هل حمل اللبواني رسالة المعارضة إلى إسرائيل؟

في خطوة تشبه زيارة أنور السادات لإسرائيل في السبعينات، حضر السيد كمال اللبواني، الذي اشتهر بمواقفه الحديّة أو التكويعية، مؤتمرا عالميا لمكافحة الإرهاب عقد اخيراً في هرتسيليا بإسرائيل. ونظرا الى ما لهذه الخطوة من حساسيات تتميز بها السياسة السورية تجاه اسرائيل وتتطابق فيها مواقف النظام الرسمية مع مواقف المعارضة والشارع السياسي السوري بشكل عام، انهالت على اللبواني دفعة متوقعة من المواقف التخوينية والفرضيات بالتآمر، وعاد الحديث عن الدور الإسرائيلي المفترض الذي أصبح ككرة من اللهب يتقاذفها النظام مع المعارضة على أساس أن كلا منهما يخدم مصلحة إسرائيل.

برر اللبواني زيارته بأنه لا يريد أن يكون الشعب السوري غير ممثل في المؤتمرات التي تخصه، وقال إن المساعي الدولية لضرب الإرهاب يجب أن تجري بالتنسيق مع الشعب السوري المعتدل بطبعه والموجود على أرضه ويحارب إرهاب النظام وإرهاب الجماعات المتطرفة ويسعى للسلام. هذه المبررات تشبه إلى حد كبير الخطاب الرسمي السوري عن ضرورة تنسيق الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع النظام الذي يواجه الإرهاب على الأرض السورية بحسب وليد المعلم وفيصل مقداد وبثينة شعبان، الأمر الذي يزيد في حيرة السوريين ويشوش توقعاتهم للأحداث المقبلة على بلدهم، ويثير سؤالهم حول اللاعبين الحقيقيين على أرضهم وعن دور اسرائيل في هذه الحرب.
فرسائل السوريين إلى اسرائيل مستمرة، وأولها تصريح رامي مخلوف منذ وقت مبكر بأن النظام السوري مهم لأمن إسرائيل وصولا إلى زيارة اللبواني الذي لم يشرح كيف أنه يمثل الشعب السوري على الرغم من أنه ترك اخيراً الائتلاف الذي يعتقد الكثيرون أنه بالذات لا يمثل ضمن تركيبته الحالية كل الشعب السوري. وإذا فهمنا أن التحركات السياسية تأتي بالضرورة لمصلحة معينة، فإنه من الصعب جدا تخيل فوائد تلك الزيارة للشعب السوري، إن من حيث إقناع إسرائيل بضرورة إعادة الأراضي السورية المحتلة وتطبيق القرارات الدولية بهذا الشأن وقد بلغ ضعف الدولة السورية هذا المبلغ، أو بالإيحاء لها أن المعارضة السورية بوضعها العسكري الحالي هي شريك معتدل في مستقبل المنطقة وعملية السلام، خاصة أن الفصائل التي تقاتل النظام على الأرض كالجبهة الإسلامية وأحرار الشام والكثير من الفصائل العسكرية التي تنسق وتحارب مع “جبهة النصرة” المصنفة عالميا كمنظمة إرهابية والتي خطفت اخيراً الجنود الدوليين في الجولان، تحمل شعارات سياسية ودينية تقلق الشعب السوري نفسه قبل أن تقلق دولة إسرائيل. هذا إضافة الى أن اللبواني بالذات قال منذ أشهر عدة إنه من الطبيعي أن يتدفق مقاتلون سنّة من جميع أنحاء العالم لقتال النظام السوري وحلفائه الذين يستهدفون الغالبية السنيّة.
هل حمل كمال لبواني رسالة من المعارضة السورية لإسرائيل ؟ بالتأكيد الجواب هو لا، فالمعارضة السورية التي خرج منها اللبواني ولم يتحملها أو لم تتحمله، لا تستطيع الاتفاق على رسالة من هذا النوع وهي غارقة في مشاكلها الداخلية وهروبها المستمر إلى الأمام من دون مراجعة لأخطاء الماضي، وتحاول الآن تلمس أجزاء جسدها لمعرفة هل بقيت مرتبطة بهذا الجسم المريض أو انفصلت عنه وتشرذمت.

http://newspaper.annahar.com/article/171973

السابق
هل يفكّ حزب الله أسر المخطوفين؟
التالي
نازك رفيق الحريري تنعى العلامة السيد هاني فحص