البطاركة يحملون على الصمت العربي والإسلامي

تداخلت العناوين المزدحمة للملفات الداخلية والاقليمية في الحركة النشيطة التي برزت امس سواء في لقاء رئيسي مجلس النواب نبيه بري ومجلس الوزراء تمّام سلام او في اجتماع بكركي الذي ضم بطاركة الشرق وممثلي الكنائس وسفراء الدول الخمس الكبرى والسفير البابوي وممثل الامم المتحدة. واذا كانت مواضيع الاسرى العسكريين والوضع القائم في عرسال وما يتصل بهما من استعجال تسليح الجيش قد احتلت صدارة الاهتمامات الرسمية والحكومية، فان البارز في اجتماع بكركي ان الموضوع الحيوي الاساسي المتصل بقضية المسيحيين في العراق لم يحجب الاستحقاق الرئاسي في لبنان الذي اتخذ منه البطاركة موقفا متقدما للغاية اكتسب دلالات مهمة من حيث ادراجه على مستوى واحد مع موقفهم من مسألة التهديد المصيري لمسيحيي العراق والمنطقة.

وفي هذا السياق، ناشد البطاركة “المسؤولين والمواطنين المحافظة على لبنان دولة مدنية ومنارة حضارية في هذا الشرق”، داعين “بالحاح وبقوة الكتل السياسية ونواب الامة الى فصل انتخاب رئيس للجمهورية عن مسار الاوضاع والصراعات الاقليمية والدولية، والاسراع الى التشاور الجدي والتفاهم لانتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت”، مشددين على ان انتخاب الرئيس “واجب قبل اتخاذ اي قرار في شأن استحقاق مجلس النواب”. اما في قضية مسيحيي العراق، فاتخذ البطاركة موقفاً حاداً من “استمرار الدول العربية والاسلامية صامتة من دون حراك في وجه “الدولة الاسلامية – داعش”. ودعوا هذه الدول الى “اصدار فتوى دينية جامعة تحرم تكفير الآخر الى اي دين او مذهب او معتقد انتمى والى تجريم الاعتداء على المسيحيين وممتلكاتهم وكنائسهم في تشريعاتها الوطنية”. كما طالبوا بتحريك المجتمع الدولي “لاستئصال هذه الحركات الارهابية بجميع الوسائل التي يتيحها القانون الدولي”.

التسليح؟
وسط هذه الاجواء، برزت على نحو لافت في الايام الاخيرة خصوصا مواقف سياسية متعاقبة من موضوع التسليح لبعض الفئات وفي عدد من المناطق، علما ان هذا الموضوع كان برز علناً في بعض انحاء البقاع الشمالي عقب احداث عرسال في 2 آب، إذ اقيمت حراسات اهلية، كما تردد ان بعض المناطق الحدودية في الشمال والبقاع الشرقي شهد مظاهر مماثلة. وبعدما حذرت كتلة “المستقبل” في بيانها الاخير من اي دعوات الى التسلح، برز امس بيان للامانة العامة لقوى 14 آذار اتهمت فيه علنا وتحديدا “التيار الوطني الحر” بدعوة المسيحيين الى حمل السلاح “بالشركة مع حزب الله”، محذرة من ان “التيار يدفع بذلك لبنان الى اعادة انتاج الحرب الاهلية”. واشارت مصادر في قوى 14 آذار الى ان هذا الموقف جاء ردا على موقف علني لأحد نواب “التيار” وبناء على معلومات عن عمليات تسلح تحصل في مناطق عدة بالتنسيق بين “التيار” و”حزب الله” وبعلم بعض الاجهزة.
غير ان “التيار الوطني الحر” سارع الى الرد على ما وصفه بـ”تعليقات صبيانية حاقدة”، مشددا على ان “تاريخ التيار يشهد على مقاومته السلمية على مدى اكثر من 15 عاماً وهو ليس في حاجة الى شهادة حسن سلوك من أحد وخصوصا من بقايا ميليشيات”. واعرب عن “خشيته ان يكون هذا الاتهام الملفق غطاء يتلطى خلفه اصحابه ليبرروا حملهم هم للسلاح”.

سلام
وعلق رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام، في دردشة مع “النهار”، على ما يتردد عن أعمال تسلّح خارج إطار الدولة لمواجهة خطر تنظيم “داعش”، فقال إن “لا سلاح إلا سلاح الشرعية المتمثل بالجيش اللبناني وكل الاجهزة الامنية التي نجحت الى حد بعيد في إنقاذ البلاد من مخاطر ومزالق كبيرة بدءاً بإحباطها للعمليات الانتحارية التي استهدفت وحدتنا كما أستهدفت إثارة الفتنة وصولا الى ما حصل في عرسال والذي كان يستهدف كل الوطن”.
وأضاف: “لا سلاح إلا سلاح الشرعية، ولا سلاح أفضل وأضمن من سلاح الشرعية لأنه السلاح الوطني ولكل لبنان ومن أجل جميع اللبنانيين. ولا يمكن مقارنته بسلاح هذه الفئة أو تلك الميليشيا والذي هو على حساب الوطن وليس لمصلحته. والمواطن اللبناني لم يعد في حاجة الى من يقنعه بمثل هذا السلاح الذي جرّبه على مدى 40 عاماً ودفع لبنان جراءه أثمانا غالية”.
وعن هبة المليار دولار من المملكة العربية السعودية، قال إنها “تستهدف تعزيز مكانة السلاح الشرعي وتالياً مكانة المؤسسات الشرعية والدولة المركزية الحاضنة للجميع، فضلا عن أن قيمتها سخية ومعطاءة وتحيط بالاحتياجات الضرورية للجيش والمؤسسات الامنية وهي غير مشروطة بشيء، وإن شاء الله ستكون سريعة التنفيذ لتوفير مستلزمات المؤسسات العسكرية والأمنية وهي خارج الخيارات والانقسامات بل هي من أجل المواطن والمواطنين. وكل من يطعن أو يشك من هنا أو هناك هو عدو لبنان واللبنانيين كان من كان”.
وكان الرئيس سلام اعلن بعد لقائه الرئيس بري أمس في عين التينة أن “أكبر أزمة نواجهها هي الأزمة المتمثلة بعجز القوى السياسية عن التوصل الى انتخاب رئيس جديد”، داعيا الى “استمرار المساعي لانتخاب رئيس لان الوقت يمر والبلد هو الذي يدفع الثمن غالياً، مما ينعكس سلباً على الاقتصاد الوطني وعلى معيشة المواطنين”. ولفت سلام الى ان “موضوع أسرى الجيش يتطلب عناية كبيرة”، وان “أي كلام أو أي تفاصيل في هذه القضية ممكن ان يعرقل مساره”. ورأى أن “القضية لن تنتهي لا اليوم ولا غداً، فهناك معركة طويلة” و”الحكومة تتحمل مسؤوليتها كاملة، وعلينا ان نوظف اتصالاتنا من اجل حماية العسكريين الذين دافعوا عن لبنان وليس عن فئة أو حزب أو طائفة”.

عرسال
وعلى صعيد قضية الاسرى العسكريين، نسب بيان الى تنظيم “داعش” مساء أمس عبر مواقع التواصل الاجتماعي يعلن فيه التنظيم “قبول تمديد المهلة الممنوحة للدولة اللبنانية لمدة 48 ساعة اخرى بعدما تلقينا تجاوبا من الحكومة اللبنانية بالنسبة الى الأسرى”. وجاء هذا البيان غداة بيان اول صدر عن “داعش” وهدد فيه بالشروع في قتل العسكريين.
وأفادت معلومات أمنية مساء أن مروحية سورية حربية شنّت غارة على جرود عرسال، فيما بثت قناة “المنار” التابعة لـ”حزب الله” ان مدفعية الجيش اللبناني استهدفت تحركات لمجموعات مسلحة في جرود عرسال.

السابق
حرب الرايات بين ’داعش’ و’النصرة’
التالي
سلام : قضية المخطوفين تعالج بسرية!