هل يعترف أوباما بفشل سياساته في سوريا والعراق؟

هل أدرك الرئيس الأميركي باراك أوباما متأخراً خطر تنظيم داعش، الّذي كان لسياسته دور في تفاقمه، وبات خياره يميل نحو دعم "الاعتدال السني"؟

كلمات الرئيس الأميركي باراك أوباما التي أعلن من خلالها التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، عكست ادراكا لواقع سياسة المنطقة وتوازناتها العرقية والمذهبية والدينية، ادراكا متأخرا لثلاث سنوات، وتأخيرا ساهم في بروز الكثير من المعضلات فاقم في استفحال خطر داعشي ونموه الذي لم يكن بالحسبان، وربما هو تأخير متعمد أراد له أوباما أن يستثمر في انجاح مشروع الفوضى الخلاقة التي أنتجت “داعش” وتركت التنظيم ينتشر كانتشار النار في الهشيم.

من هو تنظيم داعش؟ وكيف صعد الى سلم النجومية العالمية؟ ولماذا نجح وحقق ما حقق حتى يومنا هذا؟ ولماذا تأخر أوباما؟
الجميع يتكلمون عن “داعش”، من أقصى المعمورة الى أقصاها، حتى أصبحت الكلمة الأكثر تداولا عالميا، فهي الشغل الشاغل لفكر كل انسان، وشعار الرعب الذي خيم على عقول البشر. كلمة ترتعب منها الجيوش وتفتح لها أبواب المدن مجرد أن تلامس ابوابها، تعيدنا بالذاكرة الى عهد المغول وسياسة بث الرعب في النفوس.

مخطىء من يظن أن “داعش” مجرد مجموعات همجية تسير وتحارب بصورة عشوائية. فما حققه تنظيم “داعش” من نجاحات في فترة قياسية قصيرة، يعكس الادراك والفهم الجيد والعميق للواقع السياسي في المنطقة. فداعش عرف جيدا كيف يستثمر هذا الظرف الذي تمر به الشعوب العربية، خصوصا شعبي سوريا والعراق. فإذا نظرنا الى توقيت الانتفاضة الداعشية في العراق سنرى أنها أتت بعد فشل كل التحركات السنية السلمية التي قامت، نتيجة سياسات حكومة المالكي المسيطرة على السلطة وتهميش السنة. ما جعل المزاج السني في وارد اللجوء الى التطرف والعمل المسلح، فكانت الانتفاضة العراقية السنية وتحالفت مع داعش، ورحبت بالبداية بداعش لأنها حاجة في وجه حكومة المالكي، وحظي داعش بحاضنة شعبية، استطاع من خلالها التمدد بسرعة كبيرة داخل الأراضي العراقية.

أما سوريا التي وقف العالم يتفرج على شعبها يذبح ﻷنه يطالب بالحرية، فبدأت الثورة سلمية، واستقبلت الصدور العارية الرصاص والقنابل المدفعية، وآذان العالم لم تسمع آهات الشعب الأعزل وصرخاته. فما كان من خيار سوى حمل السلاح، وبدأ التسلح وانخرط الصالح والطالح تحت راية الثورة. وبدأ داعش ينمو في احدى زوايا هذه الثورة، وبعد سنتين بات اسم داعش مسموعاً جيداً في سوريا وسيطر التنظيم على مناطق شاسعة والجميع ما زال يتفرج على الشعب الجريح.

عندما تعم الفوضى في بيت ما وتشرع أبوابه فسيدخل ويخرج منه واليه “ما هب ودب”. وعندما يعم الالتهاب الجسم ستظهر في ارجائه الفطريات والتقرحات، وهذا ما حصل في سوريا والعراق. حيث عدم معالجة الأزمة منذ لحظاتها الأولى دفع الى نمو بعض المجموعات المتطرفة التي استغلت الغبن واليأس والظلم الذي تشعر به الاغلبية الساحقة في هذه المنطقة.
والسياسة الامريكية هي التي يقع عليها اللوم الأساسي في السماح بروز “داعش” نتيجة لتشريعها أبواب المنطقة أمام السيطرة الايرانية وتلزيم ايران العراق وسوريا. فالقضاء على الاعتدال السني واضعافه امام المد الايراني دفع شعوب الدول السنية نحو النزوع الى التطرف وتأييده وهذا ما جعل “داعش” يحقق نجاحات كبيرة، واعطاه حاضنة شعبية وتأييدا ان لم يكن علنيا فهو سري.

لكن يبدو من خلال خطاب الرئيس الاميركي الاخير أن الولايات المتحدة ادركت حقيقة الواقع السياسي، وعلمت جيدا ان التعاون للقضاء على خطر داعش لا يمكن ان يتم الا من خلال التحالف مع قوى الاعتدال السني في المنطقة ط. وهذا ما برز في اجتماع جدة الاخير: أنه لا يمكن أن تحارب داعش بقوى غير سنية نتيجة التعلم من الدروس السابقة. وأن لا بقاء لنظام الاسد في سوريا ولا لحكومة طائفية في العراق، ولا يقضي على داعش الا تشكيل قوة سنية معتدلة تستميل الراي العام السني في المنطقة.

السابق
جنبلاط دعا للاسراع بمحاكمة الاسلاميين: يمكن ان يخرج الجميع «وهذا اريح»
التالي
مسيحيو الشرق: أسنان اﻷسد وصواريخ أوباما ودعاية إسرائيل