جولة في العرقوب (1): هموم الأهالي مياه وكهرباء وبطالة

منطقة العرقوب
في زيارة قام بها كاتب هذه السطور إلى بلدات شبعا وكفرشوبا والهبارية، بدا جوّ الناس، بعد انتشار أخبار "داعش" وفظاعاتها، في مكان آخر تماما. فعضو بلدية شبعا علي الخطيب، وخلال أكثر من ساعة من استضافتنا، لم يملّ من الحديث عن طريق "الهبارية - شبعا" التي يعاني أهل البلدة من التأخر في إنهاء العمل بها، بسبب نقص السيولة من مجلس الإنماء والإعمار.

هادىء هو العرقوب هذه الأيام. مجموعة القرى السنية، في غابة المحيط الشيعي، وجيرانها القرى الدرزية في قضاء حاصبيا، لا تتحسّس رقاب أبنائها، كما يشيع إعلام الممانعة.

في زيارة قام بها كاتب هذه السطور إلى بلدات شبعا وكفرشوبا والهبارية، بدا جوّ الناس، بعد انتشار أخبار “داعش” وفظاعاتها، في مكان آخر تماما. فعضو بلدية شبعا علي الخطيب، وخلال أكثر من ساعة من استضافتنا، لم يملّ من الحديث عن طريق “الهبارية – شبعا” التي يعاني أهل البلدة من التأخر في إنهاء العمل بها، بسبب نقص السيولة من مجلس الإنماء والإعمار.

كانت تلك الطريق محور الحديث. وحتّى حين رحنا نقاطع محدّثنا لنسأله عن النازحين السوريين، انتقل الحديث إلى “شحّ المياه هذا الصيف”. وبعض الحاضرين، منهم عضو آخر في البلدية، أكبر سنّا، وبعض الشبّان والنساء، كانوا يصرّون على أنّ “النازحين هم سبب نقص المياه لأنّنا نحن لا نزيد، كميقيمين، عن 7 آلاف شبعاوي، في حين زاد عدد النازحين عن 7 آلاف”.

الشكوى الثالثة التي تؤرّق أهالي شبعا هي “تشدّد الحواجز العسكرية التابعة للجيش اللبناني في تفتيش السيارات، وحتّى فتح أكياس الخضر، منعا لتسلّل أسلحة من أو إلى البلدة”.

وقد اصطحبنا أحد أبناء البلدة إلى “نبع الجوز” في أعلى شبعا. وهو نبع بارد مياهه صالحة للشرب، وبعد أن شربنا رأينا عددا من صهاريج المياه يملأها أصحابها من النهر ويعودون بها إلى البلدة: “لا يوجد نقص في المياه، لكنّ الشبكة الموجودة معدّة لخدمة أهل البلدة، وقد تضاعفوا فجأة، فصار لا بدّ من مضاعفة كمية المياهن وهو أمر غير ممكن، ما يدفع البعض إلى شراء المياه عبر استقدام الصهاريج”، يقول أحد أبناء البلدة.

الخطيب يهمس لنا قبل أن نغادر: “قبل عام كان عدد النازحين أقلّ بكثير، وبسبب سرعة عمل المؤسسات الدولية ومساعدة اللاجئين بالمال والعيّنات الغذائية، راح هؤلاء يتّصلون بأصدقائهم ويدعونهم إلى “النزوح” لأنّ “الحياة هنا أحلى”. ويضيف أحد الحاضرين: “قال لنا أحد السوريين إنّنا أفسدنا نساءهم، وحين سألناه كيف فعلنا ذلك، أجابنا: كانت زوجتي تستيقظ الساعة الخامسة لتحصد وتزرع وتحلب البقرة، والآن باتت تستيقظ الساعة 9 وتضع طلاء الأظافر وترفض أحيانا أن تطبخ”.

هذا هو جوّ شبعا. في الهبارية الأمر مختلف. فهنا لم تمضِ أسابيع على خروج الشيخ حسين عطوي من السجن. وقد التقته “جنوبية” وسألته، فكان جوابه: “لم أكن معتقلا بل كنت في المستشفى، معزّزا مكرّما، وكلّنا على درب مقاومة العدوّ الإسرائيلي”.

في الهبارية الشكوى من النازحين السوريين تتخذ شكلا آخر. فهنا، كما في شبعا وكفرشوبا، يشكو بعض المقيمين من مزاحمة النازحين السوريين لهم في أشغالهم. يقول أحد العاملين في مجال البناء بالهبّارية: “الورشة التي أطلب لها ألف دولار يتعهّدها عامل سوري بأربعمئة دولار فقط”. ويشكو من أنّ “النازحين يستعملون بطاقات مالية يحصلون بموجبها من الجهات المانحة على ما يعادل 200 إلى 300 دولار شهريا، بحسب عدد أفراد العائلة، فيبيعونها إلى الدكاكين بثلثي السعر، أي البطاقة التي تحمل 300 دولار يبيعها ربّ العائلة السوري بـ200 دولار، وهذكا حصّل أصحاب الدكاكين ثروة من فارق قيمة البطاقات. فبعضهم يجمع عشرات آلاف الدولارات شهريا. وهكذا يدفع السوريّ أجرة المنزل التي لا تزيد عن 100 دولار، إذا لم يكن مقيما في مدرسة أو في ملك عام مجانا، ويصرف الباقي على نفسه وعائلته، فيما يستفيد من المساعدات الغذائية بدلا من شراء الأرز والسكر بالبطاقة، كما يُفترَض. وهكذا فإنّه يمكن أن يعمل بأجرة أقلّ من ابن الضيعة لأنّ مصاريفه كلّها مؤمّنة”.

السابق
بين سعد وأبي بكر: السيّد والعماد يختاران
التالي
سقوط مطار الطبقة بأيدي ‘الدولة الإسلامية’