‘داعش’ تتحدى الحكومة باعدام عباس مدلج

لم يكد التكتم الشديد الذي أحاطت الحكومة نفسها به حيال رفضها مبدأ المقايضة مع تنظيم “داعش” في مسألة العسكريين المخطوفين يطفو مع الكشف عن تولي قطر جانب التفاوض مع المسلحين بهدف إطلاق هؤلاء، حتى ترددت معلومات عن إعدام عسكري جديد هو الجندي الأسير عباس مدلج، مما يطرح علامات استفهام كبيرة حول جدية هذه الوساطة، كما يشكل تحديا قويا من قبل التنظيم المسلح في وجه الحكومة التي بدت في مواقفها الأخيرة متسلحة بحجج أو نقاط قوة كثيرة تملكها في وجهه على ما اعلن رئيس الحكومة تمام سلام أخيرا، تؤهلها لعدم الرضوخ للابتزاز أو منطق المقايضة.

وعليه، يبدو ان أجواء التفاؤل التي سادت في اليومين الماضيين عقب الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء بإمكان الخروج بنتائج مشرفة تفضي الى الإفراج عن العسكريين المختطفين محفوفة بالمخاطر وغير قابلة للصرف لدى التنظيم الداعشي، مما يعيد الملف الى المربع الأول ويستدعي المزيد من الجهود والمساعي لئلا تسقط حركة الاتصالات الجارية ومن بينها الوساطة القطرية تحت سكين المسلحين، ولئلا تسقط البلاد في أتون الفتنة المذهبية خصوصا وان الجندي المستهدف ينتمي الى الطائفة الشيعية، مما يجعل الهواجس من انتقال المواجهة مع “داعش” الى فتنة واقعا.

وما يعزز هذا التوجس حال الغضب التي سيطرت على الأهالي الذين أقدموا مساء على قطع طريق اللبوة – عرسال، فيما تطورت البيانات الصادرة عن تنظيم داعش – قاطع القملون الذي كان اعلن ان ” الجندي عباس مدلج حاول الهرب من سجنه وبعدما حاول إطلاق النار تمكنا من السيطرة على الموقف وكان مصيره الذبح”، ليستتبع ببيان آخر نقلا عن قيادي في التنظيم لوكالة أنباء الأناضول وفيه تهديد ب” ذبح كل الأسرى العسكريين الشيعة إذا قام حزب الله ومناصرته بالاعتداء على النازحين السوريين”.

وتطورت ردود الفعل بحيث اعلن عن قطع عدد من الطرق في مختلف المناطق، فيما اندلعت اشتباكات عنيفة بين مسلحين وعناصر من “حزب الله” في منطقة وادي الرعيان في كرود عرسال، فيما سجل ظهور مسلح كثيف في بلدة اللبوة ترافق مع معلومات غير مؤكدة عن عمليات خطف. وشهدت شوارع في العاصمة ولا سيما على تقاطع غاليري سمعان وفي الضاحية الجنوبية لبيروت قطعا للطرق وحرقا للدواليب استنكارا لإعدام مدلج.

وفيما لم يصدر أي موقف رسمي عن الحكومة أو قيادة الجيش وإذا كانت الحكومة تبلغت رسميا عملية الإعدام، أفادت اوساط السرايا ان رئيس الحكومة تابع مع الأجهزة الأمنية التطورات وأجرى سلسلة من الاتصالات للوقوف على حقيقة الأوضاع، فيما ألغى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق زيارته الى قطر المقررة اليوم لمتابعة الوضع الأمني . ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر عسكري ان الجيش يحقق في صحة الصور التي وزعت عن عملية الإعدام.

وفيما استغربت مصادر سياسية تدهور الأوضاع بهذا الشكل رغم الأجواء التي كانت رشحت إمكان التوصل الى معالجة، توقفت عند ما نقل عن الوزير المشنوق عن عدم وجود وفد قطري في لبنان للتفاوض، وتساءلت إذا كانت الوساطة القطرية بتكليف من الحكومة اللبنانية أو لا، لافتة الى ان إعدام الجندي مدلج لا يؤشر الى وجود مثل هذه الوساطة أو أقله فشلها في التوصل الى تفاهم مع المسلحين، وذلك خلافا لما تردد أخيرا عن ظهور بوادر حلحلة.

السابق
2025
التالي
اسرائيل: هل هناك مبالغة في الترهيب من داعش؟