– يا إبني ؟؟ ليش سرقت مصاري من جيبتي؟؟
– إيه ما أختي سرقت مصاري من جزدان أمي !!
نعم، إنه هذا المنطق اللامنطقي، والحجة التي لا يحتج بها، والتبرير الواهي غير المقنع وغير المبرر. كثيرون هم من يتصدرون شاشاتنا صباحاً على الريق، أو نختتم بهم يومنا في برامج مسائية، فيتحفوننا بما شذ وخاب من الكلام والمنطق، تنتظر منه إجابة مقنعة واعية على سؤال طرحه عليه محاوره، فبدل أم يكون الجواب مقنع للمستمع أو المشاهد بأدنى حالاته، يلتف على السؤال بجوابٍ إحتيالي، فكأنك إذا سألته مثلا، لماذا واحد زائد واحد يساوي إثنين؟؟ قال لك ألم تر أن ثلاثة زائد إثنين يساوي خمسة؟؟ أو بشكل أدق أما رأيت أن خمسة ناقص ثلاثة يساوي إثنين؟؟
إذاً هي الإجابة على سؤال بسؤال مضاد، وكأننا في لعبة من ألعاب التنس أو البينغ بونغ… لماذا قمتم بالتصرف الفلاني؟ فيأتيك الجواب اللامع الجامع: والآخرون قاموا بالتصرف العلاني.
هي ضعف الحجة وانعدام المنطق وحشو الكلام. لا إفادة مما يساق ويدار. الإفادة تقول إن الإجابة مثلا على سؤال لماذا أنتم مسلحون؟؟ تكون بأننا مسلحون للدفاع عن أنفسنا، أو لفرض شروطنا أو حتى لصيد العصافير، ولا تكون بأي حالة من الأحوال، ولا بأي وجه من الوجوه الكثيرة التي يلبسها سياسيو هذا االبلد، لا يكون الجواب وهل رأيت الآخرين ماذا لديهم من أسلحة؟؟ يا قرة عيني، يا مهجة فؤادي، يا خليل القلب… رأيتهم وهذا موضوع أناقشهم به، ولكن سؤالي واضح وصريح ، أنت لماذا أنت مسلح؟؟ بصراحة، كأنك لم تر غيري!! يا شعبنا العظيم، يا مستمعينا الكرام، يا قراءنا الموقرين، يا مشاهدينا الأحبة، والله لقد رأيت، وسأقتلهم وأدمرهم وأسحقهم وأفجرهم وأكويهم، وأغسلهم بالغسالات الأوتوماتيكية، وسأقوم بربطهم على سارية المركب وأتركه يسيح في عرض البحار. ولكن لا زلت حتى الآن لم تقل لي لماذا أنت مسلح؟؟ فيأتيك الجواب العرمرم: “يا حبيبي، قبل ما تسألني روح شوف غيري!!”
يا أي إسم تريدني أن أناديك به، “رح روح شوف غيرك”، سأسير خلفهم ولو حتّى شمال الأطلسي، وأطلق عليهم كلبين دوبرمان، وأطيّر فوقهم خليتي نحل، ولكن أنت، جاوبني أنت، أسألك أنت، أستفسر منك أنت، أطرح عليك السؤال أنت: لماذا أنت مسلح؟؟
– وهل تريد أن يأكلني القوي، وهل تريد مني أن أكون بلا سلاح حتى إذا أتى من يحمل سلاح فيقتلني؟؟
– لا، لا أريد كل هذا… فقط أريد أن ألقى إجابة على سؤالي.
– يا سيدي، البلد كلها مسلحة والبلد كلها مخالف… “شو وقفت علينا”؟
– مممم. إذاً أنت تعترف أنك مخالفين؟
– لا، أنا قلت الكل مخالف
– آآآآه… يعني أنت أو أنتم، ألستم من هذا الكل؟
– بلى… ولكنهم كلهم مخالفون
– طيب، وأنتم؟؟
– بصراحة؟؟؟
– طبعا بكل صراحة أجبني لو سمحت!
– يقال إن اللوبية باللحمة أطيب من اللوبية بالزيت أحياناً!!
