مؤتمر «العلماء المسلمين»: لا مراجعة جدية للأداء

قاسم قصير

لم يحمل المؤتمر الرابع لـ«الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين»، الذي عُقد في اسطنبول ما بين 20 و23 آب الحالي، أي جديد على مستوى التغيير في السياسات والأداء والدور، أو على الصعيد القيادي.

وأعاد الاتحاد انتخاب الشيخ يوسف القرضاوي رئيساً وعلي قره داغي أميناً عاماً، والتغيــير الذي حصل تمثل باخـــتيار رئيس «الحــزب الإسلامي» الماليزي الشيـــخ عبد الهـــادي هوان نائباً للرئيس، بديلاً عن ممـــثل إيران آية الله محمد واعظ زاده الخراســاني.
كما تمّ اختيار أحمد الريسوني نائباً ثانياً للرئيس بديلاً عن الشيخ عبد الله بن بية، الذي استقال من الاتحاد احتجاجاً على مواقف القرضاوي وسـياسة الاتحـاد، وانضمّ إلى «مجلس حكماء المسلمين» الذي أعلن من دولة الإمارات قبل أشهر عدة برئاسة شيخ الأزهر احمد الطيب.
وقد جرت محاولة خجولة من قبل بعض أعضاء الجمعية العمومية لاستبدال القرضاوي من خلال ترشيح رئيس «حركة النهضة» التونسية راشد الغنوشي أو قره داغي للرئاسة، لكن المسؤول في الاتحاد عصام البشير أبلغ الأعضاء عدم رغبة الغنوشي بالترشح، كما رفض قره داغي التجاوب مع الدعوة لترشيحه، فتم انتخاب القرضاوي رئيساً بما يشبه الإجماع.
لكن الملاحظة الأخطر في مؤتمر الاتحاد، بعد 10 سنوات على تأسيسه، كان غياب الحضور العلمائي الشيعي، وبروز حملة قاسية من قبل بعض أعضاء الاتحاد ضد الشيعة عامة، وإيران و«حزب الله» خصوصاً.
ولم يتم الرد أو توضيح الموقف من قبل قيادة الاتحاد على هذه المواقف، عندما دعا احد الأعضاء إلى مقاتلة كل الشيعة لأنهم عملاء لإيران، أو عندما اعتبر أحدهم أن هناك ثلاثة أعداء للأمة وهم: الصهاينة و«ملالي» ايران وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، وإن كانت حصلت اعتراضات خجولة على هذه المواقف من قبل بعض أعضاء الاتحاد، لكن استبعاد التمثيل الإيراني عن نيابة الرئاسة، للمرة الأولى منذ تأسيس الاتحاد، تأكيد على الابتعاد عن التواصل مع إيران. كما أن غياب علماء الشيعة عن أعمال الاتحاد أثار الكثير من علامات الاستفهام حول الدور الوحدوي المستقبلي للاتحاد.
وفي محاولة لإجراء مراجعة نقدية لأداء الاتحاد وسياساته، دعا بعض أعضاء الاتحاد إلى عدم تحويله إلى واجهة لأحد الأحزاب أو لدولة معينة، أو لطائفة محددة، كما دعوا إلى التجديد في قيادته التزاماً بدعم الديموقراطية والتغيير في الدول العربية والإسلامية، والتي يدعو إليها الاتحاد في مواقفه، لكن هذه المحاولات فشلت وأصرّت القيادة على سياساتها السابقة، وتمّ تثبيت مقرّ الاتحاد في العاصمة القطرية الدوحة بعد أن كان مقرّ تأسيـسه في العاصمة الايرلندية دبـلن، ما يعزز من تبعية الاتحاد للسياسات القطرية ويضــعه في مواجهة غيره من الاتحادات والمؤسسات العــلمائية الموجــودة في الـعالم العربي والإسلامي.
وقد عقد على هامش المؤتمر ندوات حول دور العلماء على صعيد القضايا العامة، ولا سيما مواجهة التطرف و«داعش»، وكذلك على صعيد دعم القضية الفلسطينية والمقاومة. وتمّ رفع العديد من التوصيات والاقتراحات، لكن من غير المعروف كيفية تحويلها إلى خطة عمل محدّدة في السنوات المقبلة.
وكانت لافتة مشاركة رئيس الشؤون التركية الدينية محمد قورماز ونائب رئيس الوزراء التركي أمر الله اشلرفي في افتتاح المؤتمر. وتمّ تكريم الرئيس التركي الجديد رجب طيب اردوغان، كما قام وفد من قيادة الاتحاد بزيــارة اردوغان وتهنئته بانتخابه رئيساً والإشادة بدوره.
وحرص قورماز على إلقاء خطاب نقدي في جلسة الافتتاح، مؤكداً أهمية مواجهة التطرف والتعاون مع كل المرجعيات الدينية في العالم العربي، لا سيما النجف الأشرف، لمواجهة مختلف التحديات، لكن بعض أعضاء الاتحاد لم يعجبهم هذا الخطاب، وعبروا لبعض المسؤولين الأتراك عن استهجانهم للإشارة إلى النجف.
وبالخلاصة فإن مؤتمر الاتحاد، ورغم انه نجح في حشد أكثر من 500 عالم ومفكر إسلامي وحظي باهتمام إعلامي مميّز، فإنه فشل في إحداث التغيير المطلوب في هذه المرحلة، وأبقى على سياساته وقياداته السابقة، وخسر الحضور الشيعي والإيراني الذي ميّز مسيرة الاتحاد منذ تأسيسه. كما غــابت عنه بعض القيــادات البارزة التي كانت تشـكل نقطة اتصال مع بقية المكونات الإسلامية

السابق
نشر وقائع معركة عرسال وبرّي وجنبلاط يسعيان لتسوية رئاسية
التالي
ميشال حايك: رئيسان للجمهورية… بري بخير وجعجع في خطر