صدمة على الشبكة تُغرق البلد بالعتمة لساعات

يغرق البلد كله شيئاً فشيئاً في العتمة، بينما تتفاقم لعبة «عضّ الأصابع» بين إدارة «مؤسسة كهرباء لبنان» والمياومين وجباة الاكراء المعتصمين في المبنى المركزي للكهرباء في كورنيش النهر منذ أكثر من 37 يوما. وعلمت «السفير» بأنه «إضافة إلى الأعطال الطارئة على الشبكة، دخل قطاع الكهرباء فصل الصيانات، إذ ان معامل الإنتاج كلها قديمة، وهي تعمل بالتي هي أحسن، وفوق ذلك، المؤسسة كلها شبه مشلولة نتيجة أزمة المياومين وجباة الاكراء». وعلى الرغم من تأكيد إدارة الكهرباء أن لا علاقة لانقطاع التيار أمس، بأزمة المياومين، بل هو بسبب «عطل تقني مفاجئ»، إلا أن بيانات «مؤسسة كهرباء لبنان» ما فتئت تحمّل مسؤولية ما يحدث للمياومين والجباة المعتصمين احتجاجا على ما يعتبرونه «تلاعبا» من قبل المؤسسة بالمراكز الشاغرة في الملاك، والتي على أساسها يحق لهم التقدم إلى المباراة المحصورة، وفق ما ينص عليه قانون التثبيت في مجلس النواب.

انفصال كامل المجموعات
ففي الساعة 9.20 صباحا، انقطعت الكهرباء عن العاصمة بيروت وكل المناطق، من دون أي توضيح من المؤسسة ووزارة الطاقة الوصية على المؤسسة، سوى بعد مرور أكثر من 5 ساعات، إذ أفادت المؤسسة بأن «الشبكة تعرضت لصدمة على خطي بوشرية – جمهور 66 ك.ف. مما أدى إلى انفصال كامل مجموعات الإنتاج عن الشبكة، وبالتالي انقطاع التيار عن معظم المناطق».
وبوشر على الفور، وفق بيان للمؤسسة، «العمل لإعادة ربط المجموعات تدريجيا بالشبكة، حيث تم ربط مجموعات الإنتاج في معملي دير عمار والزهراني والباخرتين التركيتين، على أن يتم استكمال العمل في الساعات المقبلة لإعادة الوضع إلى طبيعته».
ولم ينس البيان أن يشير إلى «صعوبة تحديد وتحليل ما حصل بسبب النقص في المعطيات والمعلومات الدقيقة عن حالة الشبكة لحظة حصول الصدمة، وذلك لعدم توفرها في محطة الجمهور الرئيسية، حيث تتم إدارة الشبكة حاليا بدلا من إدارتها من مركز التحكم الوطني الموجود في المبنى المركزي للمؤسسة بسبب الوضع الذي لا يزال قائما في هذا المبنى».
تحذير من «التعتيم الشامل»
لكن ما بدا لافتا للانتباه، وفيما العتمة تسيطر على البلد، إصدار مجلس الإدارة في المؤسسة قبل هذا البيان، بيانا آخر بعد اجتماعه قبل ظهر أمس، يتناول فيه اعتصام المياومين والجباة الذي وصفه بـ«الاحتلال»، محذرا من «العتمة التدريجية في جميع المناطق بما فيها العاصمة»، وصولا إلى «التعتيم الشامل في حال استمرار هذا الوضع».
ويؤكد المجلس مجدداً أن «الاعتراض على إجراء إداري يكون ضمن الأطر القانونية والإدارية عبر اللجوء إلى المراجع القانونية والمؤسسات الدستورية، وهو ما لم يحصل حتى تاريخه». كذلك يؤكد أن «المؤسسة لم تفعل سوى تطبيق القانون 287 تاريخ 30/4/2014 المتعلق بالمباراة المحصورة بعمّال غب الطلب وجباة الإكراء، والذي أعطى المؤسسة صلاحية ملء المراكز الشاغرة في ملاكها لوظائف إدارية وفنية بحسب حاجاتها».
تبديد الأجواء الايجابية
في المقابل، وبعدما كانت أجواء المياومين ايجابية بدءا من أواخر الأسبوع الماضي، مع تأكيد مراجع معنية لهم أن «طبخة الحل» على نار حامية، فوجئوا أولاً بسماع وجود مذكرة رسمية من وزارة الداخلية تطلب دخول القوى الأمنية إلى حرم المؤسسة، وثانياً ما ورد في بيان مجلس إدارة المؤسسة، ما بدد كل الآمال بالتوصل إلى حل قريب.
في هذا السياق، ترفض مصادر «لجنة المتابعة للعمال المياومين والجباة في المؤسسة» تحميل اعتصام المياومين مسؤولية ما يطرأ من أعطال على الشبكة، موضحة لـ«السفير» أنها «مستعدة للمساعدة في انجاز التصليحات التي تطلب منها، وما هو من ضمن مهماتها».
وإذ تؤكد اللجنة استمرارها بـ«الاعتصام السلمي الحضاري في بيروت والمناطق، حتى التوصل إلى حل عادل ينصف جميع المياومين والجباة الذين أفنوا عمرهم في المؤسسة»، ترى أن «تحميل المياومين مشكلة الأعطال التي تطرأ على الشبكة، هو افتراء وتجنٍّ، وليس لنا علاقة بها لا من قريب أو بعيد».
وتشدد مصادر لجنة المياومين مجدداً على أنها «مع الحوار البناء والهادئ مع إدارة المؤسسة»، مؤكدة أنها «منذ بدء الاعتصام، مدت اليد أكثر من مرة، لمعالجة الموضوع، إلا انها كانت تفاجأ بتصعيد الموقف من قبل الإدارة».
لفتح الأبواب أولاً
أمام هذا الوضع، توضح مصادر إدارة «مؤسسة كهرباء لبنان» لـ«السفير» أن «حل المشكلة يكون أولاً عبر فتح أبواب المؤسسة، وعودة الإدارة والموظفين إلى المبنى المركزي، ومن ثم يتفق على آلية للحوار»، مضيفة ان «العامل الخائف على لقمة عيشه ومستقبله، لا يفعل ما يفعله المياومون، إذ قفزوا فورا إلى إقفال المبنى المركزي والدوائر في المناطق، قبل أن يستنفدوا كل الوسائل القانونية، كالطعن في مجلس شورى الدولة مثلاً».
وإذ تؤكد هذه المصادر أن «إدارة المؤسسة كلها ليست ضد المياومين، بل هي سعت وتسعى دائما لمعالجة وضعهم ضمن الأطر القانونية المسموح بها»، تقول لـ«السفير»: «لو كان لدى المياومين رغبة صادقة بالحوار، لكانوا فتحوا الأبواب لحظة وصول المدير العام كمال الحايك إلى المبنى الأسبوع الماضي، لا البدء بإحـراق الإطارات وكيل الشتائم له».
وترى مصادر إدارة الكهرباء أن «الحل يكون عبر تقدم جميع المياومين للمباراة المحصورة كما نص القانون، وفي حال تخطى عدد الناجحين الرقم المحدد لملء الشواغر، ساعتئذ تدرس أوضاعهم، علما بأن حقهم يبقى محفوظا لسنتين في مجلس الخدمة المدنية، أما من يرسب منهم، فحقه محفوظ أيضاً وفق القانون، إذ بإمكانه الاستفادة من التعويض».

السابق
إقبال كثيف للنازحين السوريين على مركز الامن العام في طرابلس
التالي
الجيش وشرطة بلدية شويفات أوقفا السوري جميل عيسى وأولاده