شبح الطرق ابتلع محمد وراما وامهما

لم يكن محمد فواز (11 عاماً) يعلم أن رحلته مع والدته ايمان سقلاوي وشقيقاته الثلاث راما (عامان) وديما (14 عاماً) ونور( 5 أعوام) والعاملة الأثيوبية ستكون الأخيرة، وأنه سيرافق أمه وراما إلى الحياة الأبدية، بعد أن كان شبح الموت المتنقل على الطرق اللبنانية ينتظرهم عند الساعة الرابعة من بعد ظهر أمس على المسلك الغربي لأوتوستراد الجيّة، فخطف أرواحهم قبل الوصول إلى منزل جدهم في دير قانون رأس العين.

ضجت مواقع التواصل الالكتروني بالخبر، ليس لأن لبنان لا يشهد حوادث سير إلا ما ندر، وأن بيوته لم تعتد يومياً على الألم حزناً على ضحاياها، بل ربما لأن شبح الطرق تخطى هذه المرة حدوده، حاصداً المزيد من الأرواح عما كان يكتفي به في حوادث مماثلة.

الوالد المفجوع بابنه تلميذ مدرسة “تولوز”، خانته أعصابه فلم يستطع ضبط نفسه من البكاء وهو يصف فلذة كبده لـ”النهار” قائلاً:”رحل الحنون والعاطفي، كل أصدقائه يحبونه، وأمه الطاهرة فضلت أن ترحل معه كون روحها مرتبطة فيه، أما راما حبيبة قلبي فكنت انتظر الميلاد لاحتفل بعيد ميلادها الثاني”.

ادارة المدرسة نعت محمد الذي قام والده بتسجيله يوم الجمعة الفائت على ان يبدأ دروسه مع رفاقه في الصف السادس اليوم، لكن القدر عاجله.

“الحادث الذي حصد أرواح محمد وأمه وراما بالاضافة إلى فرنسي وأثيوبية، والذي أدى كذلك إلى إصابة ديما ونور وثلاثة فرنسيين موظفين في المستشارية الفرنسية في لبنان، وقع بين سيارة من نوع ب أم دبليو تقودها إيمان، ورانج كيا صغير الحجم يقوده فرنسي “، بحسب ما قال رئيس قسم الاعلام والعلاقات العامة في هيئة إدارة السير النقيب ميشال مطران لـ”النهار”.

مطران وصف كيفية وقوع الحادث بأن “سيارة آل فواز كانت متجهة على المسلك الغربي من بيروت إلى الجنوب، وأدت السرعة الزائدة  إلى ارتطامها بالفاصل وانقلابها على سيارة في الخط المقابل، فهذه المنطقة مصنفة كنقطة سوداء حيث تتكرر عليها الحوادث وترتفع نسبة الضحايا، وذلك بسبب طبيعتها كاوتوستراد طويل ما يسمح بامكانية السرعة، يليه منعطف، وعلى المنعطف يعتبر فاصل الطريق بين المسلكين منحدراً، وهذا ما سمح لسيارة آل فواز بالصعود على الفاصل. إذاً السرعة الزائدة وخطأ التصميم أديا إلى تطاير بعض الركاب وأجزاء من السيارتين وتحطمهما على رؤوس من بقي في داخلهما”.

ورأى مطران ان “حوادث السير بحاجة إلى تضافر بين تطبيق القانون والتوعية وهندسة الطرق، كما ينقصنا التنسيق والادارة الموحدة”.
معطيات الوالد المفجوع عصام فواز عن كيفية حصول الحادث بدت مغايرة بعض الشيء، فـ”المعلومات التي وصلتني تؤكد أن سيارة من الخلف اصطدمت بسيارة زوجتي، ما أدى إلى فقدانهاالتوازن”.

جهة متخصصة ومسؤولة

من جهته، أعاد أمين سر جمعية اليازا كامل ابرهيم أسباب ارتفاع نسبة حوادث السير في لبنان إلى “غياب الرادارات وعدم تطبيق القانون بشكل فعلي من قبل القوى الأمنية وعدم تقيّد المواطنين بالقوانين وعدم وجود بيئة آمنة لا سيما في منطقة كالجية تعتبر من النقاط السوداء التي تتكرر عليها الحوادث”.

وعن الحلول، قال انه “يجب اعادة النظر في طريقة تفعيل الرادارات، وزيادة عددها ووضعها في الاماكن التي ترتفع فيها نسبة الحوادث وليس بطريقة عشوائية، كما يجب الاسراع في تطبيق قانون السير الجديد والاجراءات الجديدة التي يحتاجها، وإلا فنتوقع ارتفاع عدد الحوادث والقتلى، واذا لم تعط اولوية لسلامة الانسان من خلال تفعيل عمل القوى الامنية بتطبيق القانون أو من خلال صيانة الطرق، فنحن متجهون الى مشكلة أكبر، وهذا الشيء لن يحصل طالما لا توجد جهة متخصصة في لبنان تكون المسؤولة عن معالجة أزمة حوادث السير، وتتحمل المسؤولية في حال أخطأت أو لم تنجح في هذه المهمة، وفي حال الاستمرار بعدم وجودها، سنبقى أمام تقاذف للمسؤوليات بين الوزارت المعنية وسيستمر عدد الحوادث بالارتقاع “.

عداد الموت سجل خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2014 مقتل 255 شخصاً وجرح 2225 بحسب إحصاءات قوى الأمن الداخلي غير النهائية، والمآساة مفتوحة ولا شيء يدفع للأمل بقرب إسدال الستارة على استمرار ابتلاع شبح الطرق مزيداً من الضحايا.

السابق
عمليات دعم وتمويل ’داعش’ .. القصة الكاملة!
التالي
هولاند سيلتقي روحاني غداً في نيويورك