البحث عن المشروع النهضوي العربي في ظل قصف الطائرات الاميركية: ما العمل؟

بينما كانت الطائرات الاميركية وبدعم عدد من الدول العربية تقصف العراق وسوريا تحت عنوان ضرب تنظيمات اسلامية متشددة(داعش والنصرة وخراسان) كان عدد من المفكرين والباحثين العرب يجتمعون في بيروت بدعوة من المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق لبحث الاوضاع العربية والتحديات التي تواجه الواقع العربي اليوم ،وماهي الخيارات المطلوبة والفرص المتاحة امام العرب والمسلمين ، وقد عرض المشاركون للاوضاع العربية خلال السنوات الاربع الماضية وتفاوتت المقاربات بين من يعتبر ان ما يجري يشكل فرصة للعرب والمسلمين من اجل تحسين اوضاعهم وان يتحولوا الى قوة مؤثرة على الصعيد الاقليمي والدولي ، في حين ان اخرين وصفوا الاوضاع بشكل سلبي واعتبرو ان ما يجري اعاد العرب الى الوراء الى اكثر من مائة سنة واننا نعاني من التخلف والبعد عن كل ما يمت للعلوم والتكنولوجيا والتطور، في حين تحدث اخرون عن مخاطر ما يجري على الاسلام والديمقراطية وفلسطين  حقوق الانسان في ظل غياب رؤية واضحة وعدم تحديد خريطة طريق مستقبلية، واعترف بعض المشاركين بانه غير قادر على تحديد افق المستقبل بسبب اختلاط الاوضاع وتداعياتها الكبيرة، في حين دعا اخرون الى اعادة بناء المشروع النهضوي العربي بعد اجراء مراجعة ونقد للمرحلة السابقة وتحديد الاخطاء التي ارتكبها الاسلاميون والقوميون بعد الثورات العربية.

وقد خرج المشاركون في الحلقة الحوارية دون الاتفاق على رؤية موحدة واكتفوا بتبادل الاراء والافكار واوراق العمل، طبعا ما جرى كان خطوة مهمة من المركز الاستشاري لجمع الباحثين والمفكرين العرب لتدارس الاوضاع والبحث عن كيفية مواجهة الاوضاع والاجابة عن السؤال المستمر منذ حوالي المائة سنة: ما العمل؟

فكيف يستطيع العرب والمسلمون مواجهة التحديات الجديدة في ظل قصف الطائرات الاميركية والمدعومة من دول عربية واسلامية للدول العربية بحجة ضرب التنظيمات الاسلامية المتشددة.

طبعا لا يستطيع احد ان يدافع عما تقوم بهذه التنظيمات من اعمال مسيئة للاسلام والمسلمين، كما لم يكن بالامكان سابقا الدفاع عن الانظمة العربية الديكتاتورية والتي سببت المآسي للعرب والمسلمين وسهلت مجيء القوات الاميركية والغربية الى بلادنا ومهدت لنشؤء التنظيمات الاسلامية المتشددة.

لكن السؤال الذي يجب ان يراودنا دائما ونحن نبحث عن المشروع النهضوي العربي: هل ستبقى خياراتنا محصورة بين التشدد والديكتاتورية او بين اللجوء للمحتلين و الدول الغربية او القبول بالظلم والاخطاء من الدول والتنظيمات؟ ولماذا لا نستطيع معالجة مشاكلنا بانفسنا ومن خلال الاسس التي تضمنها المشروع النهضوي العربي والذي وضعه مفكرون عرب ومسلمون طيلة السنوات الماضية؟ولماذا لا يلتزم الاسلاميون والقوميون بالمباديء التي بشّروا بها وتحدثوا عنها من تحرر وديمقراطية وتنمية وحقوق انسان فلا ينقلبوا عليها كلما اختلفوا حول السلطلة وادارة البلاد؟

طبعا قد لا توجد اجابات سريعة وسهلة على هذه التحديات والاشكالات ، لكن الجانب المهم اليوم وفي ظل ما يجري في المنطقة من تطورات خطيرة سواء من قبل بعض التنظيمات الاسلامية المتشددة كداعش مثلا وفي المقابل ما تقوم به اميركا من حرب على المنطقة تحت عنوان مواجهة داعش او في ظل الصراعات على السلطة في اكثر من بلد عربي، ان يكون لدينا جميعا معايير واحدة للحكم على الاوضاع، فلا نقبل بالتدخل الغربي او الاحتلال الاجنبي اذا كان لصالحنا ونرفضه اذا كان لصالح قوى اخرى، ولا نقبل بالديمقراطية اذا كانت توصلنا الى السلطة ونرفضها اذا كانت توصل الاخرين، ولا نقبل بالانقلابات العسكرية اذا كانت تخدمنا ونرفضها اذا كانت لخدمة قوى اخرى.

المطلوب من الاسلاميين والقوميين واليسارييين والليبراليين العرب والمسلمين ان يتفقوا على رؤية موحدة ومباديء اساسية ويلتزموا بها جميعا من اجل اقامة الدولة المدنية والديمقراطية في بلدنا ومن اجل تحقيق التنمية والتحرر ومواجهة الظلم والديكتاتورية وتحرير فلسطين وعلى ضوء ذلك يمكن تحديد خارطة طريق مشتركة لاقامة المشروع النهضوي العربي والا نكون جميعا نكذب على بعضنا البعض وننتظر ما ستقرره اميركا والدول الغربية لبلادنا وما سينتج عن قصف الطائرات الاميركية المدعومة من دول عربية وهذه ليست الطريق الصحيحة للتحرر.

السابق
روحاني: قضايا المنطقة بحاجة إلى التعاون والتشاور بين دولها
التالي
محاربة «الدولة الإسلامية» والرأي العام الأميركي: إجماع رسمي وشعبي