بارود: قرار تعيين هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية من خارج المهلة القانونية

زياد بارود

علق وزير الداخلية السابق المحامي زياد بارود على قرار مجلس الوزراء في جلسة مساء أمس الخميس 11/9/2014 القاضي بتعيين هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية. واعتبر في بيان صادر عن مكتبه “أن قرار مجلس الوزراء جاء متأخرا وخارج المهلة القانونية الإلزامية التي فرضها قانون الانتخاب النافذ رقم 25/2008″.

وقال :”مع الاحترام الكامل لشخص رئيس وأعضاء الهيئة الذين أحسن مجلس الوزراء اختيارهم، ومع الترحيب، في المطلق، بأي إجراء من شأنه أن يبعد شبح التمديد ويؤكد على حق اللبنانيين واللبنانيات في ممارسة حقوقهم الانتخابية والمدنية والسياسية، إلا أن التأخر الواضح في تشكيل هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية ينطوي فعلياً على تداعيات قانونية عديدة تهدد سلامة العملية الانتخابية برمتها”.

وقد أسند بارود موقفه إلى معطيات قانونية فصلها كالآتي:
1) نصت المادة 54 من قانون الانتخاب معطوفة على المادة 65 منه على أن فترة الحملة الانتخابية “تبدأ من تاريخ تقديم الترشيح”. وتقديم الترشيح هو أمر ممكن إعتبارا من تاريخ نشر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في غياب نصّ مخالف (وقد نشر في 19/8/2014 بعد انقضاء المهلة بيوم). وعليه، وبمجرّد فتح باب الترشيح بعد نشر مرسوم الدعوة، تبدأ فترة الحملة الانتخابية “العامة” التي يخضع خلالها التمويل والإنفاق والإعلام والإعلان لضوابط نصّ عليها القانون بالتفصيل (في الفصلين الخامس والسادس منه). وتبدأ، في مطلق الأحوال، فترة الحملة الانتخابية “الخاصة” بالنسبة لكل مرشح من تاريخ تقديمه ترشيحه.

2) وبالعودة إلى المادة 19 من قانون الانتخاب، يتبيّن أنها أعطت هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية صلاحية:
– تلقّي طلبات وسائل الإعلام الراغبة في المشاركة في الإعلان المدفوع الأجر،
– مراقبة تقيّد اللوائح والمرشحين ووسائل الإعلام على اختلافها بالقوانين والأنظمة التي ترعى المنافسة الانتخابية،
– ممارسة الرقابة على الإنفاق الانتخابي.
– بالإضافة إلى صلاحيات أخرى.

3) هذه الصلاحيات والمهام والضوابط تستوجب قيام هيئة الإشراف، بالحدّ الأدنى، بالتزامن مع تاريخ بدء الحملة الانتخابية (أي من تاريخ تقديم الترشيحات)، بل إنها تستوجب، برأينا، أن تشكّل قبل هذا التاريخ بعشرة أيام على الأقل، على ما يستدل ويستفاد من البند (1) من المادة 66 من القانون الذي فرض، بوضوح كلّي، “على وسائل الإعلام الرسمي والخاص التي ترغب في المشاركة في الدعاية أو الإعلام الانتخابي، أن تتقدّم من الهيئة قبل عشرة أيام على الأقل من بداية فترة الحملة الانتخابية بتصريح (…)”. وبالتالي، فإن المسألة لا تعود تتعلق فقط بتاريخ تقديم كل مرشح لترشيحه المنفرد بقدر ما تتعلق بإجراءات عامة تعني وسائل الإعلام وقواعد المنافسة في المطلق.

4) ممّا تقدّم، يتضح أن هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية كان يقتضي تعيينها قبل 8/8/2014 كحدّ أقصى (أي قبل 10 أيام من المهلة القصوى لنشر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة) لتمكينها من ممارسة المهام العديدة التي تتولاّها قانونا، وهي مهام لا يمكن تخطّيها لأن دور الهيئة ليس استشارياً وإنما تترتب عليه نتائج توثيقية للمخالفات (قد يستند إليها المجلس الدستوري خلال النظر في طعن ما) ونتائج قانونية مختلفة، ممّا يعرّض العملية الانتخابية برمتها للطعن، على الأقل بالنسبة لفترة غياب الهيئة، والممتدة بين العشرة أيام السابقة لبدء فترة الحملة الانتخابية وبين تاريخ اكتمال تشكيل الهيئة (عبر نشر مرسوم تشكيلها، علما بأن الحكومة السابقة كانت عيّنت رئيس وأعضاء الهيئة وإنما لم يصدر المرسوم تبعا لهذا التعيين).

5) إن كل ما تقدّم يؤكّد ضرورة قيام هيئة مستقلة للانتخابات تكون دائمة غير ظرفية وتشمل صلاحياتها مختلف الانتخابات النيابية والمحلية، العامة والفرعية، وتكون مستقلة بالكامل عن السلطة التنفيذية، مجلس وزراء ووزارات وإدارات مختلفة، أسوة بما ذهبت إليه معظم الأنظمة الانتخابية عبر العالم.

6) ويبقى السؤال الأبرز حول جدية القرار السياسي في اتجاه إجراء الانتخابات (المؤجلة أصلا) في ظل حديث متكرر عن تمديد ثان غير دستوري وفي ظل قرارات الحكومة المتتالية المتخذة خارج المهل، في شكل يدعو إلى الاستغراب، على الرغم من جدية الإجراءات المتخذة إداريا ولوجستيا على مستوى وزارة الداخلية والبليات”.

السابق
جنبلاط لنصر الله والحريري: لا تنتظرا الرياض وطهران  
التالي
هل بدأت المواجهة داخل الطائفة العلوية؟