مدارس إقليم التفاح: اللغة الأجنبية غول

رُفعت لافتات في عدد كبير من مداخل بلدات شرق صيدا وإقليم التفاح تبشر باستحداث فرع للغة الإنكليزية في المدارس الرسمية، خصوصاً أن التلامذة الذين يتعلمون بتلك اللغة يعانون من الأقساط المرتفعة للمدارس الخاصة ومن المسافات البعيدة عن بلداتهم في شتاء قاس، ولكن الإمكانيات الضعيفة للمدارس الرسمية في المنطقة جعلتهم يرزحون تحت تلك الضغوط.

ملاك من بلدة كفرملكي نسيت وجود مدرسة رسمية في البلدة تقول: «ولا ممكن سجل أولادي فيها، أربعة أولاد أتحمل أعباء أقساطهم الكبيرة وبدل النقل المرتفع وكل الأحداث الأمنية في بلدة عبرا لأن المدرسة في البلدة لم تقدم نفسها يوماً كمصدر موثوق يقدم لأولادنا الأفضل». تلك الثقة المهتزة جعلت نجاح تسجل أولادها في مدرسة جرجوع الرسمية، تقول: «نبحث ضمن المدارس الرسمية عن المستوى المقبول، الأعباء المالية لا نتحملها، والمدرسة الرسمية هي الحل الذي تنعدم من بعده الحلول، علماً أني أبذل جهداً كبيراً في متابعتهم مع الأساتذة وتذكيرهم دائماً بأني لا أرضى إلا بمستوى جيد».
شكلت المدارس الخاصة لفترة طويلة حلاً وحيداً أمام أهالي الطلاب الذين اختاروا لأولادهم تحصيلهم العلمي باللغة الإنكليزية، حتى الفقراء منهم ارتضوا بالديون ليسددوا الأقساط، لكن استحداث صفوف اللغة الإنكليزية أزاح عنهم الهم، تقول أم الطالبة ديانا النابلسي: «سجلتها بالمدرسة الرسمية، كنا ساكنين في بيروت ونقلنا عالضيعة، أساساً بالجنوب حتى المدارس الخاصة مستواها متواضع، قررت خفف عن حالي أقساط وديون»، تضيف السيدة الأربعينية «الطالب المميز هو الذي يفرض نفسه، في أي مكان وجد فيه».
حتى اليوم، لا تزال اللغة الفرنسية هي المشكلة الأساس لمعظم المدارس الرسمية، وخصوصاً في منطقة الجنوب. المشكلة رافقت العديد من الطلاب المتفوقين الذين تخرجوا وهمهم الأساس دورات التقوية باللغة الفرنسية. مصطفى حطاب طالب متفوق بمعدل يزيد عن ستة عشر من عشرين في المرحلة الثانوية، رسب في امتحان الدخول لكلية الاقتصاد الجامعة اللبنانية لأنه حاز على علامة لاغية بمسابقة اللغة الفرنسية. لا يتحمل مصطفى مسؤولية الفشل لوحده، يقول: «أنا شاطر بكل المواد، وبدرس كتير منيح، الا اللغة الفرنسية كانت منذ الصغر الغول الذي نخاف منه، المشكلة تبدأ في المستوى الضعيف الذي ننشأ عليه في المدرسة الرسمية. وهذا التحدي هو تحد لكل طالب ويجب إعادة النظر بالملف». تقول رحاب حسين التي تركت المدرسة الرسمية في بلدتها لتتوجه إلى مدرسة خاصة في صيدا «إن المستوى الضعيف للغة الفرنسية هو الذي دفعني للتخلي عن مدرستي بحثاً عن مدرسة تقدم مستوى أفضل في وقت أصبحت كل الاختصاصات بالجامعة اللبنانية او الخاصة تتطلب النجاح بالمواد الأجنبية».
هذا الضعف الكبير في اللغة الفرنسية جعل الكثيرين من الأهالي يتوجهون نحو اللغة الإنكليزية تقول سناء: «سجلت ولادي إنكليزي أسهل من الفرنسي»، هذا التوجه فرض حاجة جديدة لفتح صفوف باللغة الإنكليزية، بحسب مديرة مدرسة كفرحتى الرسمية منى حمية، مؤكدة أن الإقبال جيد وعدد الطلاب يسمح بفتح صفوف لهم، لكن التحديات التي تواجهها المدرسة الرسمية ما زالت هي نفسها، فوسائل الإيضاح والمختبرات والتجهيزات اللازمة كلها تقليدية ولا تواكب التطور الحاصل في العالم، إضافة إلى تقدم عمر الهيئة التعليمية التي تشكل سبباً للعديد من الاهالي لعدم تسجيل أطفالهم في مرحلة الروضات.
حالياً فتحت صفوف اللغة الانكليزية لمرحلة الروضات لكن هذه الصفوف ستحمل معها عجزاً جديداً باللغة الإنكليزية تقول إحدى المعلمات المتعاقدات: «المعلمات لمرحلة الروضات غير متخصصات باللغة الإنكليزية وهن من المتعاقدات على الساعة وبالتالي نعود لنقطة الانطلاق وهو الضعف بإطلاق اللغة الأجنبية».
فرضت المدرسة الرسمية واقعاً يحدد مهامها، ففيها المدرس لا يُسأل والمحاسبة شبه معدومة، الطالب يُترك لحاله من أهله ومن أساتذته «من درس يدرس لنفسه» مقولة شعبية يعتقد بها أهالي المنطقة، فتلغي عنهم المسؤولية، وتترك النهوض بالواقع التربوي من الخارج فقط، فالورشات التأهيلية للمباني الكبيرة والضخمة سنوية، وعدد الطلاب يتراجع عاماً بعد عام. ذلك فيما السؤال لدى أهالي المنطقة «هل ستحدث صفوف للغة الإنكليزية في المدارس الرسمية تغييراً جوهرياً؟ أو أن تلك الخطوة كسابقاتها يقتصر تغييرها على الشكل؟».

السابق
كم يتقاضى العمال لصناعة «آيفون 6»؟
التالي
داعش يعلن النفير العام: نغزوهم ولا يغزونا