتشات البورغر السمينة، تمثل جزءا أساسيا من ثقافة الطعام في أميركا.

ولكن ذلك يتغير شيئا فشيئا، حيث بدأت شركات المشروبات ترد بمبادرات على هذا الواقع.

كانت التغذية تعد في «بلد الحرية»، ولفترة طويلة، أمرا خاصا بالذوق الشخصي الذي يختلف من شخص لآخر، أما الآن فقد انقلب الحال؛ إذ أصبحت قلة لياقة جزء واسع من الأميركيين عبئا هائلا على أكبر اقتصاد في العالم.

وحسب تقديرات رجال الاقتصاد، فإن نظام الرعاية الصحية في أميركا يتحمل نحو 200 مليار دولار سنويا جراء البدانة.

ولكن الولايات المتحدة تحقق نجاحا في هذا الاتجاه حسبما يرى الخبيران ريزا لافيتشو موري من مؤسسة روبرت وود الصحية، وجيفري ليفي من مؤسسة تراست فور أميريكاس هيلث، اللذان يجريان منذ أكثر من 10 سنوات أبحاثا بشأن هذه القضية.

وعد الباحثان دراستهما بمثابة «أول رد صريح على الأزمة التي تكاد تأخذ بعدا وبائيا».

إلى ذلك، أصبحت الكثير من المدارس تحظر المشروبات السكرية، كما أصبحت الشركات تكتب مقادير السكر التي تحتوي عليها المشروبات على أغلفتها.

تسعى المبادرة التي تتزعمها سيدة أميركا الأولى ميشيل أوباما، وتحمل عنوان «ليتس موف» أي دعونا نتحرك، لمساعدة الأطفال الذين يعانون مشكلات في الوزن.

بل إن الشركات العملاقة المصنعة للمشروبات مثل «كوكا كولا» و«بيبسي» و«دكتور بيبر سنابل» وعدت بتقديم مشروبات أكثر صحة للشعب الأميركي.

ويرى الباحثان لافيتشو موري وليفي، أن هناك تحسنا في بعض الجوانب؛ «فبعد عقود من التزايد المنذر بالخطر (في أعداد من يعانون الوزن الزائد)، فإن تقرير هذا العام يوضح أن هناك استقرارا في البدانة لدى الأطفال»، في حين أن تزايد البدانة لدى البالغين تراجع لأول مرة منذ 30 سنة، وهو ما يراه الباحثان أمرا مشجعا.

غير أن نظرة قصيرة في تحليل الباحثين تبين أن الوضع لا يزال حرجا، خصوصا فيما يتعلق بالأقليات العرقية والأسر ذات الدخل المنخفض التي لا يزال الغذاء السريع رخيص الثمن يغلب على نظام غذائها.

كما تبين أن الحملة التي تروج لها شركات المشروبات لا تعدو حملة لتجميل سمعة هذا القطاع الذي يعاني تردي صورته.

تسعى هذه الشركات، من خلال هذه الحملة، لمساعدة البدناء الأميركيين على خفض وزنهم من خلال زجاجات صغيرة لمشروباتها، كما تعتزم الشركات زيادة مبيعاتها من المشروبات ذات السعرات الحرارية المنخفضة.

ويؤكد مايكل جاكوبسون، من «مركز العلم في خدمة العامة»، أن المشروبات التي لا تحمل علامة النظام الغذائي المخفض للوزن، لا تزال في تراجع مستمر.

كما يرى جاكوبسون أننا «بحاجة إلى إجراءات أكبر وأسرع». ولكنه قال إن ذلك ليس سهلا على ما يبدو.

وكان من بين الشخصيات التي شمرت عن ساعديها لمكافحة السعرات الحرارية الزائدة، مايكل بلومبرغ، عمدة نيويورك السابق، حيث أرادت نيويورك عام 2012 حظر بيع المشروبات الخفيفة في أكواب كبيرة الحجم، وذلك لأسباب صحية، كأول مدينة أميركية تقدم على مثل هذه الخطوة.

وقال بلومبرغ آنذاك مشيرا إلى ذلك: «أعتقد أن هذه أكبر خطوة منفردة تقوم بها مدينة في مواجهة السمنة».

ولكن بلومبرغ فشل في ذلك بسبب رفض محكمة نيويورك التي قضت، برئاسة القاضي ميلتون تينغلينغ بأن الخطوة ليست قانونية، مبررا قراره بأن تحديد مقادير المشروبات أمر تعسفي ولا يتوافق مع الدستور الأميركي.

وكان حكم المحكمة بمثابة نصر لشركات المشروبات.

السابق
قمصان «حلال فقط»
التالي
زمرة دمك تكشف أمراضك المستقبلية