قضية الأسرى في عناية الوساطات المتكتّمة

كتبت صحيفة “النهار” تقول: دخلت أزمة الفراغ الرئاسي شهرها الرابع وسط عودة الكلام غير المسند الى أي معطيات جدية ثابتة عن محاولات متكررة لجعل الثاني من ايلول المقبل موعد الجلسة الانتخابية الحادية عشرة حمّال وعود بامكان حصول تطور ما يخرج هذه الازمة من مسارها الجامد. وبدا واضحاً ان الاولوية التي لا تزال تحتل الاهتمامات الرسمية السياسية والعسكرية في هذه المرحلة هي قضية الاسرى العسكريين لدى التنظيمات المتطرفة والتي ادخلت في الساعات الاخيرة في اطار اعادة تصويب للتعامل معها من خلال التواصل مع اهالي العسكريين الاسرى وسد منافذ الاستغلال والتوظيف الدعائي التي لجأت اليها الجهات الخاطفة للضغط على المراجع اللبنانية المعنية بهذا الملف.

وعلمت “النهار” في هذا السياق ان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق شدد لدى لقائه مساء امس وفداً من لجنة اهالي العسكريين المحتجزين في حضور المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم على انه ملتزم “التكتم على معطيات الاتصالات القائمة على اكثر من خط لتأمين عودة ابنائهم سالمين، والجهود التي تبذل في سبيل انهاء معاناتهم في أسرع وقت ممكن”. وحرص على “ان لا يكون الموضوع مدعاة لتسجيل مكاسب فالأمر خطير ولا يتحمل مثل هذا السلوك”. ودعا الى تكرار هذا اللقاء كل عشرة أيام أو أسبوعين لمعرفة ما يطرأ من مستجدات.

وفيما يحرص رئيس مجلس الوزراء تمام سلام والوزير المشنوق على ابقاء الملف بعيدا من التداول العلني، تقول مصادر معنية بمواكبة هذه القضية ان الاتصالات الجارية لا توفر أياً من الدول او الجهات التي يفترض انها يمكن ان تضطلع بدور في ايجاد حل سريع لها ولكن وسط حذر شديد عبر عنه المشنوق بصراحة امام وفد اهالي الاسرى بقوله: “تحملنا الكثير من الانتقادات وحملات التشكيك والتجريح والاتهامات بالتقصير لا لسبب الا لرغبتنا في الا تؤدي اي دعسة ناقصة الى نتائج سلبية تعرض حياة المحتجزين للخطر”. ودعا الاهالي الى ان “يثقوا بأننا سنواصل العمل ليل نهار حتى يتحرر العسكريون ولن نترك فرصة الا ونستغلها في سبيل تحقيق هذا الهدف”.

ولوحظ في هذا الاطار ان اللجنة دعت بعد اللقاء “هيئة العلماء المسلمين” الى معاودة المفاوضات كما حرصت على توجيه الشكر الى كل من قطر وتركيا والمملكة العربية السعودية.

على خط مواز، توقعت مصادر وزارية أن يجري هذا الاسبوع تحريك انفاق هبة المليار دولار المقدمة من السعودية عبر الرئيس سعد الحريري من خلال تقديم مساعدات عاجلة للجيش اللبناني. ولفتت المصادر الى ان أوضاع عرسال مثار أهتمام في ضوء معلومات عن تناقضات بين خاطفي العسكريين وهم أكثر من طرف مما جمّد الوساطات التي كانت قائمة لإطلاقهم.

ومن المقرر أن تتحرك الديبلوماسية الفرنسية هذا الاسبوع عبر سفيرها في لبنان باتريس بأولي لتوضيح موقفها من التطورات الاخيرة في عرسال.

وأشاد الوزير المشنوق بالخطوات الاخيرة التي أتخذها مجلس الوزراء لمعالجة موضوع اللاجئين السوريين من حيث أعطاء حوافز لهؤلاء كي يغادروا لبنان ممن يستطيعون ذلك، وقال لـ”النهار”: “ما اتخذه مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة هو الخطوة الثانية، إذ سبقتها خطوة أولى بعد الانتخابات الرئاسية السورية حيث قرر لبنان إسقاط صفة اللاجئ عن أي سوري يستطيع العبور الى بلاده ولا خطر عليه. وعليه فقد جرى توثيق حركة عبور اللاجئين في حزيران وتموز الماضيين عبر كل المنافذ الحدودية بما فيها المطار فبلغت أعداد هؤلاء نحو مليون ونصف مليون سوري. وقد حولّنا الاسماء الى المفوضية العليا للاجئين التي تجري تدقيقا في كل أسم ومطابقته مع اللوائح الخاصة بها لاتخاذ الاجراءات اللازمة”.

خرق وصاروخ
في غضون ذلك، أفادت معلومات لـ”النهار” من بلدة دير العشائر الحدودية مع سوريا في قضاء راشيا، أن الموقع العسكري السوري القائم على الطرف الجنوبي الغربي للبلدة في السهل قد تمدد في اتجاه البلدة، مستحدثا نقطة متقدمة له على مسافة قريبة من مبنى المدرسة الرسمية والمنازل المحيطة بها، بحيث باتت البئر التي تشرب منها البلدة خلفها، وهو ما أكده اكثر من مصدر رسمي ومن سكان البلدة. وهذا الخرق السوري للسيادة اللبنانية في منطقة دير العشائر هو الثاني في غضون اسبوع، اذ كانت عناصر من الموقع قد توغلت في 17 من الجاري داخل البلدة مطاردة مهربي ماشية ومطلقة النار في الهواء.

وفي سياق آخر، تكرر اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان في اتجاه شمال اسرائيل. وسجل ليل امس اطلاق صاروخ من منطقة وادي الليطاني بين مرجعيون والجرمق سقط في كريات شمونة في شمال اسرائيل وسمع سكان المنطقة الحدودية صفارات الانذار في المستوطنات المحاذية للحدود. وردت المدفعية الاسرائيلية باطلاق قذائف مدفعية على المنطقة التي اطلق منها الصاروخ وخصوصاً منطقتي كفرشوبا والنبطية.

“اليد الممدودة”
على الصعيد السياسي الداخلي، استرعى انتباه المراقبين موقف للرجل الثاني في “حزب الله” نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الذي، على رغم توجيهه انتقادات واتهامات الى قوى 14 آذار، دعا هذه القوى الى “انتهاز الفرصة لنتفاهم ونتحاور”. وقال: “نحن نمد اليد وحاضرون لحوار فكري ولنقاش في المبادئ وحاضرون لحوار جدي واتفاقات والتزامات”. واذ اعتبر انه “لا توجد حلول في لبنان في المدى المنظور ويبدو اننا سننتظر طويلا تطورات سوريا والعراق وفلسطين”، أضاف: “ان الوجه الايجابي هو ان الجميع يريدون الاستقرار في لبنان ما عدا التكفيريين والوجه السلبي هو عدم انتظام عمل المؤسسات وتعطيلها”.
أزمة المياومين
وسط هذه الاجواء، لم تغب تداعيات الازمات الاجتماعية العالقة عن المشهد الداخلي وهذه المرة من باب ازمة المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان الذين استمر الكباش القائم بينهم وبين المؤسسة. وشهد يوم امس فصلاً جديداً عكس انتقال الأزمة من اطارها العمالي الى اطار سياسي دخل على خطه “تكتل التغيير والاصلاح” من خلال الوزير السابق سليم جريصاتي الذي شارك مع وزير الطاقة ارتور نظريان في مؤتمر صحافي منتقدا المياومين وممارساتهم بحدة ومتحدثا عن “استقواء على الدولة واستعمال كلام طائفي”. ولم يتمكن موظفو الكهرباء من دخول مكاتب المؤسسة بفعل اعتصام المياومين الذين عمد اثنان منهم الى التهديد بحرق نفسهما فما كان من قوى الأمن الا ان طلبت من الموظفين الابتعاد خوفاً من أعمال شغب.

السابق
دوريات إسرائيلية راجلة تخترق الخط الفاصل بالقرب من الوزاني جنوب لبنان
التالي
هل يمهد اللقاء الايراني ــ السعودي والاتصالات الدولية لحلف ضد ’داعش’؟