الوساطة القطرية مستمرّة وتركيا لم تستجب مدلج شهيد جديد… والدولة ترفض ليّ الذراع

لم ينجح لبنان الرسمي حتى الساعة في اتخاذ قرار حاسم في شأن نوع التفاوض لاطلاق العسكريين المخطوفين، بعدما استشهد اثنان منهم على يد تنظيم “داعش”، لكن لبنان الشعبي نجح حتى اليوم في تجاوز الفتنة الداخلية التي تدفع اليها الحوادث الامنية بعدما تسارعت وتيرتها في عطلة نهاية الاسبوع مع اعلان التنظيم ذبحه الجندي في الجيش اللبناني عباس مدلج، وتعرض دورية لمخابرات الجيش مساء السبت لإطلاق نار من ثلاثة مسلحين كانوا على متن دراجة نارية عند المدخل الرئيسي لبلدة القاع. وردّت الدورية على مصدر النار فقتل أحدهم وهو سوري وجرح آخر نقل الى “مستشفى الهرمل الحكومي” فيما أوقف الثالث وهو لبناني وصادرت الدورية الأسلحة المستعملة.

وإثر اعلان نبأ استشهاد الجندي مدلج، قطع عدد من الشبان في مختلف المناطق طرقا وأحرقوا اطارات، واقيمت حواجز لمسلحين ملثمين في منطقة بعلبك، وانقطع الاتصال مع مواطنين من عرسال يرجح انهما خطفا، فيما لجأ البعض الى تهديد مخيمات للسوريين، مما استدعى انتقال عدد من اللاجئين الى مناطق ذات أكثرية سنية. ومع نشوب حروب مذهبية افتراضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استبقت عائلة الجندي الشهيد المواقف الرسمية الاستيعابية للحال المتوترة، بإصدارها بيانا دعت فيه الى تجنب الفتنة والثأر، واعتبرت نجلها شهيد الوطن، وأبدى والد الجندي مدلج، وهو جندي متقاعد، استعداده للتطوع مجددا في الجيش والذهاب الى الصفوف الامامية حيث خطف نجله.
هذا الوضع المتوتر دفع خلية الازمة الوزارية الى اعتبار نفسها في حال انعقاد دائم، وعقدت اجتماعا برئاسة الرئيس تمام سلام في دارته، قبل ان يخرج رئيس مجلس الوزراء برسالة متلفزة الى اللبنانيين، لم تتضمن جديدا في موضوع التفاوض في شأن العسكريين، في ما عدا تأكيدها غير المباشر للوساطة القطرية، اذ شكر سلام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
ومما قال: “نعرفُ أنّ النفوسَ مشحونةٌ والغضبَ كبير، لكنّنا يجب أن نعرفَ أنّ الفتنة، التي يسعى إليها الإرهابيون، وقد يَسْتَسْهِلُها الجَهَلَةُ وأصحابُ النفوسِ الضعيفة، هي المدخلُ الى خرابِ السلم الوطنيّ. إنّ مشاعرَ الحزن والأسى لدى أهالي العسكريين المخطوفين وجميع اللبنانيين، هي مشاعرٌ طبيعيةُ تحظى بكلّ احترام وتفهّم. لكِنَّ ما جرى في الشارع في الأيام الماضية أساء إلى الشهداء، وأساء إلى قضية ابنائنا الأسرى، وكاد يودي بالبلاد إلى منزلقات خطيرة.
إن اللجوءَ الى إقفالِ الطرق وتعطيلِ الحركةِ في البلاد لن يعيدَ الينا عسكريينا. فالمواجهةُ في مكانٍ آخر. هي مع العدوِّ الارهابي. إذا كان الألمُ كبيراً، فإنّ الأكثرَ إيلاماً هو السماحُ للإرهاب بالنَفاذِ من شقوق خلافاتنا السياسية، ليعبَثَ بنسيجنا الوطني، ويتسبّب بفتنة مذهبيّة يسعى اليها كل يوم القتلة المجرمون”.

خلية الازمة
وعلمت “النهار” من مصادر وزارية أن التطورات الاخيرة في ملف العسكريين المخطوفين أظهرت أن المفاوضات مستمرة لإطلاقهم وتتولاها دولة قطر وأن ثمة “كباشاً” بين الحكومة اللبنانية والخاطفين، لكن الحكومة لا تزال متمسكة بالخطوط الحمر التي رسمتها وهذا ما عبّر عنه رئيس مجلس الوزراء في كلمته الى اللبنانيين عندما أعلن عن مواصلة “الاتصالات والمساعي في كل اتجاه للوصول الى هذه الغاية، استنادا الى القرار الجامع الأخير لمجلس الوزراء الذي حدد القواعد التي يجري على اساسها التفاوض”. وأعتبرت أن شكر الرئيس سلام الحصري لأمير دولة قطر على “مساعيه المستمرة لمساعدة لبنان في تجاوز هذه المحنة” أتى بمباركة عربية باعتبار أن الرئيس سلام معروف بصداقاته التقليدية وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية التي تهتم باستقرار لبنان عموما فضلا عن اهتمامها الخاص عبر الهبتين للجيش اللبناني وقوى الامن وقيمتهما 4 مليارات دولار. كما أن هذا الشكر الحصري لقطر دلّ على أن تركيا لم تستجب طلب لبنان المساعدة.

 قزي
وحذر وزير العمل سجعان قزي في تصريح لـ”النهار” من تحركات الشارع في ما يتعلق بموضوع العسكريين المخطوفين وتخوف من أن تكون “7 أيار متنقلة لكنها لن تعطي النتائج نفسها لتلك الاحداث في عام 2008، غير أنها تمثل خطرا داخليا لا بد من التنبه له في مواجهة خطر تنظيم “داعش” الخارجي”. وأضاف: “هناك من يحاول أن يصوّر الحكومة كأنها هي “داعش” وأنها هي التي خطفت وأنها هي التي لم تحسم الوضع العسكري في عرسال، في حين أنها هي التي أعطت الضوء الاخضر للجيش بكل قوة وقبل الاحداث الاخيرة بوقت طويل وتحديدا في آذار الماضي”. وخلص الى القول: “ما يدور حاليا هو أن الحكومة تتحمل أخطاء الآخرين وتقصيرهم ولا داعي لتقاذف كرة الاتهامات”.

درباس
وحيّا وزير الشؤون الاجتماعية تحركات أهالي المخطوفين تضامنا مع أسرة الجندي الشهيد عباس مدلج. وأكد أهمية أن “يتوحّد اللبنانيون في مواجهة حقارة “داعش” التي تريد بث الفتنة بينهم”. ولفت الى الكلمة التي ألقاها الرئيس سلام متسائلاً: “أين زعماء الطوائف والاحزاب والقيادات السياسية؟ أين القادة المسيحيون والمسلمون بكل تلاوينهم ليقولوا كلمتهم في مواجهة من يتهم الحكومة بالتخاذل؟”. وأكد أن الرئيس سلام والحكومة “لا يمكن أن يتركا وحيدين في مواجهة هذه الازمة الخطيرة، كما أن الحكومة تمارس بالوكالة ما يجب أن يمارسه أصحاب البلد، وعليه إما أن يدعمونا وإما أن يبادروا الى تسلّم الامانة”. وكان درباس رأى ان الحكومة اتخذت مواقف واضحة بعدم القبول بمبدأ “لي الذراع”، “فنحن دولة والدول تنتصر في النهاية”.

جدة
من جهة أخرى، علمت “النهار” أن لبنان تلقى دعوة لحضور مؤتمر جدة لمواجهة الموجة التكفيرية في العالم العربي امتدادا لمؤتمر قمة حلف شمال الأطلسي الذي شهدته ويلز أخيرا.
وفي حيثيات الدعوة البحث في تدابير معينة بما يمثل درعا اقليمية لحماية المنطقة من أخطار التطرف الذي يتهددها حاليا.

مجدلاني
واذ يتوجه اليوم وغدا عدد من بطاركة الشرق الى واشنطن للبحث في اوضاع المسيحيين والاقليات، ينعقد في واشنطن بين 9 و11 ايلول، صرح عضو وفد تيار “المستقبل” الى المؤتمر بتكليف من الرئيس سعد الحريري، النائب عاطف مجدلاني لـ”النهار” بأن الوفد “سيؤكد الاعتدال والعيش المشترك كما سيؤكد أن لا مكان للديكتاتورية في الحلف الدولي والعربي لمواجهة الارهاب، أي أن مكافحة الارهاب ستكون على عاتق الاعتدال ولا يمكن مكافحة الارهاب الاصولي بالارهاب الديكتاتوري مهما حاول البعض أن يبرر ذلك”.

السابق
توقيف عدد من الأشخاص ضبط بحوزتهم صواعق
التالي
اوباما يرفض التعاون مع الاسد لضرب داعش