الإتصالات نجحت باحتواء التوتر ولقاء عون نصرالله غيَّب الرئاسة

كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول : لا تزال الساحة اللبنانية ترزح تحت الإرتدادات السياسية والأمنية لملف المخطوفين العسكريين الذي دخل في جولة جديدة من المفاوضات التي ترعاها الدوحة، إذ يستعد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم للسفر الى قطر في الساعات المقبلة، فيما نجحت الاتصالات والمعالجات السياسية والحزبية التي جرت على أعلى المستويات، وشارك فيها الجميع، في وأد الفتنة المذهبية والطائفية في مهدها، واحتواء التوتر في الشارع، ووقف أعمال الخطف والخطف المضاد، والتي تكللت بإطلاق أيمن صوان مساء أمس، إذ تسلمته مديرية المخابرات التي استكملت التحقيق لكشف ملابسات عملية خطفه. وأما سياسياً فبرز اللقاء بين الأمين العام لـ”حزب لله” السيد حسن نصرالله ورئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون الذي دام خمس ساعات، انتهى إلى بيان عمومي يشجع على تعميم التفاهم بين “الحزب” و”التيار الوطني الحر”، على باقي القوى “تحصيناً للوضع الداخلي في مواجهة الفتنة المرفوضة”. وأكد اللقاء تطابق وجهات النظر في ما يخص الإرهاب وحتمية مواجهته بكافة الوسائل، وقد بدا لافتاً تغييب موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية عن البيان المشترك في مؤشر إلى استمرار المراوحة والفراغ في هذا الملف.

في موازاة تمديد مرحلة الشغور الرئاسي وغياب الحراك السياسي المتصل بإنجاز استحقاق انتخاب رئيس جمهورية جديد، وفي انتظار عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري من إجازته في الخارج، استمر حبس الأنفاس، وظلّ الترقب سيد الموقف في انتظار ما ستؤول اليه الوساطات الجارية لاطلاق الجنود الاسرى.

وفي هذا الإطار، يستعد المدير العام للأمن العام للسفر إلى قطر في الساعات المقبلة من أجل إطلاق مرحلة جديدة من المفاوضات التي ترعاها الدوحة، ووضع المسؤولين فيها في حصيلة الجولة الأولى من المفاوضات التي كان بدأها موفدها الى عرسال الذي التقى قادة جبهة “النصرة” وتنظيم “داعش”.

وكان ابراهيم قال لدى وصوله الى السراي الحكومي عصر امس، قبيل انعقاد اجتماع اللجنة الوزارية وقادة الأجهزة الأمنية “إنّه سيعمل على ملف العسكريين المخطوفين، وإنّ هناك أملاً لحله”.

ومهما حملت هذه التصريحات من مفاجآت في بعض الأوساط، فقد علمت “الجمهورية” من مصادر معنية ان ابراهيم لم ينتظر تكليف اللجنة امس لكي يباشر اتصالاته، فهو قد بدأها قبل فترة من الزمن، حتى ان الوسيط السوري المكلف بالمهمة القطرية الذي زار عرسال ليل الخميس – الجمعة الماضي، امضى ساعات على الأراضي اللبنانية ودخل الى عرسال بمواكبة أمنية من الأمن العام طيلة فترة وجوده.

وقالت المصادر ان الحديث الذي انتشر في بعض وسائل الإعلام عن شروط وضعها الخاطفون ليس دقيقاً، وإن صحت بعض المعلومات المسربة فقد يشوبها كثير من الأخطاء من دون اغفال وجود من يدس بين الشروط معلومات غير دقيقة لرفع نسبة التوتر وتثميرها في إثارة الفتنة الداخلية.
ولفتت المصادر الى انه في مقابل شروط الخاطفين هناك شروط أخرى للدولة اللبنانية وسقوف لا يمكن تجاوزها وان المفاوضين القطريين باتوا على علم بها.

خلية الأزمة

وكانت اللجنة الوزارية اجتمعت برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام وحضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل، ووزير الخارجية جبران باسيل، ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، ووزير العدل اللواء أشرف ريفي. وتغيب وزير المال علي حسن خليل بداعي السفر.

واستمع سلام واعضاء خلية الأزمة الى اهالي المخطوفين الذين اجمعوا على المطالبة بإبعاد هذا الملف عن التجاذبات السياسية، ودعوا الحكومة إلى القيام بواجباتها في اعادة ابنائهم بأي ثمن.

وبدوره دعا سلام الى “الحذر من الايقاع بين اهالي المخطوفين والحكومة، او بين الحكومة والجيش، أو بين اهالي المخطوفين والجيش”، مؤكداً ان “الحكومة لديها ثقة كاملة بالجيش، وهي قدمت له الغطاء السياسي، من دون قيد ولا شرط، للقيام بما يراه مناسباً لتحرير ابنائنا المخطوفين”. وانتهى الاجتماع الى تشكيل لجنة مصغرة من اهالي المخطوفين للبقاء على تواصل مع رئاسة مجلس الوزراء.

وانضم لاحقاً الى الاجتماع قائد الجيش العماد جان قهوجي، والمدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، ومدير المخابرات العميد ادمون فاضل، ومدير العمليات العميد زياد حمصي ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد عماد عثمان.

وأسف سلام في بداية الاجتماع للاحداث التي شهدتها بعض المناطق اللبنانية في اليومين الماضيين، معتبراً أن “هذا المشهد الذي استحضر صفحات قاتمة من الحرب التي طوى اللبنانيون صفحتها، يظهر حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع، حكومة وقوى سياسية وفاعليات اجتماعية وقادة رأي وكل الحريصين على السلم الأهلي، في ضبط المشاعر وتخفيف الاحتقان وتغليب منطق الحكمة”.

واستمع المجتمعون إلى عرض من القادة الأمنيين للأوضاع الأمنية، خصوصاً في منطقة البقاع، والاجراءات التي اتخذت لضبط الأمن فيها. وجرى نقاش حول آخر المعطيات المتعلقة بملف المخطوفين، واتخذت القرارات المناسبة.

لقاء اللجنة والأهالي

وقال احد الذين شاركوا في اللقاءين ان وفد الأهالي حض المسؤولين على الإسراع في عملية التبادل، لأن ما يعنيهم سلامة ابنائهم ولا شيء يمنع اطلاق الموقوفين لقاء ضمان حياتهم.

فالتجربتان اللتان عاشهما الأهالي يمكن ان تتكررا بين لحظة واخرى و”يطل علينا الخاطفون برأس جديد مفصول عن الجسد”، وما هي الضمانات لوقف هذه العمليات. وأكد الأهالي انهم مطمئنون الى مساعي الدولة اللبنانية، لكن خوفهم أكبر من كل التطمينات والضمانات، وقد وضعوا ابناءهم امانة في اعناق المسؤولين.

ورد سلام والوزراء على كل هذه “الهواجس المشروعة”، وأكدوا انهم لن يوفروا وسيلة لإقفال هذا الملف اياً كانت الأثمان، فالإتصالات مستمرة على كل المستويات السياسية والأمنية والديبلوماسية على رغم كل المصاعب التي تواجههم في مثل هذه المهمات مع إدراكهم المسبق حجم العقبات.

وفي اللقاء الأمني والعسكري تحدث سلام عن التحديات التي تواجهها الحكومة في هذا الملف آملاً في ان تتضافر الجهود لإنهاء هذه القضية من دون المس بهيبة المؤسسات العسكرية والأمنية، ودعا الجميع الى لقاء تقويمي للإتصالات والإجراءات الأخيرة التي اتخذتها القوى المنتشرة على الأرض.

وتحدث في اللقاء قائد الجيش، فشرح بالتفصيل إجراءات الجيش الأخيرة للفصل بين عرسال وجرودها في المناطق التي شكلت معابر شبه إجبارية للمسلحين بين الأراضي اللبنانية والأراضي السورية، مؤكداً ان ما قام به الجيش يشكل رسالة واضحة الى المجموعات المسلحة لجهة اعاقة تحركاتها بين مواقع انتشارها والمناطق اللبنانية.

بدوره شرح ابراهيم الخطوط العريضة لما قام به الوسيط القطري من دون الدخول في اي تفاصيل، معتبراً ان الحوار قد بدأ ولكن الى اي مدى يمكن ان يؤدي فهذا ما ستعبر عنه الأيام المقبلة.

وقال ابراهيم: “هناك مطالب يمكن مناقشتها واخرى قد تكون تعجيزية والقرار في النتيجة للقيادة السياسية فهي المرجع الصالح وما نقوم به تحت سقف القرار السياسي”.

من جهته لفت المشنوق وريفي الى حجم الإتصالات الجارية مؤكدين جملة مخاوف لا يمكن تجاهلها نتيجة المعلومات المتوافرة لديهما من مصادر عدة لكنهما اكدا اهمية مواكبة المرحلة بكل دقة.

ولفت ريفي الى ما انجزه المجلس العدلي على مستوى الإسراع في المحاكمات الجارية على قدم وساق لبت ملفات الموقوفين وإصدار الأحكام، لافتاً الى أهمية حماية الجبهة الداخلية من كل ما يهدد بانتقال الفتنة الى الداخل.

الحريري

في غضون ذلك، أكد الرئيس سعد الحريري أن حماية لبنان من الانزلاق الى الفتنة هي بأيدي وارادة الشعب من كل الأطياف والمذاهب، معتبراً أنها في الدرجة الاولى بإرادة المسلمين في لبنان، سنة وشيعة، الذين يمتلكون قرار إخماد الفتنة في مهدها ورفض استنساخ الحالتين السورية والعراقية.

نصر الله ـ عون

وفي هذه الأجواء، كشف النقاب امس عن لقاء عقد بين السيد نصر الله والعماد عون، في حضور وزير الخارجية جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل ومسؤول لجنة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا.

وذكر بيان مشترك عن الطرفين ان المجتمعين عرضوا “للأوضاع الخطيرة التي يمر بها لبنان والمنطقة، خصوصاً إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل وتهديداتها المستمرة وأفعالها الجرمية الموصوفة، وخطر الموجة التكفيرية الإرهابية التي تؤسس للفوضى الشاملة والتي يتوجب مواجهتها”.

وأكد المجتمعون “صحة رؤيتهم السابقة للأخطار، ودقة تقديرهم لما هو آت، وصوابية تحذيرهم من الانقسامات الطائفية في لبنان ومن التقسيمات التدميرية في المنطقة، حيث ثبت صحة التفاهم الذي بنوه والذي يشجعون على تعميمه على باقي القوى تحصيناً للوضع الداخلي في مواجهة الفتنة المرفوضة”.

وشدد المجتمعون “على تطابق وجهات النظر في ما يخص الإرهاب وحتمية مواجهته بكافة الوسائل وعلى رأسها تحصين الوحدة الوطنية وتوفير الاستقرار الداخلي وتحقيق بناء الدولة على الأسس الميثاقية السليمة”.

لا جدول أعمال

وقال مصدر واكب الاجتماع انه كان عبارة عن لقاء بلا جدول اعمال محدد وجرى خلاله عرض شامل للاوضاع في المنطقة من العراق الى سوريا، وصولاً الى لبنان والتهديدات التي يتعرض لها.

واكد المصدر ان لا خلاف بين الجانبين على اي موضوع، مشيراً الى ان ما جرى كان لقاء طبيعياً ضرورياً بين الحلفاء تجري فيه جولة افق
شاملة ويدلي فيها كل فريق بوجهة نظره وما لديه من معلومات حول القضايا المطروحة.

واشار الى ان المجتمعين بحثوا في الوضع اللبناني في اطار العاصفة التي تشهدها المنطقة وانعكاساته عليها. كذلك تم التطرق الى الاستحقاقات الداخلية من دون الدخول في تفاصيلها، اذ ان موقف الحزب من الاستحقاق الرئاسي معروف وجرى تأكيد المؤكد.

واكد المصدر ان هذه الاستحقاقات جرى بحثها في لقاءات سابقة. وختم: “في المحصّلة، فان كل فريق عرض للقاءاته واتصالاته وتوقعاته وجرى بحث في العمق على مستوى المنطقة ككل وليس على المستوى الداخلي حصرا”.

ملفات عالقة

من جهتها، ذكرت مصادر مطلعة ان البيان المشترك تجنب الغوص في قضايا خلافية بين الطرفين، ومنها ما يتصل بأولوية انتخاب رئيس الجمهورية على الإنتخابات النيابية. وقال احد مسؤولي التيار لـ”الجمهورية” إن الحزب ما يزال يحاذر الوصول الى انتخابات نيابية قبل انتخاب رئيس الجمهورية والمراحل الدستورية التي تلي الإنتخابات النيابية ومنها سبل إجراء الإستشارات النيابية لتكليف رئيس الحكومة في ظل الآلية الدستورية.

وأضافت المصادر: “لذلك، تجنب البيان المشترك الإشارة الى ملف الإنتخابات الرئاسية التي حضرت في جانب مهم من اللقاء الذي امتد حتى ساعة متقدمة من فجر امس”.

مواقف للجميّل

على صعيد آخر، يطلق رئيس حزب الكتائب امين الجميل جملة مواقف من بعض القضايا المطروحة على بساط البحث، وذلك خلال إطلالة تلفزيونية له مساء اليوم. وسيتحدث عن موقف الحزب من ملف الإنتخابات الرئاسية والحكومة وازمة عرسال والحدود اللبنانية – السورية وتسليح الجيش والوضع المسيحي.

موقف فرنسي

وفي المواقف الدولية، أكد الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال أنّ “اعدام تنظيم “الدولة الاسلامية” الارهابي لعنصرين في القوات المسلحة اللبنانية يعدّ جريمة مروعة، ويظهر وحشية هذا التنظيم ويقوي عزيمتنا على تحريك المجتمع الدولي للتصدي للارهاب”، مشيراً إلى أنّ ” فرنسا تدعم لبنان ومؤسساته والجيش الضامن للوحدة الوطنية”.

وأشار إلى أنّ “تسليم الأسلحة الذي تمّ الاتفاق عليه بعد المبادرة السعودية يحتاج إلى عدد من الشكليات والإجراءات، ومن الطبيعي أن يأخذ وقته في التنفيذ”، نافياً أن يكون “غياب توقيع وزير المال السعودي بسبب دخوله إلى المستشفى حجباً عن تنفيذ المبادرة”.

ولفت إلى أنّ “الوسائل المقدّمة هي تلك المطلوبة للجيش اللبناني”. وعن الكلام على أنّ اسرائيل وضعت “فيتو” على عدد من المعدّات العسكرية التي ستقدّم إلى لبنان، قال إنني لا أملك أي معلومة في هذا الشأن وإنما هذه الصفقة مهمّة تضع قيد التنفيذ إجراءات معقدة في ما خصّ المبالغ والتجهيزات المطلوبة، ولهذا السبب لا يمكن الاستغراب أنّ الشراكة تطلّبت أشهراً عدّة لتنفيذها لكنها أصبحت على وشك التنفيذ”.

25 مرشحاً

وعلى خطّ الترشيحات للإنتخابات النيابية التي تستمر حتى نهار 16 أيلول، تشهد وزارة الداخلية حركة إقبال خجولة، إذ وصل عدد المرشحين في نهاية يوم أمس الى 25 إسماً، فيما تتوقع الداخلية أن تشهد أيام السبت والإثنين والثلثاء حركة كثيفة، ومن المتوقّع ان تتقدّم جميع الكتل بالترشّح، علماً أن تيار “المستقبل” ينكب على تحضير أوراق المرشحين، شأنه شأن باقي الكتل التي لم تحدّد موعداً للترشّح.

مجلس وزراء غداً

وعلى مستوى آخر، ينعقد مجلس الوزراء عصر غد الخميس في السراي الحكومي برئاسة سلام، وعلى جدول اعماله 49 بنداً بعضها مُرجأ من جلسات سابقة وهي بمعظمها قضايا إدارية ومالية وقبول هبات ونقل اعتمادات من الخزينة الى بعض الوزارات والمؤسسات العامة.

وقال احد الوزراء لـ”الجمهورية”: “على رغم ان من بين البنود قضايا عادية لكن بعضها مرشح لإثارة الجدل بفعل تضارب الآراء حولها، خصوصا في بعض القضايا الإدارية والتعيينات الداخلية ومنها ما يتصل باستدراج عروض تثير الشكوك وستتعرض للإنتقاد والتأجيل”.

“داعش” في مستشفى الحريري

وعلى خط آخر، وبعد تسريب خبر وصور وجود إرهابيين من “داعش” و”النصرة” من الذين قاتلوا الجيش في عرسال في مستشفى رفيق الحريري لتلقي العلاج بغية استجوابهم لاحقاً، شدّد الجيش اللبناني من إجراءاته الامنية في محيط المستشفى، وعلمت “الجمهورية” أن “الطاقم الطبي والممرضات والعاملين في الطابق الموجود فيه الإرهابيون، خضعوا للتحقيق لمعرفة من سرّب الصورة والخبر، والهدف من هذا العمل ومن يقف وراءه”.

وعبّر مصدر أمني لـ”الجمهورية” عن مخاوفه من أن “تنفّذ خلايا تابعة لداعش أي عملية على المستشفى لمحاولة تهريبهم، ما رفع منسوب اليقظة الامنية، وسيتم نقلهم الى مكان آمن بغية إستجوابهم”.

السابق
ريفي: قصة العسكريين المخطوفين لن تحل بين ليلة وضحاها
التالي
نصرالله عون: لتعميم ورقة التفاهم… وإبراهيم مفاوِضاً