حمزة ابن السنتين نجل الجندي المخطوف يسأل «وين البابا؟»

تلوّح والدة المخطوف علي قاسم علي (27 عاماً، من بلدة الخريبة البقاعية) بيديها، وتشير تارة الى حفيدها الوحيد حمزة ابن السنتين نجل المخطوف علي، وتقلب تارة أخرى صور نجلها التي تحتفظ بها.

واحدة وهو يداعب ابنه حمزة، وأخرى ببزته العسكرية، وتحاكي ذكرياتها معه. وتارة تمسح دموعها التي تغدرها شوقاً إلى ابنها الغائب عنها. الحسرة الاكبر ان ابنها علي لم يظهر في الشريط الذي كشفته الجهة الخاطفة الى جانب الـ 24 مخطوفاً من العسكريين الذين ظهروا خلال الايام الماضية. ولذا لم يطمئن قلبها إلى وضع ابنها.
كل ما تعلمه العائلة عن مصير ابنها صورة شمسية عرضتها احدى وسائل الاعلام الى جانب صور اخرى من اصدقائه، وليس باليد حيلة والأخبار التي تردهم هي من وسائل الاعلام ومع كل خبرية، تشكل تجديداً لحرقة القلب، والخبر السار لم يرد حتى الآن.
تتصل العائلة في شكل شبه يومي بعائلات المخطوفين الآخرين الذين جمعتهم مصيبة واحدة وتحاول البحث عن أي خبر أو مؤشر يبعث الأمل في النفوس، وينتهي كل اتصال عبر لقاء او عبر الهاتف بكلمة “ان شاء الله خيراً”، لأن اي جديد لم يردهم في قضية خطف أولادهم سوى اشراقة صباح جديد ليصبح العدد 26 اشراقة مرت على خطفهم.
والأهل يرفضون الحديث عن مخطوف واحد “فالجميع أولادنا ويجب ان يكون مصيرهم واحداً ويعودوا إلى منازلهم وعائلاتهم سالمين.
“الحاج قاسم” والد المخطوف لا يزال متماسكاً علماً أنه خضع لعمليات عدة بعد نوبات قلبية. وهو يقول لـ”النهار”: “لا نريد أقوالاً، بل نريد أفعالاً ومهما كان الثمن يجب أن تلاحق قضية أولادنا حتى عودتهم سالمين وللإعلام دوره المهم في هذه القضية”، مناشداً المسؤولين كافة وجميع الدول المساعدة في انهاء هذه الازمة الانسانية. ولأهالي عرسال حصة في مناشدته وقد توجه اليهم بالقول: “لا تبخلوا في مساعدتنا فمصائبنا واحدة”.
تقطع والدة المخطوف سميرة كنعان حديث زوجها وتقول “اتوجه الى الخاطفين واقول: “ان كنتم مسلمين فبحق الاسلام ولوجه الله ارجعوا لنا أولادنا، وللمسؤولين أقول باسم الأديان كلها كونوا مسؤولين ولا تبخلوا في المساعدة”.
والمخطوف كان ملتحقاً بخدمته في اللواء الثامن في مركز الحصن في عرسال وهو النقطة التي كانت تعرضت للهجوم الأول من المسلحين في 2 أيلول الحالي وكان خلالها على تواصل دائم مع العائلة عبر الهاتف. وفي اللحظات الأخيرة أبلغ إلى شقيقه الأصغر فارس علي كلماته الاخيرة قبل فقدان الاتصال معه اي عند الساعة السادسة والنصف مساءً “أن أكثر من مئتي مسلح يهاجمون المركز وبدأوا الاحاطة بنا وأصبحوا على مسافة أمتار من مركزنا، عائلتي أمانة بين أيديكم، وكانت زخات الرصاص الغزيرة نتيجة الاشتباكات تسمع خلال الاتصال الى أن قال له خلص لهون وبس انتبه لحالك”.
وانتقالاً الى القرية الجارة من الخريبة وعلى بعد مئات الأمتار، وتحديداً بلدة حورتعلا حيث منزل المخطوف العريف في الجيش علي زيد المصري (31عاما) متأهل منذ عشر سنين وأب لخمسة أولاد: الطفل عباس(عام واحد)، حسين (3 أعوام)، حنين (5 أعوام)، والتوأم بنين و زيد (7 أعوام). تتجمع العائلة داخل المنزل وتواصل اتصالاتها لمعرفة مصير ابنها.
زوجة المخطوف زهراء تحتضن أولادها الخمسة عاجزة أمام أسئلتهم التي هي أشد الكلمات قساوة: “وين البابا؟”.
تحاول والدته ليلى المصري التخفيف من روعة الزوجة الا أن ملامحها لا تخفي ألمها بفراقها عنه. “الصورة غير مسموح بها، وحالتنا لا تسمح بذلك. نريد أن نظهر أقوياء ولا بد من تقبلنا للواقع”. وتدعو لنا “الله يحميكن يا ابني”.

السابق
أوباما يوفِد كيري إلى المنطقة لتكوين حلف لمحاربة ’داعش’
التالي
مأزق عرسال مجدداً وأسلحة أميركية للجيش اليوم