تخوّف من تمدّد ’النصرة’ إلى العرقوب وتطيير الـ 1701

يتابع اللبنانيون سياسيين ومواطنين والى أي جهة انتموا التطورات الاخيرة في بلدهم والمنطقة بسبب تداخلها بعضها في بعض وصولاً الى اليمن وانعكاس مشهدها على العلاقات بين ايران والسعودية وتأثيرهما في أكثر من ملف ساخن في بيروت وغيرها.

ولم يخف أنصار قوى 8 آذار سرورهم باجتياح جماعة “انصار الله” الحوثية صنعاء وفرض شروطهم على منافسيهم في اتفاق “السلم والشراكة الوطنية”، وبأن الايرانيين ردوا على “الهزة” السياسية الاخيرة في العراق في اراضي اليمن جارة المملكة.
وثمة من وصف من باب المزاح ما فعله الحوثيون في صنعاء بـ”7 أيار يمني”، تيمناً بما حصل في بيروت، ولا سيما فرض شروطهم واطاحتهم الحكومة ومطالبتهم بالثلث المعطل وانتقال هذه العدوى اللبنانية الى ربوع “اليمن السعيد”.
ويعتقد كثيرون ان الحدث اليمني الجديد يساعد في تقريب المسافة بين القيادتين السعودية والايرانية والسعي الى تفاهمات مشتركة بينهما حيال أكثر من ملف ساخن، في حين تتجه فيه انظار العالم الى ما سيقوم به التحالف الدولي ضد الارهاب، وتتحسس طهران والرياض بالفعل اخطار “داعش” مضطرتين الى التصدي لهذا التنظيم الذي يصفه مسؤول لبناني بـ”المفاجأة”، والذي تمكن من تفكيك “هلال شيعي” لطالما حذرت منه بلدان عدة، ويعتبر هؤلاء أن “المفاجأة” الثانية كانت من عند الحوثيين.
لا ينظر كثيرون بعين الرضا والاطمئنان الى النتائج التي توصل اليها المجتمعون في المؤتمر الذي استضافته جدة لمكافحة الارهاب في المنطقة والتصدي لمد “الدولة الاسلامية” وما يمكن أن يحققه من “فتوحات” أخرى في الاراضي السورية والعراقية وتهديده أكثر من بلد في الجوار لان قوات هذا التنظيم أصبحت في نقاط قريبة من حدود الاردن.
ولذلك، لا يخفي سياسيون لبنانيون، وان كانوا لا يلتقون في الخط نفسه انهم لا يعولون على ما يمكن أن يفعله هذا التحالف لعدم انطلاقته من قاعدة صلبة في مواجهة الموجات الارهابية التي تشغل بلدان المنطقة والعالم. وبات اسم “داعش” يتردد يومياً على ألسنة كبار القادة والمسؤولين في العالم، ويحتل هذا التنظيم المكانة التي كانت تحظى بها “القاعدة” ومؤسسها الراحل أسامة بن لادن.
ومن الملاحظات على مؤتمر جدة، بحسب قراءة من قوى 8 آذار:
– ان الخطأ الذي وقع فيه القائمون على هذا التحالف هو استبعاد دولة مؤثرة في حجم روسيا التي تلقت الدعوة بعد أيام من مؤتمر جدة الى الاجتماع الذي استضافته باريس، علماً أن لا قدرة لأي قوة على استبعاد موسكو وطهران عن أي مشروع عسكري وأمني جدي لاستهداف “داعش” والجماعات الارهابية التي تتغلغل بقوة في سوريا. ويلاحظ هنا ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لا يمانع في اشراك الروس في التحالف.
– وقعت بيان جدة دولة قطر التي تربطها قنوات اتصال متينة بـ”جبهة النصرة” التي تتمدد قواتها في مساحة لا بأس بها في سوريا وآخرها في القنيطرة في الجولان.
– لم تبد تركيا الحماسة المطلوبة حيال التحالف الدولي بذريعة سعيها الى تحرير ديبلوماسييها المخطوفين في الموصل والذين اطلقوا في اليومين الاخيرين. وأبقت أنقرة خطوط اتصال بـ”داعش” لأسباب تخص أجندتها في المنطقة وإن كانت قيادتها تنفي هذا الأمر.
– توقفت جهات لبنانية ايضاً عند موقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعدم السير في هذا التحالف وفق ما يراه الأميركيون وكل من عمل على إنجاح مؤتمر جدة، وهو يرفض التمييز بين الجماعات الإرهابية، لأن القاهرة لا تزال مصممة على ملاحقة “الاخوان المسلمين” أينما حلوا. ويوافق السيسي على توجيه ضربات الى جميع الفصائل الإسلامية في سوريا ولا يمانع في الوقت نفسه من بقاء الرئيس بشار الاسد في سدة الرئاسة رغم تحذيره من تقسيم سوريا دويلات وانعكاس هذا الامر على بلدان المنطقة.
– فور إعلان التحالف، لوحظ ان جماعات اسلامية وأصولية عدة كانت تنشط في فلك “داعش” و”النصرة” اعلنت استقلاليتها عنهما، لا بل انها اقدمت في الايام الاخيرة على استبدال راياتها وشعاراتها واعلانها ولاءات جديدة، على أمل ان يوفر لها هذا المخرج حبل نجاة من ضربات الطيران واستهداف تجمعاتها، فكيف سيكون التعاطي مع نحو 50 فصيلاً اسلامياً في سوريا؟
وتوقف مسؤول لبناني عندما تبلّغ ان مجموعات كردية اسلامية لم تكن بعيدة من القوى الاسلامية المعارضة للنظامين السوري والعراقي تعمل على تحييد نفسها عن “ضربات” التحالف.
وفي لبنان تجهد جهات أمنية وسياسية عدة في تفسير تقدم “جبهة النصرة” في الجولان واقتراب مقاتليها من الاراضي اللبنانية واحتمال تمددهم او قدومهم الى شبعا والعرقوب وحاصبيا والبلدات الدرزية في القضاء، خصوصاً ان الاخيرة لا تقع ضمن القرار 1701. ولذلك اتخذ الجيش جملة احتياطات في هذه المنطقة ونوقش هذا الامر مع قيادة “اليونيفيل” وعدد من أجهزة استخبارات البلدان المشاركة في القوة الدولية ومنها اسبانيا.
ويستبعد متابعون انتقال مجموعات من “النصرة” من الجولان الى العرقوب لأن البيئة في هذه البلدات غير متعاطفة معها، ولن تلقى المساعدة المطلوبة، والحالة الوحيدة التي تمكن هذه المجموعات من الوصول الى شبعا وجرود العرقوب هي حصولها على تسهيل من الاسرائيليين وعند ذلك يصبح القرار 1701 في مهب الريح وتتعرض عناصر “اليونفيل” ووحداتها للخطر. والوصول الى هذا السيناريو يعني ان جبهة الجنوب لن تنعم بالهدوء الذي تشهده منذ عام 2006.
وبات في علم المؤكد بحسب سياسيين لبنانيين لا يغيب الجنوب عن يومياتهم، ان قادة من “النصرة” يتعاونون مع اسرائيل ويطمحون الى توسيع شريط انتشارهم ومحاولتهم قضم بلدات لبنانية اذا استطاعوا للتحكم في بلدات جنوبية في العرقوب وحاصبيا وصولاً الى البقاع من أجل قطع طريق شتورا والوصول الى دمشق. وكان هذا السيناريو مدار بحث “على الورق” قبل ايام بين قيادات لبنانية تخشى التبدلات الجغرافية في المنطقة، في حين لا يزال بعضهم يردد ان “الفوضى الخلاقة” في المنطقة والتي تحدث عنها الاميركيون “لم تنجح”!

 

السابق
أهالي المخطوفين يتوعدون بخطوات تصعيدية
التالي
قضية المخطوفين تتأزم ولبنان يلجأ الى تركيا