الحركات السنّية الدينية في 8 آذار «إلى انحسار»

فيما تتسع مساحة حضور الحركات والقوى الاسلامية السلفية المجاهدة والدعوية في الشارع السنّي في اكثر من منطقة وخصوصاً في طرابلس وبقية مناطق الشمال اضافة الى اماكن لبنانية أخرى، ينحسر حضور القوى السنية الدينية المحسوبة على 8 آذار والتي تربطها علاقة تعاون مع عمود هذا الفريق: “حزب الله”.

والملاحظ أن “هيئة العلماء المسلمين” باتت الرقم الأول في البيئة السنّية من بين سائر القوى الدينية والتي تنشط في المسرح السياسي وهي تضم خليطاً من رجال الدين والجهات التي وجدت ملاذها في هذا الاطار الذي كان له رأيه حتى في انتخابات دار الفتوى من موقع المعارضة لطريقة وصول الشيخ عبد اللطيف دريان الذي انتخب مفتياً للجمهورية.
ومن يتابع حركة “الهيئة” والمتعاطفين من الجمهور السني الذين يؤيدون “الثورة السورية” وينتظرون بفارغ الصبر اليوم الذي يتم فيه القضاء على الرئيس السوري بشار الاسد، يجد ان “الارضية” في الشارع الاسلامي الشمالي تعود الى هؤلاء على حساب قوى محسوبة على 8 آذار مثل جناحي “حركة التوحيد الاسلامي” و”جبهة العمل الاسلامي” وغيرهما.
وعند سؤال عدد من المشايخ عن “داعش”، لا يخفون تعاطفاً مع “جبهة النصرة” التي يحاول قادتها تقديم انفسهم بلبوس لا يشبه وجه “داعش” الذي يقوم على الذبح واعمال القتل والترهيب وآخر “مآثر” رجاله وما فعلوه ويواصلونه ضد المسيحيين وابناء الطائفة الايزيدية في الموصل ونينوى ومناطق عدة في العراق.

هل توجد عناصر “نائمة” لـ”داعش” في الشمال؟
لا أحد من القوى والهيئات والمشايخ الذين يبدون تعاطفهم مع المناوئين للنظام في سوريا يستطيع أن يخرج الى العلن ويردد “اننا مع داعش”، لكن ثمة حلقات دينية تعقد تبارك افعال “داعش” و”النصرة” وصمودهما في وجه الآلة العسكرية للنظام فضلا عن “حزب الله”.
وفي معلومات ان ثمة برقية صدرت قبل أربعة أيام وجرى توزيعها على المراكز العسكرية في الشمال وتدعو الضباط والجنود الى اخذ اقصى درجات الحيطة والحذر، وتفيد ان عناصر مجموعة محسوبة على “داعش” في احدى مناطق طرابلس وتنتظر الفرصة السانحة للهجوم على مواقع للجيش، الامر الذي دفع الاخير الى أخذ المزيد من الاحتياطات والاجراءات، لأن “درس عرسال” لا يزال ساخناً وفي البال والأزمة لا تزال مفتوحة في ظل عدم التمكن من الافراج عن العسكريين المخطوفين من الجيش وقوى الأمن الداخلي.
في خضم النشوة التي يعيشها السلفيون الجهاديون في لبنان، بات من الملاحظ وفي شكل واضح ان القوى الاسلامية السنية المحسوبة على 8 آذار لم تعد قادرة على الوقوف في وجه تمدد مناوئيها ولا يمكن لأي مراقب الا لمس الامور الآتية:

حركة التوحيد الاسلامي” التي يقودها الشيخ بلال شعبان لا تستطيع مواجهة السلفيين المتشددين الذين يخالفونها الرأي والمنهج والموقف السياسي. ولا تقدر هذه الحركة التي تمثل شريحة لا بأس بها من الشباب السني على الاصطدام بشارعها في مدينة “ممسوكة” دينياً في أيدي “هيئة العلماء المسلمين” وهذا ما برز في الصلاة الاخيرة لعيد الفطر.
أما جناح “حركة التوحيد” الذي يمثله الشيخ هاشم منقارة فلم يعد موجوداً بالزخم الذي كان عليه قبل اعوام لاعتبارات تنظيمية ومالية ولوجستية، وخصوصاً بعد تفجيري مسجدي التقوى والسلام قبل عام.

– كل الحديث الذي يقدمه صقور في 8 آذار من وجود لـ“سرايا المقاومة” في طرابلس يأتي من باب التصادم الاعلامي والسياسي وحشر “حزب الله” الذي يرعى هذه “السرايا” ويوفر لها الدعم المادي والعسكري، مع العلم انها تحافظ على وجودها في صيدا رغم كل ما حصل في الاخيرة والنداءات التي يطلقها “تيار المستقبل” ونوابه وقادته لمنع هذه “السرايا” في عاصمة الجنوب.
– أما “تجمع العلماء المسلمين” الذي يشكل المظلة الروحية لـ”حزب الله” ويضم مجموعة لا بأس بها من المشايخ السنّة فهو نخبوي ويقيم أكثر نشاطاته في الضاحية الجنوبية وبيروت.
ويعترف شيخ في هذا “التجمع” بانحسار دور القوى السنية الدينية التي تدور في فلك 8 آذار، لدرجة انها لم تعد تستطيع احياء احتفالات دينية وثقافية في طرابلس. وان هذه الاطراف تعتمد سياسة “لامبالاة” حيال التحدي الذي يواجهها والامر نفسه ينسحب على “جبهة العمل الاسلامي” المحسوبة على الحزب، وان كل هذه القوى مجتمعة لم تحسن “استغلال” مجازر “داعش” وبشاعاته وجرائمه في حق المسلمين وغيرهم وابراز هذه الافعال.

السابق
هل تتخلّى 14 آذار عن جعجع؟
التالي
هاشم: لا لمقايضة العسكريين المخطوفين أو الرضوخ لمطالب الخاطفين