«حوض الحاصباني» سياحة واعدة ينغّصها الإهمال الرسمي

يشهد حوض الحاصباني ومنتجعاته السياحية، موسماً سياحياً واعداً هذا الصيف، بدأت ملامحه الإيجابية تظهر بوضوح، مع زحمة الزوار والمتنزهين من مختلف المناطق، والمترافقة مع نسبة مرتفعة للحجوزات في الفنادق والشاليهات التي أنجزت حديثاً، لتضاف إلى المعالم السياحية والأثرية المنتشرة عند ضفاف نهر الحاصباني، وصولاً إلى جبل الشيخ، مروراً بالسرايا الشهابية في حاصبيا وبعل جاد في الهبارية والمطاحن القديمة في شبعا، من دون نسيان سوق الخان التاريخي.

الاستقرار الأمني السائد في المناطق الحدودية، دفع بمستثمرين في المجال السياحي إلى إقامة مشاريع من فنادق ومنتجعات وشاليهات ومسابح، توزعت على جانبي الحاصباني والعديد من القرى المحيطة وصولاً إلى بلدة شبعا، ما أنعش المنطقة اقتصادياً، فارتفعت معها أسعار الأراضي ارتفاعا غير مسبوق، ليتجاوز سعر المتر المربع في الحاصباني الـ120 دولاراً، وفي المرتفعات الجبلية بلغ سعر المتر حوالي 25 دولاراً، بعدما كان يباع بنصف دولار، وقد سجلت في هذا الإطار، صفقات بيع عقارية شملت مساحات واسعة بملايين الدولارات، غدت عندها المنطقة محط أنظار كبار تجار الأراضي، من مختلف المناطق والمؤسسات العاملة في هذا الاتجاه.

مرافق سياحية

افتتحت في حوض الحاصباني مع مطلع الصيف مرافق سياحية عدة، توزعت بين فنادق ومتنزهات ومسابح ومطاعم وشاليهات، وصلت كلفتها إلى حوالي 70 مليون دولار، كما دخلت التجارة السياحية في المنطقة عن طريق الاستثمار، فثمة مؤسسات وضعت خبرتها في هذا الاتجاه، فكانت هناك تحسينات وإضافات في المنتجعات، ورفع مستوى الأداء في الخدمة السياحية.
منتجع جديد فتح أبوابه منذ فترة قصيرة على ضفة الحاصباني، أقيم بموازاة مجرى النهر على مساحة 3 آلاف متر مربع، ويتضمن المشروع حسب صاحبه الدكتور علي أبو همين، مطعما شرقيا وقاعة للحفلات وأخرى للأعراس، كما يحوي شاليهات ومسابح، على أن يتبعه لاحقا إقامة فندق للسياحة العلاجية، وهو الأول من نوعه في المنطقة.
يجهد صاحب المشروع على تحديثه ليكون منتجعا طبيا يعالج مختلف أنواع الأمراض، لا سيما المستعصية منها.
وارتفع منتجع آخر بين غابات الصنوبر في تلال بلدة عين قنيا، يضم فندقا من 36 غرفة ومسبحا، وقاعة أفراح تضاف إليها حدائق وملاعب ومطاعم. يطل المنتجع جنوبا على فلسطين وشمالا على البقاع وشرقا على جبل الشيخ وغربا على البحر.

الحجوزات مقبولة

كذلك أقيم مشروع سياحي فوق تلة مشرفة على نبع ووادي الحاصباني، تحيط به بساتين الزيتون المعمرة، ويوضح صاحب المشروع أنور ابو غيدا لـ«السفير» أن المنتجع يضم أكثر من 20 شاليه، ويحوي مسبحا وحديقة وألعابا للأطفال، وهناك مسعى لتوسيعه مستقبلا عبر استحداث ملاعب رياضية.
يفيد أبو غيدا أن قاصدي المنتجع من المناطق كافة، والحجوزات لهذا الموسم مقبولة، داعيا في الوقت نفسه، الجهات المعنية، لا سيما وزارات البيئة والأشغال والسياحة، الى التوجه جديا إلى هذه المنطقة، التي باتت ملاذا لآلاف السياح من مختلف الجنسيات، والعمل على توسيع وتعبيد الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية إليها، ودعمها إعلاميا، وتحسين خدمة الهاتف الخلوي، وإدراجها عبر الروزنامة السياحية.

قرار منع السياح

يؤكد إبراهيم جابر (مستثمر جديد لمطعم في منطقة الحوض) لـ«السفير» أن «هذه المنطقة السياحية بامتياز، تحتاج لرعاية الدولة واهتمامها ودعمها، خاصة لجهة تعبيد الطرق الفرعية المؤدية إلى المتنزهات، وحماية الحاصباني من التلوث».
وبعد أن يلفت الانتباه إلى أن «المبادرة الفردية وحدها تجهد في إنعاش هذا القطاع»، يقول: «على الرغم من أن المنطقة من أكثر المناطق أمناً وهدوءاً، وتشهد حركة ناشطة في مطاعمها، خصوصا في نهاية الأسبوع، وتستقطب عشرات الحفلات لفنانين كبار، إلا أن ثمة مشكلة تحد من نمو الحركة السياحية، تتمثل بـ:
أولا: توقف معظم شركات النقل السياحية عن إرسال حافلاتها إلى المنطقة، ما أدى إلى انخفاض عدد الزوار من السياح المحليين.
ثانيا: استمرار قرار الجهات الأمنية المختصة منذ العام 2000، القاضي بمنع السياح العرب والأجانب من اجتياز معبري زمرية وكفرتبنيت، عند طرفي المنطقة الحدودية الغربي والشرقي، إلا بعد حصولهم على تصاريح خاصة، وهذا ما يحد أيضا من توجه السياح الأجانب الراغبين إلى المنطقة».
وإذ يشدد جابر على ضرورة «إلغاء هذا القرار»، يوضح أنه مع مطلع الصيف، عمل كما غيره، على تجديد متنزهه ومطعمه، كاشفا عن إقبال لافت للانتباه لجنود «اليونيفيل» إلى منطقة الحوض، علما أن المنطقة تعد خارج انتشار القبعات الزرق.
في هذا السياق، يكشف ماجد الحمرا (صاحب متنزه) أيضاً، أن المكان بات مقصداً للسفراء العرب والأجانب المعتمدين في لبنان. ويوضح لـ«السفير» أن «لديه حجوزات لحوالي 50 حفلة زفاف خلال الصيف، يشارك فيها حوالي 25 ألف مواطن، إضافة إلى مئات الزوار من مختلف المناطق».

التغذية الكهربائية

يشير الحمرا إلى أن «متنزهات الحوض تنعم بالتغذية الكهربائية على مدار الساعة، وذلك بجهود نواب من المنطقة، ما قلل من كلفة التشغيل التي كنا نعاني منها». علما أن كلفة التغذية من المولد لليلة واحدة تتجاوز الـ100 دولار، لتبقى دون حل، مشكلة ضعف الاتصالات الخلوية.
يدعو الحمرا كما غيره من المستثمرين في الحوض، وزير السياحة «لزيارة منتجعات المنطقة، والوقوف على ما تقدمه من خدمات للزبائن تضاهي تلك المقدمة في أفضل مطاعم بيروت».

السابق
بالونان اسرائيليان في كفرتبنيت
التالي
البيشمركة تتقدم في جلولاء وتصد هجوماً على بلدة طوزخورماتو