أوباما يوفِد كيري إلى المنطقة لتكوين حلف لمحاربة ’داعش’

كتبت “الجمهورية” تقول: نشطت المساعي الديبلوماسية أمس لوَقف تقدُّم تنظيم “داعش” الذي أعدم عشرات من الجنود السوريين الذين كانوا يحاولون الانسحاب من محيط مطار الطبقة العسكري في الرقة بعد أسرِهم، وقد أوفدَ الرئيس الأميركي باراك أوباما وزير خارجيته جون كيري إلى المنطقة للعمل على تكوين حلف إقليمي لمحاربة الإرهابيين. أمّا لبنانيّاً، فقد اشتعلت جبهة عرسال مجدّداً، ودارت اشتباكات في جرودها بين الجيش والمسلحين، فيما بقيَت قضية العسكريين المخطوفين عالقة، من دون تسجيل أيّ جديد للإفراج عنهم.

شرحَ الجيش في بيان تفاصيلَ الاعتداء الجديد عليه في عرسال، معلناً عن فقدان أحد العسكريين وإصابة آخر بجروح خلال اشتباكات مع مسلحين إرهابيين، عندما تعرّضت آلية عسكرية تابعة له، بداخلها خمسة عسكريين، لمكمن إرهابيّ مسلّح في منطقة وادي الرهوة – عرسال، فشنَّ الجيش هجوماً على المسلحين وتمكّن من إنقاذ أربعة من العسكريين ودمّر آليّة للإرهابيين مجهّزة بمدفع مضاد للطائرات من عيار 23 ملم، وأصاب مَن في داخلها بين قتيل وجريح”.

مصدر عسكري لـ”الجمهورية”

وفي هذا السياق، روى مصدر عسكري لـ”الجمهورية” تفاصيلَ ما حدث، فقال إنّه “فيما كانت دورية من الجيش مؤلفة من خمسة عناصر تستطلع لحماية أحد المراكز العسكرية في جرد عرسال، خرجَت عن نطاقها، فتعرّضت لمكمن مسلح، ولم تتمكّن من العودة إلى مركزها بسبب إطلاق النار عليها، فطلبَت عندئذ المؤازرة.

على الأثر، سارعت وحدات الجيش المنتشرة هناك الى التدخّل، ونفّذت عملية خاطفة تحت غطاء ناري كثيف، ودارت معركة عنيفة استطاع الجيش خلالها إنقاذ الدورية”. وأكّد المصدر أنّ “الجيش أعاد العسكريين الأربعة، فيما فقد الاتّصال بالخامس”.

إلى ذلك، أوضح المصدر أنّ أحد مراكز الجيش تعرّض ليل أمس الأوّل لإطلاق نار، فردّ بعنف مستخدماً المدفعيّة. وأكّد أنّ “الوضع داخل عرسال طبيعي جداً، وأنّ الجيش بسَط سيطرته وسيادته على المنطقة بكاملها”. وإذ رفض “تضخيمَ الوضع والتكهّن بما سيحصل مستقبلاً”، طمأنَ إلى “أنّ الوضع في عرسال مضبوط ويخضع لمراقبة شديدة”.

وقالت مصادر أمنية وعسكرية إنّ الجيش واصلَ عصر أمس وليلاً قصفَ مواقع الارهابيين وتجمّعاتهم في جرود عرسال بالمدفعية لمنعِهم من دخول البلدة وإبعادهم عن مراكزه.

وترافقت العلميات العسكرية مع حركة نزوح لأهالي عرسال إلى مناطق اعتبروها أكثر أمناً، خوفاً من تجدّد الاشتباكات وعودة المسلحين.
وفي وقت أفادت المعلومات أنّ أحد العسكريين من المجموعة التي تعرّضت لمكمن بعد ظهر أمس قد خُطف، أكّدت مصادر مطلعة أنّ الجندي لم يُخطف بدليل أنّ المسلحين نفوا حصول ذلك في مقابل إصرار المراجع العسكرية المعنية على اعتباره مفقوداً حتى إثبات العكس، من دون أن تستبعد إمكان أن يكون مختبئاً في مكان ما أو أنّه أصيب وهو في مكان ما لم يحدَّد بعد.

“داعش” تذبح جندياً

وفي جريمة إرهابية بربرية، أعلنَ تنظيم “داعش” ذبحَ جنديّ لبناني كان في عداد المخطوفين لديه، وعُلم أنّه يُدعى علي السيد، وهو نجل مختار بلدة فنيدق العكّارية ومن مواليد 1985 وله ثلاثة أشقّاء في المؤسسة العسكرية، وسبقَ أن ظهر في شريط فيديو أعلنَ فيه انشقاقه عن الجيش.

وقد نَشر حساب “أبو مصعب حفيد البغدادي” عبر “تويتر” صوَراً مؤلمة لعملية الذبح، تُظهر بربرية التنظيم، مُرفقةً بتغريدات محرّضة على الجيش.

وفيما لم يؤكّد أيّ مصدر حدوثَ الجريمة، قطع أهل بلدته الطرُق المؤدية الى مداخل البلدة نحو برقايل والقرى المحيطة بها رفضاً للجريمة، وشهد منزل ذويه تجمّعات لأهالي البلدة دانوا الجريمة بشدّة.

إجتماع أمني

وفي هذه الأجواء كشفَت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” أنّ رئيس الحكومة تمّام سلام سيرأس في الساعات المقبلة اجتماعاً أمنياً طارئاً في حضور قادة الأجهزة الأمنية، للبحث في التطوّرات الأمنية المتسارعة في عرسال وما رافقها.

مجلس وزراء

وكانت جلسة مجلس الوزراء “عرساليّة” بامتياز، حيث توقَّف المجتمعون عند مجمل الأوضاع الأمنية في البلدة وعلى حدودها وداخل الجرود، واستَمعوا الى وزيرَي الدفاع والداخلية، والى تقارير أمنيّة تتعلق بوضع المسلّحين الذين أكّدت معلومات خطيرة جداً ازدياد أعدادهم وتعزيزاتهم.

وعلمت “الجمهورية” أنّ مجلس الوزراء أجمَع على اعتبار وضع عرسال شديدَ الخطورة وفق هذه المعلومات، التي دفعت ببعض الوزراء الى حبس أنفاسهم، خصوصاً أنّه لا تزال هناك معابر في تصرّف المسلحين، فيما رُصِد داخل البلدة في الايام الماضية تعزيز مراكز سرّية لهم وتركيز رشّاشات على سطوح بعض الأبنية وتجوّل مقنّعين في بعض أحيائها ليلاً.

وأبدى كلّ وزير وجهة نظره، وتبيَّن أنّ الصورة غير واضحة عند أيّ منهم، ولدى كلّ وزير تساؤلاته. وسأل البعض عن مدى ارتباط تطوّر الوضع في عرسال ببعض المناطق اللبنانية، متحدّثاً عن “نار تحت الرماد”. وأمام خطورة الوضع، شدَّد سلام على ضرورة وحدة الحكومة شرطاً أساسياً لمواجهة هذا الواقع.

العسكريون المخطوفون

وقالت مصادر وزارية لـ”الجمهورية” إنّ موضوع التفاوض لإطلاق العسكريين المختطفين لدى “داعش” و”النصرة” بات معقّداً جداً، وأن لا تجاوب لدى المسلحين الذين يعلنون كلّ يوم مطلباً جديداً، ولا قرار موحّداً عندهم.

وعن تفويض المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم رسمياً متابعة هذا الملف، قالت المصادر: “لا يمكن مجلس الوزراء أن يخطو هذه الخطوة لأنّه يرفض أصلاً التفاوض مع المسلّحين، وبالتالي فإنّ أيّ عمل سيقوم به ابراهيم يدخل في طبيعة عمل الاجهزة الامنية الاستخباراتية، وهذا الامر يحصل عادة في أحداث كهذه”.

ولفتت المصادر الى “أنّ الوضع هذه المرة مختلف تماماً عن قضية مخطوفي أعزاز وراهبات معلولا، لأنّ طبيعة المعركة مختلفة، وكذلك عناصرها وأدواتها، ما يعني أنّنا سنكون في مواجهة من نوع آخر تتداخل فيها عوامل عدة، ولن تتَّضح معالمها قريباً حتى إنّ الحديث عن وساطة قطرية وتركية لا يعدو كونه “طراطيش كلام”.

وعلمت “الجمهورية” أنّ اللواء ابراهيم طلب بدوره مهلة زمنية لترتيب الملف ودرسه وتجميع المعلومات، لأنّ ما من جهة تُعطي صورة واضحة عن المسلّحين ومطالبهم أو تتحدث باسمهم.

وأشارت المصادر نفسها إلى أنّ هذا العمل يدخل ضمن صلاحيات الأمن العام الذي يتولّى ملفات لها علاقة بأمن لبنان الخارجي، تماماً كما حصل في تلكلخ (استعادة الجثث) وملفّي أعزاز وراهبات معلولا (استعادة المخطوفين)، مؤكّدةً أنّ الملف لا يزال في مراحله الأولى وهو يتأثر بغياب القرار الحكومي الموحَّد والتسريبات التي تشوّش عليه.

وتحدّث عدد من الوزراء، فلفتَ وزير العمل سجعان قزي إلى ثلاثة أسئلة أساسية مطروحة على الرأي العام والمسؤولين في آن، وهي: الوضع في عرسال بشقّيه الأمني والعسكري، ومصير المخطوفين العسكريين وحصيلة الاتصالات والمشاورات الجارية ونتائج الوساطات حتى اليوم، إضافة إلى مصير الهبَتين السعوديتين لدعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية.

وردّ سلام شارحاً الظروف التي رافقت التأخير في الهبة الأولى رافعاً المسؤولية عن القيادات والمسؤولين اللبنانيين، معتبراً أنّ مِن المعيب الحديث في هذا الموضوع عن “كوميسيونات” لبنانية ومُدرجاً التأخير في إطار التدابير المالية والإدارية البطيئة بين الدوَل في عمليات ماليّة كبيرة كهذه.

أمّا الهبة الثانية فهي على الطريق الصحيح ولا بدّ من بعض الإجراءات الإدارية والمالية التي يشرف عليها الرئيس سعد الحريري لتسييل الهبة وجعلها قابلة للصرف والإفادة منها بالسرعة القصوى.

ثم تحدَّث سلام عن خطورة الوضع في عرسال مشيراً إلى “أنّنا نترقّب المخاطر التي يمكن أن تتعاظم نتيجة التطورات في أزمات المنطقة، ولا سيّما الأزمتين العراقية والسورية اللتين تلقيان بتبعاتهما على الساحة اللبنانية ومتنفّسها عرسال.

خليّة وزارية

وقال مصدر وزاري إنّ وضع عرسال يحتاج إلى خلية وزارية متخصّصة لمتابعته، وأسفَ لعدم اهتمام بعض الوزراء بهذا الوضع إبّان جلسة الأمس، ودعا إلى إعلان حال طوارئ قبل فوات الأوان.

المشنوق

وكشفَ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لـ”الجمهورية” أنّه سيزور رئيس تكتّل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون، مؤكّداً أنّ هدف الزيارة مناقشة الوضع الخطير في عرسال، والذي يتقدّم على كلّ المواضيع الأخرى، على أهميتها، وقال إنّه شرح لمجلس الوزراء بالتفصيل وبالوثائق خطورةَ الوضع هناك.

الاستحقاق الرئاسي

وعلى المقلب الرئاسي، جدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس دعوته الى جلسة عامة لانتخاب رئيس جمهورية جديد ظهر الثلثاء المقبل. وأكّد أمام زوّاره أن لا تطوّر جديداً طرأ حتى الآن في الموضوع الرئاسي، وأنّ الجلسة المقررة قد تلقى مصيرَ سابقاتها. وكرّر دعوته الى الاستثمار في الأمن ودعم الجيش والقوى الأمنية بالعديد والأسلحة والعتاد، مُبدياً استياءَه من الوضع السائد في عرسال، ومشدّداً على وجوب أن يتحمّل الجميع مسؤولياتهم الوطنية لمعالجة الوضع هناك.

وردّاً على سؤال عمّا أُعلِن من أنّ الآلاف من مسلّحي “داعش” و”النصرة” يحتشدون على حدود عرسال، قال بري: “هذه المعلومات ليست جديدة، فقد أبلغتُها إلى سفراء الدوَل الكبرى عندما اجتمعتُ بهم قبل أيام”. وذكّر بأنّه كان السبّاق في الدعوة الى دعم الجيش والقوى الأمنية في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر في مثل هذه الأيام من العام الماضي، إذ دعا يومها إلى تطويع 5 آلاف جندي في الجيش اللبناني ومثلهم في القوى الأمنية.

ومن المتوقّع أن يأخذ موضوع الاستثمار في الأمن حَيّزاً من الكلمة التي سيلقيها بري في الثامنة مساءً بعد غد الأحد في ذكرى الإمام الصدر، إلى جانب حديثه عن الاستحقاقات القائمة ومجمل الأوضاع في المنطقة.

الانتخابات النيابية

على صعيد آخر، بدأت أمس مهلة الترشيحات للانتخابات النيابية التي تنتهي في 16 أيلول المقبل، وقد باشرَت القوى السياسية تحضيرَ ترشيحاتها تلافياً لما تنصّ عليه المادة 50 من قانون الانتخابات من فوزٍ لأيّ مرشّح بالتزكية في حال عدم ترشيح منافسين له في مقعده ودائرته.

وقد بادرَ رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس إلى الاتصال بجميع أعضاء كتلة “التنمية والتحرير” التي يرأسها، طالباً منهم تقديمَ ترشيحاتهم ابتداءً من اليوم، وذلك في خطوة تؤكّد تمسّكه بموقفه المشدّد على ضرورة إجراء الانتخابات وعدم الدخول في تمديد جديد للولاية النيابية الممدّدة.

وعُلم من مرجعيات معنية بإجراء الانتخابات أنّ وزارة الداخلية استشارت هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل عمّا إذا كان القانون الذي أصدره مجلس النواب عام 2013 وعُلّق فيه العمل بالمادة 50 من قانون الانتخاب، ما حال يومَها دون فوز أيّ مرشّح بالتزكية لأنّ القوى السياسية لم تقدّم ترشيحاتها آنذاك ما زال سارياً، فجاء الجواب من الهيئة أنّ هذا القانون قد انتهى مفعوله عام 2013، وإذا كان سيتكرّر ما حصل يومذاك الآن فلا بدّ من قانون جديد يعلّق هذه المادة.

السابق
الانتخابات النيابية في لبنان: كل الخيارات مفتوحة
التالي
حمزة ابن السنتين نجل الجندي المخطوف يسأل «وين البابا؟»