المدارس في لبنان: صراع بين عاداتنا وتقاليد الغرب

تعتمد قوة المجتمع على مدى محافظته على هويته وجذوره، ومن المعروف ان العرب تخلوا عن هويتهم العربية من خلال اهمالهم للغتهم الأم والسعي لاستعمال اللغات الاخرى في مدارسهم وجامعاتهم. في حين ان الالمان والفرنسيين مثلا يرفضون التحدّث بغير لغتهم الأم مع الآخرين.

لمزيد من الاطلاع اكثرعلى ظاهرة الغزو الثقافي في العالم العربي التقينا الشيخ محسن عطوي الذي قال ردا على استفهام هل ان الاسلام تحدث عن ظاهرة الغزو الثقافي؟ قال: “مصطلح الغزو الثقافي هو مصطلح جديد نستعمله الان. في بداية الاسلام كان هناك تحذير خاصة بالقرآن الكريم بالتأثر بعادات وافكار غير المسلمين. كل جماعة من غير المسلمين لها عقلا معينا وتقاليد وسلوك معين، وكان يُخشى على المسلمين ان يتأثروا فيها. ان القرآن الكريم كان يحذر من ان يأخذ المسلمين الافكار والعادات عن غير المسلمين. وكانت هناك بعض الآيات التي تنهى عن تقليد الآباء غير المسلمين. فبعد الفتوحات دخل بين المسلمين شعوب غير مسلمة لهم عادات وتقاليد مختلفة فكان الائمة ورجال الدين يحذرون المسلمين من التأثر بها، وكان من قوة الفكر الاسلامي والتعاليم الاسلامية انه بدل من ان يتأثر المسلمون بهذه العادات والافكار اثروا بهؤلاء الافراد الذين أتوا من بلدان اخرى فبدأوا يُسلمون على مرّ الزمان وتحولوا الى الاسلام. فالشاهد هو انه لم يكن هناك غزو ثقافي كالصورة التي نشهدها اليوم، ولم تكن الشعوب الاخرى التي دخلت في الاسلام تملك من قوة الفكر وسلامة العقائد ما يمكنها ان تنافس العقيدة الاسلامية. ان المسلمين تأثروا باشياء ايجابية بالتراث الاداري حيث ان التقسيمات الادارية لم تكن معروفة بالسابق.

وعن الهدف الذي يسعى الغرب الى تحقيقه من خلال غزو الشباب العربي والاسلامي ثقافيا عبر مختلف المحطات والبرامج وغيرها من الوسائل؟ يعتبر الشيخ عطوي ان: “الغزو الثقافي بدأ مع دخول الغرب الى بلادنا منذ حوالي 200 سنة بصورة غزاة ومستعمرين. لقد دخل الفرنسيون الى بلاد المغرب فبقيوا فيها فترة من الزمن فتأثر المسلمين بعاداتهم وخاصة بالزي الغربي وبأشياء لها علاقة بالسلوك منها موضوع الخمر والسفور كما ان الانكليز دخلوا الى مصر فتأثر المصريون بعاداتهم وتقاليدهم. ثم تعاظم الاحتكاك الغربي مع البلدان الاسلامية من خلال المسلمين الذين يسافرون الى الدول الغربية، ومن ثم يعودون الى بلادهم حاملين معهم افكار وعادات الدول الغربية. كما أنشأ الغرب مدارس له هنا من اجل نشر عاداته المنافية للاسلام. وخاصة بالنسبة للعلمانيين ورجال الدين فأصبحنا نواجه بعض الاشخاص الذين يشككون ببعض العبادات والقيم الدينية، ثم دخلت الاحزاب الاشتراكية فتأثرعدد كبير من الشباب وبدأوا بطرح افكار مخالفة للافكار الاسلامية على صعيد النظام الاقتصادي والنظام السياسي، لكن في المقابل عدد من الشباب المؤمنين المستنيرين وعلماء الدين كانوا يواجهون هذه الحالات.

ولكن ما هو شكل المسؤولية التي تقع على عاتق الاهل والشباب لمواجهة الغزو؟ يرى الشيخ عطوي ان السبيل لمكافحة هذا الغزو هو ابعاد الشباب عن هذه التقاليد والعادات المنافية للاسلام، وتعزيز حب القيم لديهم وابعادهم عن المدارس الغربية، واشراكهم في مدارس اسلامية لانها تلعب دورا اساسيا في حياة الشباب، وتشجيعهم على الوجود في المساجد.

ويضيف: “كمبدأ، الاشياء التي نبتدعها وتكون ضمن المباحات تكون شرعية، وعلينا ان نميّز بين الاشياء التي نقلد الغرب فيها. فالصراع اليوم بين افكارنا وعاداتنا الاصلية وعادات وتقاليد الغرب.

ولمزيد من الاضاءة، التقيت شابتين مختلفتين بالموقف من الغزو الثقافي هما: فاطمة فقيه  وليلى حركة. وهما تدرسان في مدرستين مختلفتين بالمنهاج.

فاطمة، التي تعشق اللغة العربية وتتحدث غالبا بالفصحى، تؤكد على اهمية المطالعة، وتدعو جميع رفاقها ورفيقاتها الى الاطلاع على التراث الشعري والادبي للعرب، تقول: “انا ضد الغزو الثقافي حيث ان اللبناني تخلى عن تقاليد واعراف بلاده ما يعني انه تخلى عن هويته لان هذه التقاليد هي التي نشأنا عليها كلبنانيين، لكن مع الاسف وفي عصرنا الراهن نشهد تغييرا جذريا لكل التقاليد حيث ان اللبناني اليوم اصبح نسخة طبق الاصل عن المجتمع الغربي في المأكل والملبس واللغة والعادات، لذا يجب على كل اللبنانيين التمسك بوصايا الاجداد وبالتراث”.

بالمقابل ترى ليلى التي تعشق اللغة الانكليزية، وتتحدث بـ”كوكتيل” لغات، تقول: “تطور المجتمع بشكل ملحوظ في القرن الماضي، وكان الغرب سبّاقا في هذا المجال، اضافة الى القوانين التي تنظم الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية. فانا مع الاستفادة مما توصل اليه الغرب من خلال تطبيق ما لا يتناقض مع الثقافة العربية. على سبيل المثال: قواعد حسن التدبير والتنظيم والتربية السليمة للاطفال. فبذلك نواكب الحياة العصرية بشكل افضل، وتصبح مجتمعاتنا منظمة اكثر وانتاجاتنا فعالة اكثر”.

 

 

السابق
أعمال الخطف ترخي بثقلها على بعلبك – الهرمل
التالي
بالفيديو: هاشم الشيخ أبو جابر قائداً جديداً لـ «احرار الشام»