الرياضة…للتخلّص من عاداتكِ السيّئة؟

يُدرك الجميع أهمّية التعامل بجدّية تامّة مع الإدمان، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالسلوكيات الخطِرة التي قد يُقدِم عليها المُدمن. لكن ما علاقة هذه المشكلة بالرياضة؟

الرياضة تضمن العمر الطويل والصحّة الجيّدة، وهذا ليس اكتشافاً جديداً. فقد أقرّ الإغريق والرومان بأهمّية وصف الحركة للجميع نظراً إلى فوائدها الصحّية. وعلى رغم أنّ الوقت اليومي الموصى به لممارسة الرياضة تغيّر على مرّ الأعوام، وجدت دراسة حديثة نُشرت في «British Journal of Pharmacology» أنّ الرياضة تُشكّل إحدى أكثر العلاجات الموصى بها لتعزيز الصحّة ومحاربة الأمراض، وبالتالي يجب إعتبارها بمثابة دواء.

وقال أستاذ مشارك في الطب النفسيّ والعلوم السلوكيّة العصبيّة في «University of Virginia School of Medicine»، ويندي لينش: «عندما يتعلّق الأمر بمعرفة طريقة تأثير الرياضة في الدماغ، نجد أنها ترفع الدوبامين في سبيل المكافأة».

وما هو معلوم أنّ مستويات الدوبامين والكيماويات الأخرى التي تضمن الشعور بالراحة، ترتفع من خلال استهلاك الأمور التي نشتهيها، لتنخفض بسرعة فور التوقّف عنها.

وانطلاقاً من هُنا، يرى الباحثون في «National Institute on Drug Abuse» أنّ إدراج الرياضة في علاج الإدمان، فضلاً عن الإنخراط فيها قبل التعرّض له، قد يساعدان في الحدّ من تعاطي المخدّرات.

وفي هذا السياق أوضح أستاذ علم النفس في كلية ديفيدسون، مارك سميث، أنّه «كلما شاركت في نشاط رياضي، انخفض لديكَ احتمال تعاطي المخدّرات. فالرياضة تعزّز الثقة بالنفس، والكفاءة الذاتيّة، والشعور بالسعادة، وهي العوامل الوقائيّة لمحاربة الإدمان».

وركّز سميث في أبحاثه على فكرة أنّ الرياضة تُقلّص تعاطي المخدّرات، وقد أثبت مراراً آثارها الفعّالة. فقد شملت دراسته مجموعتَي فئران، الأولى تحلّت بنشاط عادي داخل قفصها والثانية زُوِّدت بعَجَلة دوارة (Running Wheel).

وبعد مرور 6 أسابيع، درّب سميث الفئران على تعاطي الكوكايين أو الهيرويين عن طريق الوريد، ثمّ قاسَ معدّل حقنها. وتبيّن له أنّ الفئة التي خضعت للنشاط تعاطت كميات كوكايين أقلّ بكثير مقارنة بالمجموعة الأخرى.

تأثيرها في التدخين

من جهة أخرى، أظهرت الدراسات أنّ الرياضة قد تساعد الأشخاص على الإقلاع عن التدخين، وهو الخبر الجيّد لزهاء 42,1 مليون مدخّناً أميركياً ما فوقَ 18 عاماً، إستناداً إلى مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وأفاد أستاذ الطب السلوكي في جامعة سانت جورج في لندن، مايكل آشر، أنّ «هناك أدلّة أظهرتها أكثر من 30 دراسة تشير الى أنّ الرغبة الشديدة في التدخين تنخفض مع كلّ ممارسة للتمارين الرياضية».

وأردف: «إستعنّا في هذه الدراسات ببيانات أشخاص مارسوا نشاطات رياضية تتراوح بين 5 و30 دقيقة يومياً، وتبيّن أنّ التأثير الجيد للنشاط الرياضي يدوم»، مؤكّداً أنّ «هذا الدليل القاطع على أنّ الرياضة تساعد الأشخاص على الإقلاع عن التدخين».

وفي ما يخصّ الآثار النفسيّة، قال إنّ «المدخّنين يعانون نسبة كآبة أعلى مقارنة بغير المدخّنين، لذا فإنّ الرياضة فعّالة بالنسبة إليهم بما أنّها تخفّض الكآبة والعصبيّة وتعزّز الثقة بالنفس والمزاج الجيّد».

ووفق بحث أجري في «Center for Behavioral and Preventive Medicine»، فقد طُلب من 281 امرأة مُدخّنة حضور ثلاث جلسات من التمارين الرياضية القاسية أسبوعياً على مدار 12 أسبوعاً، بينما كنّ يعملن على الإقلاع عن التدخين. ووجد العلماء أنّ معدّلات الإقلاع كانت أعلى بمرّتين في المجموعة التي خضعت للرياضة، مقارنة بالفئة التي لم تمارس أيّ نشاط.

فوائد للجميع!

إيجابيّات الرياضة لا تشمل المدمنين فقط، فالتزام نشاط متوسّط الحدّية لوقت معتدل يساعد جميع الأشخاص حتماً على الشعور بحال جيّدة. وتوصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وجمعية القلب الأميركية بممارسة الأيروبيك المعتدل الحدّية أقلّه لنصف ساعة خمس مرّات أسبوعيّاً، أو 25 دقيقة من تمارين الأيروبيك القويّة أقلّه ثلاثة أيام أسبوعيّاً. واعلم انّ ممارسة تمارين تقوية العضلات المعتدلة إلى الشديدة الحدّية أقلّه مرّتين أسبوعيّاً تساعدك في الحصول على منافع إضافيّة.

وعرّفت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الرياضة المعتدلة بأنّها تلك التي تشتمل المشي، التمارين الرياضيّة المائيّة، وركوب الدرّاجة الهوائيّة على طريق مسطّحة… أمّا النشاطات القويّة فتشتمل الركض، ركوب الدرّاجة بسرعة أو على تلّة، ولعب كرة السلّة.

تأكّد من أنّ معفول الرياضة يُطاول مختلف المجالات: فهي تقلّص احتمال تعرّضك للأمراض، وتزيد نسبة الشفاء، وتحارب التوتر والكآبة لتمنحك في المقابل الإسترخاء والمزاج الجيّد والنظرة الإيجابيّة إلى الحياة، وتساعدك على تفادي العادات السيّئة وحتّى التخلّي عنها إذا وقعت ضحيّتها. لذلك، ينصحك الخبراء بإدخال أيّ نشاط يستهويك ويزيد معدل ضربات قلبك، سواء أكان الركض، أو المشي، أو أيّ لعبة رياضيّة.

السابق
المحكمة الأردنية تبرئ قيادي في التيار السلفي الجهادي وتطلقه
التالي
حلف ضد التحالف