حكومة العبادي القويّة: إنقاذ المنطقة كلها وليس العراق فقط

حيدر العبادي
ان ولادة حكومة وطنية جامعة يرأسها رئيس وزراء قوي وهو حيدر العبادي حصل على اجماع داخلي وخارجي بنسبة قياسية عالية، يبشّر ليس فقط بإنقاذ العراق مما هو فيه، بل يمكن ان يحمل مشروع انقاذ المنطقة بكاملها من نار الارهاب ونير الطائفية والتخلف والفساد.

ان ولادة حكومة وطنية جامعة يرأسها رئيس وزراء قوي وهو حيدر العبادي حصل على اجماع داخلي وخارجي بنسبة قياسية عالية، يبشّر ليس فقط بإنقاذ العراق مما هو فيه، بل يمكن ان يحمل مشروع انقاذ المنطقة بكاملها من نار الارهاب ونير الطائفية والتخلف والفساد.

بعد نيل حكومة الدكتور حيدر العبادي الثقة في البرلمان العراقي، بدا ان هذه الحكومة هي حكومته، وهو الأقوى فيها، لا حكومة غيره. حكومة واسعة التمثيل وتتجاوز الاسباب التي ادت الى تعاظم الخلافات السياسية، بما يؤدي الى زوال الاحتقان السياسي في البلاد على طريق ارساء علاقات جديدة بين الحكومة ومختلف الاطراف السياسية. وبذلك فإن فرصة العبادي في تضييق هوة الخلافات ستكون كبيرة اذا ما عاونته الاطراف السياسية على ذلك لاسيما وانه يحرص على انتهاج طريق هدى المرجعية الدينية العليا.

ومن اولى ثمار هذه الحكومة، هو هدوء العواصف السياسية، وانفرج الاحتقان السياسي. واذ ترافق تشكيلها مع ارادة ايجابية ونوايا طيبة من الدولتين اللتين تتمتعان بنفوذ قوي في العراق وهما ايران والولايات المتحدة، فإن مشاهد جديدة بدأت تبرز لتؤكّد انحسار النفوذ الايراني ولو الى حين.

فقد قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري خلال زيارته بغداد الاربعاء ان بلاده ستعيد هيكلة الجيش العراقي ضمن استراتيجية شاملة سيعلن عنها الرئيس الاميركي باراك اوباما مساء الاربعاء.

واوضح: “ستتم اعادة هيكلة الجيش العراقي وتدريبه من خلال عدد من الاستراتيجيات المختلفة وبمساعدة دول اخرى وليس الولايات المتحدة وحدها”.

ولا شك ان في ان الاشراف الاميركي تجهيزا وتسليحا وتدريبا، بعدما فصم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي عرى هذه الشراكة حين انسحاب القوات الاميركية من العراق عام 2011 ، سوف يكون له أثر قوي يذكر بالانتصارات الباهرة التي حققها هذا الجيش على الارهاب العام 2010 وقضى على الارهاب القاعدي نهائيا في بلاد الرافدين.

وكذلك فإن اصرار العبادي على استبعاد أحد صقور ايران الاقوياء قائد فيلق بدر هادي العامري عن وزارة الداخلية ومطالبة كتلته باستبداله شكل مفاجأة ايجابية صارخة وعنوانها ان “لا مجال ان تتحوّل الحكومة لساحة صادم بين محاور سياسية فتشل عملها تلك الخلافات”.

فيبدو الامتعاض الايراني واضح. فبعد تنازلهم عن نفوذهم في الجيش خسارتهم التالية سوف تكون أليمة أيضا. فلطالما أخذ على الاجهزة الامنية العراقية التابعة لوزارة الداخلية في عهد المالكي انها تتعاون مع نظيرتها الايرانية بما يتخطى المصلحة الوطنية في بعض الاحيان. وكان العبادي قد طلب أيضا استبدال المرشح السني لوزارة الدفاع خالد العبيدي بآخر من كتلته.

ولا شك ان عودة الجيش الى الانتماء الوطني الذي يمثل جميع أبنائه، وكذلك ضمان ان الاجهزة الامنية لن تتبع أي نفوذ أجنبي، بل تكون تابعة للقائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي هو نفسه رئيس الوزراء الدكتور العبادي، سوف تكون (هذه العودة الوطنية للأجهزة العسكرية) هي المدماك الأوّل في سبيل عودة الروح الوطنيّة الجامعه للشعب. وحينها سوف يعزز الايمان بمستقبل زاهر من شأنه التوحّد للانتصار على ارهاب داعش وعلى كل الجهات الطامعة بالهيمنة على العراق والسيطرة على ثرواته ونفطه وارضه الخصبة.

واحتفظت الحكومة الجديدة ببعض السياسيين المعروفين في مناصب عديدة، بما في ذلك الوزارات المعروفة باسم “وزارات السيادة”، فاستلم “عادل عبد المهدي” من المجلس الأعلى الإسلامي العراقي حقيبة وزارة النفط،، فيما احتل منصب وزير الخارجية رئيس الوزراء السابق والسياسي الشيعي “ابراهيم الجعفري”، وشغل نائب رئيس الوزراء السابق، من التحالف الكردستاني “روز نوري شاويس” منصب وزير المالية.

اما بالنسبة لحقيبتي الدفاع والداخلية اللتين يتولاهما الآن رئيس الوزراء وكالة، فإن الاتجاه في الاتحاد الوطني ان يترك لرئيس الوزراء ان يختار بنفسه الشخصين المناسبين، وهذا اذا ما تم، فإن ولادة هذه الحكومة الوطنيّة الجامعة يرأسها رئيس وزراء قوي حصل على اجماع داخلي وخارجي بنسبة قياسية عالية، يبشّر ليس فقط بإنقاذ العراق مما هو فيه، بل يمكن ان يحمل مشروع انقاذ المنطقة بكاملها من نار الارهاب ونير الطائفية والتخلف والفساد.

السابق
بيروت تنتظر الكهرباء اليوم.. ماذا عن باقي لبنان؟
التالي
جنبلاط يرعب اللبنانيين مجددا: اﻷمن الذاتي؟