خليل حاوي و الإنتحار الجماعي

خليل حاوي
ماذا تغير بعد 32 عاماً من انتحار الشاعر خليل حاوي الذي قتل نفسه لأنّه لم يحتمل الاجتياح الاسرائيلي لبيروت؟

عام 1982 ، وعندما حاصر العدو الإسرائيلي بيروت ، لم يستطع الشاعر اللبناني خليل حاوي تحمل الوضع فاقدم على إطلاق النار على نفسه وإنتحر.  يومها تملكني العجب، وتساءلت: كيف يقدم حاوي على الإنتحار؟ أليس بمقدورنا المقاومة؟ ألم يقل حاوي:
يعبرون الجسر في الصبح خفافاً إضلعي إمتدت لهم جسراً وطيد من كهوف الشرق من  مستنقع الشرق الى الشرق الجديد   أضلعي إمتدت لهم جسراً وطيد .
حلم حاوي أن العروبة  قادرة على فتح باب النهضة و الحداثة أمام المجتمع الشرقي، كي ينتقل من حال القبيلة والعشيرة ومن أنظمة الإستبداد وكبت الحرية إلى المجتمع مدني متطور مفتوح الأفق على الحداثة  وأن يتحول الرعايا إلى مواطنين أحرار ومستقلين .
بعد 32 عاماً على إنتحار حاوي، يبدو أن الوضع بات أسوأ. التحرير لم يحقق الوحدة، ومسار التطور انفتح على تفكك المجتمعات، حيز الوحدة النسبية إنتهى ، المساحات المشتركة بينهم  باتت مذاهبهم، و كل قوة مذهبية تريد الوطن تحت هيمنتها حتى دعوات الحوار تأتي على شرط الداعي، والنتيجة معروفة. لو لم ينتحر حاوي عام 1982، ألم يمكن أن يكون داعية إلى حفلة إنتحار جماعي ينظمها كل الناس الذين يشعرون أنهم خارج الأطر السياسة لطوائفهم وعيونهم شافعة إلى وطن مشروعة ما زال معلقاً منذ تشكيل الكيان، و التي مرت ذكرى تأسيسها منذ أيام. و يبدو أنه حلم ليلة صيف.
و حاوي شاعر من لبنان ولد في عام 1919 في الشوير، درس في المدارس المحلية حتى سن الثانية عشرة حين مرض والده فاضطر إلى احتراف مهنة البناء ورصف الطرق، وخلال فترة عمله عاملاً للبناء والرصف كان كثير القراءة والكتابة ونَظَم الشعر الموزون والحرّ بالفصحى والعامية.
علَّم حاوي نفسه اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية حتى تمكن من دخول المدرسة ثم الجامعة الأمريكية في بيروت التي تخرج منها بتفوق مكنه من الحصول على منحة للالتحاق بجامعة كامبردج البريطانية فنال منها شهادة الدكتوراه. وعاد بعدها إلى لبنان ليعمل أستاذا في الجامعة التي تخرج فيها واستمر في هذا العمل حتى وفاته.
وقد ابتعد حاوي عن ارتياد الموضوعات الوصفية والمعاني والصور المستهلكة في شعره واستضاء دربه الشعري بثقافته الفلسفية والأدبية والنقدية وجعل النفس والكون والطبيعة والحياة موضوعَ شعره.
ومع دخول القوات الإسرائيلية إلى بيروت لم يتحمل الشاعرحاوي ما رآه فأطلق النار على راسه في منزله في شارع الحمرا في بيروت فتوفي منتحرا.

السابق
حزب الله أنهى المراجعة الشاملة: الإنسحاب للحدّ من الخسائر!
التالي
حزورة صيداوية: كيف يمكن التخلّص من رائحة النفايات؟