التمديد لمجلس النواب ضربة موجعة للاقتصاد الوطني

أصدر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق تعميماً يتعلق بتقديم تصاريح الترشيح للإنتخابات النيابية لسنة 2014، وتم تحديد يوم 16/11/2014 موعداً لإجرائها، ولكن مع إستمرار تردي الأوضاع الأمنية والخلافات السياسية وفي ظلّ تراجع حظوظ الإتفاق على قانون إنتخابي توافقي، أصبح شبه أكيد ان خطوة التمديد لمجلس النواب الحالي قد إقتربت. وبغض النظر عن الشق السياسي، للتمديد تداعيات إقتصادية على الداخل اللبناني، فهل من يستدرك خطورة هذه الخطوة على مستقبل لبنان الاقتصادي ؟

عدم توفير الاستقرار السياسي في أي بلد كان يؤدي حتماً الى إنعدام الثقة باقتصاده ، ومع إقتراب ساعة الحسم لبت ملف التمديد لمجلس النواب ترتفع المخاوف المتعلقة بتداعيات هذا التمديد على الاقتصاد بغياب أي دراسة علمية وإقتصادية حول النتائج المترتبة عنه. فالتمديد للمجلس يؤدي حتماً الى فقدان الأسواق المالية العالمية الثقة بالدولة اللبنانية وقطاعاتها لكون تداول السلطات يعتبر من أسس الديموقراطية في الإقتصادات الحرة، ومن هنا ترتفع المخاوف حيال تصنيف لبنان الائتماني مع تضرر صورته تجاه الخارج. فالاقتصاد اللبناني الذي عانى وما زال يعاني من تداعيات الازمة السورية.
على هذا الصعيد، يؤكد وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ”النهار” “أن التمديد مُضرّ بالإقتصاد لأنه وقبل كل شيء يضرب ثقة المستهلك والمستثمر في آن واحد. فالإقتصاد مبني في الدرجة الأولى على الثقة والنظرية الاقتصادية تقترح أن كل عملية إقتصادية مهما كان نوعها من شراء أو بيع أو إستثمار باطنها ثقة اللاعب الاقتصادي بالبلد وبديموقراطيته”. ويُضيف “أن الاقتصاد الحر منبعه قدسية الملكية وحماية هذه الملكية والتي وبغياب نظام سياسي لحمايتها، تلعب دوراً سلبياً في إتخاذ قرار الشراء أو البيع أو الإستثمار”.
ويقول “إن التمديد سيؤثر سلباً على الاقتصاد اللبناني في وقت نحن بأشد الحاجة إلى تدعيم الثقة بالإقتصاد لجذب الأموال التي بدأت تُفضل دولاً إقليمية مجاورة على لبنان رغم ما يؤمنه من قدرة تنافسية إن من ناحية الموقع أو من ناحية حرية تنقل رؤوس الأموال والسرية المصرفية كما والنظام الضريبي”.
وعن مدى تأثير التمديد سلباً على الاقتصاد، يلفت حكيم الى “أن الوضع الأمني يأتي كعامل مضاعف لتداعيات التمديد وإذا ما إستمر الوضع الأمني على ما هو عليه، فإنه من الصعب فصل التداعيات الآتية من التمديد من تلك الآتية من الوضع الأمني. لذا وكحكومة مصلحة وطنية، نعمل بكل قدراتنا للسيطرة على الوضع الأمني لكي يتمكن الاقتصاد من التنفس”.
أما في ما يخص آلية تمدد التداعيات السلبية، فيقول حكيم أن الثقة المفقودة نتيجة التمديد والوضع الأمني ستؤثر على المستهلك الذي سيحصر مشترياته بالمواد الأساسية (مواد غذائية، طبابة وتعليم) وسيقل إستهلاك الخدمات عموماً والترفيهية خصوصاً. ومن جهة المستثمر، فسيعمد إلى التريث في الإستثمار بإنتظار الوضع الأمني والسياسي هذا إذ لم يُفضل خوض الإستثمار في بلد مجاور. بالطبع كل ذلك سيُترجم بقلة المدخول مع إستمرار النفقات على المعدل نفسه مما يعني زيادة العجز وبالتالي الدين العام وما لهذا من تداعيات على التصنيف الإئتماني. لكن لنكن واقعيين، هذا سيناريو تشاؤمي ولا نظن أنه سيحدث بالضرورة وخصوصاً أن التمديد إذا حصل فيجب أن يكون تمديدا تقنيا لأشهر عدة وذلك بهدف إنتخاب رئيس للجمهورية”.
إستنشق الاقتصاد بريق أمل بعد تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام مما دفع بوكالة “ستاندراد اند بورز” للتصنيف الائتماني في 11 نيسان 2014 الى رفع تصنيفها لآفاق لبنان الى “مستقرة” بعد أن كانت “سلبية” منذ أيار 2012، اذ إعتبرت أن مخاطر تصعيد التوتر الداخلي قد تراجعت والنظام المالي اللبناني يدعم تسديد الديون. ولكن الملفت كان تأكيد الوكالة انها لا ترى افاقا كبيرة لحصول تحسن ملحوظ لأسس الاقتصاد الكلي او في المالية العامة. وإعتبرت ان الاخطار الامنية والسياسية ستظل تلقي بظلالها على الاستقرار والنمو بإشارة واضحة الى ان تحسين تصنيف النظرة المستقبلية تجاه لبنان لا يعني إستبعادا لخفض جديد للتصنيف بحد ذاته. وطبعاً أي إشارة على غياب توافق سياسي حول الملفات ذو تداعيات إقتصادية بالاضافة الى تراجع ثقة المستثمرين بالسوق اللبنانية نتيجة الفشل في إدارة مفاصل الدولة حتما سيؤدي بوكالات التصنيف الى إعادة النظر سلباً بنظرتها تجاه تصنيف لبنان.
وأيضاً من عواقب التمديد الخلافات الدستورية حيال صلاحيات مجلس النواب الممدد له تجاه الملفات الاقتصادية والمعيشية ومواكبة عمل الحكومة ومشاركتها في وضع خطة إقتصادية تُنقذ لبنان من مهب الإعصار الذي يضربه. إشارة الى ان تزعزع الإستقرار الإقتصادي في لبنان ينعكس حكماً على حجم الإستثمارات الأجنبية فيه بعد ان تراجعت بحوالى 23% على أساس سنوي خلال 2013 بحسب تقرير الإستثمار العالمي 2014، الذي يصدر سنوياً عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “اونكتاد”.
بالاضافة الى ذلك، مع التمديد لمجلس النواب، تتدهور مرة أخرى صورة لبنان واقتصاده المنفتح على العالم، حيال المؤشرات والخصائص التي تتميز بها الدول المتقدمة والمتحضرة. فمع غياب تنظيم إنتخابات ديموقراطية في ظل الفشل في التوافق حول كيفية إتمامها ( قانون الانتخاب، التدهور الامني، الخلافات السياسية…) سيشهد لبنان مرة جديدة تراجعاً في تصنيفه حيال: مؤشر التطور الإنساني (Indice de Développement Humain – IDH) ، مؤشر الديموقراطية، مؤشر التنمية والتطور وغيرها من المؤشرات ما سينعكس حكماً على وضع الاقتصاد لكون المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية، من صندوق النقد والبنك الدولي ومصارف التنمية الدولية ، لن يكونوا حاضرين هذه المرة لدعم لبنان.

السابق
الصور الحصرية لفستان زفاف أنجيلينا
التالي
حادث سير على طريق برجا