سوق رصاص في الشيّاح احتفالاً بكلمة برّي: ’قرّب عالطيّب’

قبيل كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري، احتفل أهالي الشياح بافتتاح "سوق الرصاص" المجاني، ونادوا على الأهالي: "قرّب عالطيّب" ليختاروا ما يشتهون. وعلا الرصاص الرطائش في سماء الوطن "الطائشة". فهل من يمنع الموت والإصابات العشوائية؟

استيقظت من النوم في منتصف اللّيل، مبللاً من شدّة التعرّق بسبب ارتفاع درجات الحرارة ليل السبت-صباح الأحد. تناولت الإفطار سريعاً، أحضرت أغراضي وذهبت إلى البحر في منطقة الجيّة، علّني أحظى ببعض الهدوء والنسيم العليل. مضى يوم الأحد سريعاً.

أبقى عادةً على الشاطئ حتّى الساعة التاسعة مساءً، وفي حوالى الساعة الثامنة من مساء ذلك اليوم، وبينما كنت”أتلذذ” بنرجيلة مع فنجان شاي والهدوء يعم المنطقة، سمعت رشاقات نارية سريعة متتالية. ارتبكت لا أدري ما أفعل، صعدت أنا وصديقي لنتدارى في غرفة حرصاً منّا على عدم إصابتنا بطلق نار قد ينهي شبابي الذي أعتقد أنني ما زلت بحاجة إليه وأنا أب لثلاثة أولاد، وتجدر الإشارة إلى أنّي بدأت حديثاً بتقسيط شقة بواسطة مصرف الإسكان.

للوهلة الأولى، أرعبني الصوت وفكّرت أني في أرض معركة، وصرت بعدها أحلّل وأتساءل هل يعقل أن حزب الله أو حركة أمل تعاركا مع أهالي السنّة أو المسيحيين في منطقة الجيّة، وتوسعت في التخيّل لأرى حرباً أهلية طويلة الأمد. وأنا غائص في تحليلي السياسي الميداني، رأيت مسؤول الاستراحة يمشي من أمام الغرفة غير مبال بالمعركة التي تحدث، من خلال غزارة النار التي كنّا نسمعها، فناديته، وأجاب: نعم.

قلت له: ’ماذا يجري كنّا هنا الأحد الماضي وكنتم أحباب والعيش المشترك مئة بالمئة، ماذا يحدث؟’. ضحك وقال لي: ’الأستاذ يتكلّم’.

ولكن وللوهلة الأولى وعن غير قصد والله العظيم، سألته: ’مين الأستاذ؟’. قال بدهشة: ’ماذا؟ مين الأستاذ؟’. فكررّتُ السؤال. عندها أجابني إنّه ’رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري يتحدث في خلال السنة 36 على غياب السيد موسى الصدر’.

عندها مسحت العرق عن وجهي، وتنفست الصعداء، ولكن لم يعد بمقدوري إكمال النرجيلة، فحزمت أمتعتي وغادرت المكان. وعند وصولي إلى البيت الكائن في الضاحية الجنوبية. سألت هناك: ’هل أطلقوا النار هنا في خلال كلمة الأستاذ؟’. قالوا: ’أوووه… ولعت هنا…’.

فقال أحدهم، بنبرة فيها ما فاض من العزّة والعنفوان أنه ’في منطقة الشياح، افتتح اليوم – أي الأحد – سوق الأحد ولكنه ليس على شاكلة سوق النبطية أو بنت جبيل، كلاّ وألف كلاّ.. سوق من نوع آخر: سوق الرصاص’ قلت له: ’فعلاً، عظيم عظيم’.

وما هو سوق الرصاص العظيم هذا وما هي مهمته، قال المصدر أن أبناء منطقة الشياح افترشوا الطاولات في الشارع قبيل كلمة بري وعرضوا عليها الرصاص وبعض الرشاشات الحربية، وعلى ’عينك يا تاجر’، وأخذ أهالي المنطقة وغيرها من المناطق يقتربون من البضاعة التي على الطاولة، يأخذون ما يشتهون منها، ويطلقون النار إلى أين لا اعلم ’مجاناً، حلالاً وزلالاً’.

وطبعاً، أولاً لا أحد يستطيع ردعهم لأسباب لم تعد خافية على أحد. وثانياً فإن الدولة معذورة لغيابها، لأنها مشغولة جداً في كيفية تزويد الناس بالتيار الكهربائي، والاهتمام بشؤون وشجون المواطن.

وتجدر الإشارة إلى ان عشرات اللبنانيين يموتون سنويا بسبب الرصاص الطائش الّذي يعلو فيسماء الوطن كلما اعترى أحد السياسيين المنابر، ليزيدنا علماً بشؤون الوطن.

السابق
سلام: خطف العسكريين استهداف لكل لبنان
التالي
رئيس الوزراء البريطاني اعلن خطة لتشديد اجراءات محاربة الارهاب