بري: التصدي للإرهاب مسؤولية مشتركة.. وانتخاب الرئيس «خيط أبيض»

مرة أخرى، اضطرت الظروف الأمنية القاهرة الرئيس نبيه بري الى الاستعاضة عن إقامة المهرجان الخطابي المعتاد في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر بإلقاء كلمة متلفزة، بحضور رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وعدد من أفراد عائلة الصدر وقيادات حركة «أمل»، وشخصيات اعلامية.

في الخارج، إجراءات أمنية دقيقة تُصنَّف في خانة ما فوق العادة، لكنها في الوقت ذاته سلسلة وانسيابية. أما في الداخل، فقد ازدحمت القاعة الكبرى في عين التينة بالضيوف وبمقتطفات من أرشيف الصحف الذي يختصر بعضا من ماضي الإمام، الحاضر بمواقفه ووصاياه أكثر من أي وقت مضى.
ولأن التحديات كثيرة، فقد جاء خطاب بري شاملا وإستراتيجيا، قارب الإرهاب التكفيري والخطر الاسرائيلي وهجرة الأقليات على أنها مخاطر تهدد جميع مكونات لبنان والمنطقة، وبالتالي فإن الكل معني بمواجهتها من دون «تخصصية» وهمية، تمنح كل طائفة دوراً منفصلا عن دور الطائفة الاخرى.
وعلى قاعدة استفحال التهديد الوجودي، اعتبر بري أنه بات من الضروري والبديهي الاتفاق على إستراتيجية دفاعية وتعميم المقاومة الى جانب الجيش، لأن كل حدود الوطن أصبحت مهددة من اسرائيل والإرهاب التكفيري.
أكد الرئيس بري، «عدم التواني عن متابعة قضية الصدر»، لافتاً إلى أنه «مع ليبيا الثورة لم يكن لنا من همٍّ سوى الإمام الصدر». موضحا أن القضية لا تزال قيد النظر في شقٍّ منها أمام المجلس العدلي في لبنان، أما على الصعيد الخارجي «فقد تم تشكيل لجنة متابعة رسمية بقرار من مجلس الوزراء، وهي لم توفر جهداً في أي مكان وعلى أي صعيد، لكن وللأسف، مع انهيار الأوضاع في ليبيا كان لا بد من وضع خطة للبقاء على أهبة الاستعداد وترقّب الأمور واقتناص الفرص للمتابعة والعمل».
على الصعيد الوطني، شدّد الرئيس بري على «ان انجاز الاستحقاق الرئاسي سيبقى يحتل موقع الأولوية، لأن الدولة لا يمكن لها السير من دون رأس، ولأن ثقة المواطن بالدولة وثقة العالم بلبنان ستبقى مهتزّة اذا استمر العجز عن انجاز انتخابات الرئاسة. ونحن نرى، كما رأى الامام الصدر في ايار العام 1976، ان فصلاً جديدا من حياة الوطن والمواطن يبدأ مع انتخاب رئيس للجمهورية يمكنه ان يكون الخيط الابيض من فجر الأمل وبداية النهاية من ليلتنا الظالمة المظلمة».
أضاف «أن إتمام انتخابات الرئاسة أمر سيعبّر عن قوة وحدتنا، ورسوخ نظامنا وسيفتح الباب لانجاز مختلف الاستحقاقات، التي تدق على الابواب، ومنها الانتخابات النيابية، مما يعيد الى لبنان بهاء نظامه البرلماني الديموقراطي، ويطلق عملية سياسية نحن أحوج اليها لمواجهة استحقاقات وتهديدات الإرهاب العابر للحدود والدول، وهي تهديدات طرقت ابوابنا وشعرنا بها طوراً على شكل أزمة نازحين، وتارة على شكل معتقلين وتفجيرات واجتياحات كما حدث لعرسال، وجولات لحروب صغيرة كتلك التي شهدتها طرابلس وصيدا».
ورأى أنه «آن الأوان لكي نهبَّ جميعا لتوحيد الصفوف ونضع حدا لكل صراع وشقاق، ونثبت اننا اقوى من الفتن، ونحفظ بلدنا انموذجا لتلاقي الحضارات، وصيغة العيش المشترك في هذه القرية الكونية».
واعتبر ان «الوحدة الوطنية الآن، وفي كل آن تشكل ضرورة وطنية في سبيل مواجهة الإرهاب كما كانت سلاحنا الأمضى بمواجهة العدوان الاسرائيلي العام 2006». وأكد أن «التصدي للارهاب التكفيري ليس مسؤولية السنّة في لبنان، كما ان التصدي للعدوان الاسرائيلي ليس مسؤولية الشيعة، والتصدي لتهجير الاقليات ليست مسؤولية المسيحيين. ان التصدي للارهاب والعدوان والتهجير هو مسؤولية وطنية مشتركة تعبر عنه الدولة الواحدة، ومن الضرورة بمكان ان يكون مسؤولية عربية ودولية مشتركة».
ودعا إلى «تأكيد الاستثمار على زيادة قوة الردع الوطنية التي تميز الجيش اللبناني، وزيادة عديده وتحديث عتاده وانجاز ايصال المعدات المطلوبة للجيش من فرنسا بموجب المكرمة السعودية الأولى، وتوظيف المكرمة الثانية وبالسرعة المطلوبة، والانتباه إلى ضرورة تنويع مصادر الأسلحة».
أضاف: «إن ما يحدث في العراق أو سوريا او اليمن او ليبيا او تونس وما يتهدد دائما الشقيقة الكبرى مصر، أمر يعني لبنان، لأن لبنان هو مرآة الشرق».
وشدّد على «ان لبنان يجب ان يكون محامي التعايش الذي شكّل عنوانا لهذا الشرق العربي». مؤكداً انحياز حركة «أمل» إلى المقررات التي اتخذها بطاركة الكنائس الشرقية في الديمان.
ورأى أنه «آن الاوان من أجل ضخ الحياة في مشروع الدولة والعبور فعليا إلى الدولة ورسم خريطة طريق إلى ذلك يلتزم خلالها الجميع بتنفيذ كامل لاتفاق الطائف بشقيه الدستوري والاصلاحي لا التلاعب استنسابيا بتنفيذه».
وشدد على «ان العبور الى الدولة يستدعي التزام الجميع بالدستور ووقف سياسة تعطيل مؤسسات الدولة لحساب او على حساب مؤسسة أخرى جرى فيها شغور او استقالة».
وفي الموضوع الفلسطيني أشار بري إلى أن رهانه اليوم هو على وحدة الموقف الفلسطيني، داعياً الى العودة الى مشروع فلسطين والى الاصطفاف خلف هذه القضية المركزية.
ورأى أنه «آن الاوان لاعتراف الجميع ان الحل السياسي هو السبيل لحل المسألة السورية واليمنية والليبية ومنع وقوع تونس ضحية العنف، وأنه لا بد من عمل عربي موحد وإستراتيجية عربية موحدة لمواجهة الارهاب، وأن هذه المواجهة ليست أمنية وعسكرية فحسب، بل هي ثقافية وتستدعي دور المرجعيات الاسلامية لنشر مبادئ الدين الحنيف والتصدي لتشويه الدين».

 

السابق
الجيش العراقي يحرر مدينة سليمان بيك بالكامل
التالي
السنيورة يمد اليد لـ’الشركاء في الوطن’ لانتخاب رئيس