يعالون يطالب بـ20 مليار دولار للجيش

قررت الحكومة الإسرائيلية، بعد ظهور حجم الخلافات بين وزارتي المالية والدفاع بشأن تكلفة حرب “الجرف الصامد” على قطاع غزة، تأجيل مناقشة الميزانية العامة للعام 2015 إلى موعد آخر.

وبعدما أعلن وزير الدفاع موشي يعلون أن تكلفة الحرب العسكرية البحتة بلغت 9 مليارات شيكل (2.7 مليار دولار)، طالب بزيادة ميزانية الدفاع للعام المقبل بـ 11 مليار شيكل، لتصل فعليا إلى 72 مليار شيكل (أكثر من 20 مليار دولار).
ويرى خبراء أن إسرائيل ترهن اقتصادها في الأعوام المقبلة لميزانية الدفاع، ما يعيد إسرائيل إلى سنوات الثمانينيات. تجدر الإشارة إلى أن تقارير الخبراء تظهر أن الاقتصاد الإسرائيلي لم يشهد فعليا أي نمو حقيقي في السنوات الأربع الماضية.
وكان مقررا أن يجتمع الكابينت الإسرائيلي أمس للبحث في الميزانية العامة للعام المقبل، في ظل تزايد مطالبات الجيش بتعويضه عن تكلفة الحرب على قطاع غزة. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أقرت اقتطاع 1.8 مليار شيكل من ميزانية كل الوزارات لتغطية العجز في ميزانية الدفاع، بعد أن كانت قد حولت الى الجيش حوالي 2 مليار شيكل من فوائض جمع الضرائب في العام الماضي، لكن كل ذلك لم يمنع الجيش من المطالبة بأموال طائلة إضافية، بحجة الاستعداد لمواجهة مخاطر حرب أكبر من تلك التي وقعت مع قطاع غزة. وقد طلب وزير الدفاع، باسم الجيش، زيادة ميزانية العام المقبل بـ 11 مليار شيكل، لتصل الميزانية فعليا إلى 72 مليار شيكل، أي أكثر بعشرين مليار شيكل مما توصي وزارة المالية.
ويحاجج ممثلو الجيش في دوائر الحكومة واجتماعات الكابينت قائلين أن “من يريد الأمن للجنوب، وقبة حديدية وقتالا مستمرا ضد المنظمات الإرهابية، عليه أن يعرف أن هذا يكلف المزيد من المال”. لكن وزير المالية يائير لبيد، الذي كان أعلن عن تغيير منظومة الأولويات القومية مركزا على التعليم والصحة، يعارض أي زيادة على ميزانية الدفاع، ويقول إن “هناك مجالا في المؤسسة الأمنية للنجاعة والتوفير”.
وما زال وزير المالية يعارض فرض المزيد من الضرائب على الجمهور الإسرائيلي، ويعلن أن هناك حاجة للتقشف في الجيش، حتى لا يتضرر المجتمع كله من زيادة النفقات العسكرية.
وكان الجيش قد بدأ حملة ترهيب مما يمكن أن يحدث مع تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” ـ “داعش” في الجبهة السورية واحتمالات انفجار الجبهة في مقابل “حزب الله”. وشدد يعلون، في العديد من إطلالاته الإعلامية، على أن تفكك الجيوش العربية حول إسرائيل يزيد من متاعب إسرائيل الاستخبارية والعسكرية التي لا يمكن التغلب عليها إلا بمزيد من الميزانيات. وقال، قبل يومين، إن “المال هو ما يقيد عمل الاستخبارات. فالعدو أيضا يجيد استخدام التكنولوجيا، ونحن مضطرون لمجابهة ذلك والحفاظ على أنفسنا. لقد استثمرنا أموالا طائلة في الاستخبارات والحبل على الجرار، لكن هذا يكلف أموالا. والتسليح الدقيق يسمح بإصابة الهدف ويمنع المساس بالأولاد”.
وفي كل حال، كشفت صحيفة “ذي ماركر” الاقتصادية أنه إذا خضعت وزارة المالية لمطالب وزارة الدفاع فإن ميزانية الدفاع ستبلغ 72.45 مليار شيكل، تمثل 18 في المئة من الميزانية، وهو يعيد إسرائيل إلى أواسط الثمانينيات، حين كانت ميزانية الدفاع تلتهم حصة كبيرة من الميزانية العامة.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير المالية وعد الجيش، عند بدء حرب غزة بتمويلها، لكنه تراجع عن وعده حين أبلغه الجيش أن تكلفة الحرب 9 مليارات شيكل، وأن المطلوب 11 مليار شيكل. ومعروف أن تكلفة الحرب ليست عسكرية بحتة، إذ أن هناك تبعات اقتصادية لها، ما يجعل التكلفة الحقيقية تقترب من ضعف هذا الرقم.
وقد أبدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مؤخرا موافقته على تغطية تكاليف مستجدة للحرب، تتمثل في تمويل أبحاث لتطوير معدات لمكافحة الأنفاق، فضلا عن تزويد المدرعات بمنظومات فعالة ضد الصواريخ. وهناك لجنة تشكلت لبحث العبر من حرب غزة الأخيرة، والتي على الغالب ستوصي بزيادة ميزانية الجيش كما سبق للجنة “بروديت” أن أوصت بمنح الجيش علاوة بقيمة 100 مليار شيكل للفترة ما بين العامين 2008 و2017.
وفي كل حال فإن الخبراء يشيرون إلى أن ميزانية العام 2014-2015 ستحطم كل الأرقام القياسية لتصل الى 72.45 مليار شيكل، موزعة أصلا على النحو التالي: ميزانية 2014 المقرة كانت 57.7 مليار شيكل، أضيف لها 2.75 مليار شيكل بقرار حكومي في تشرين الأول العام 2013، ثم أضافت الحكومة ثلاثة مليارات شيكل للميزانية على ثلاث دفعات، وهناك تسعة مليارات شيكل لتغطية تكاليف “الجرف الصامد”. ومعروف أن ميزانية الدفاع الفعلية، في الأعوام الأخيرة، كانت أكثر من 60 مليار شيكل. ولاحظ الخبراء أنه جرت زيادة فعلية على ميزانية الدفاع بنسبة 25 في المئة في العام 2014 .
تجدر الإشارة إلى أن ميزانية الدفاع في إسرائيل بلغت في النصف الأول من الثمانينيات 23 في المئة من الميزانية العامة، لكنها انخفضت تحت ولاية اسحق رابين في العام 1986 إلى 15 في المئة. واليوم تشكل ميزانية الدفاع حوالي 7 في المئة من الناتج القومي البالغ 300 مليار دولار. وفي كل حال، فإن هناك قرارا في إسرائيل بألا تزيد ميزانية الدفاع عن 5 في المئة، لكنها أصبحت تبلغ 7 في المئة من الناتج القومي العام. وعندما تكون ميزانية الدفاع عالية تتدهور قدرة الاقتصاد الإسرائيلي التنافسية في الأسواق الدولية، فضلا عن تدهور مجالات التعليم والصحة والبنى التحتية.
ومن المهم معرفة أن ميزانية الأمن الإسرائيلية أكبر بكثير من ميزانية الدفاع، لأن ميزانية كل من “الشاباك” و”الموساد” و”حرس الحدود” والوكالة الإسرائيلية للطاقة النووية، والتي تبلغ 10 مليارات شيكل، ليست مدرجة ضمن ميزانية الدفاع.

(السفير)

السابق
لا «داعش» في الجنوب رغم كثرة الاشاعات‎
التالي
ما لا تعرفونه عن الصحافي الاميركي الذي ذُبح على يد داعش