بين سعد وأبي بكر: السيّد والعماد يختاران

بين سعد الحريري و أبي بكر البغدادي الجنرال والسيد يختاران السعد... بين الإعتدال والتطرف ، بين الوسطية والتكفير ، الحكمة تقتضي بإعادة إستقطاب الشيخ سعد المبعد والتفتيش عن حل سياسي للأزمة الرئاسية يحصّن الداخل اللبناني ويوحِّدهُ بالحد الأدنى لمواجهة خطر الفكر التكفيري الذي يشكل أيديولوجياً نقيضاً لفكرة قيام لبنان اي التعددية وحرية الفكر والمعتقد

صدق المثل القائل ” لا تعرفوا قيمتي ، حتى تجربوا غيري… ” وهذا بالفعل ما يحصل اليوم بأبهى صورة في مشهدية السرايا الحكومي المفروشة بالسجاد الأحمر التي استقبلت بطريقةٍ مفاجئة أربكت رجالات السياسة والصحافة على حدٍّ سواء بسبب زائر من نوعٍ آخر.

عاد سعد رفيق الحريري الى بيروت بعد ثلاث سنوات من التهجير والغياب القسري حرصاً على سلامته الشخصية ، وقد إختار اللحظة السياسية التي لطالما وعد بها أنصاره وحلفاءه وتوعَّد بها خصومه السياسيين.

اللحظة السياسية الراهنة هي تاريخية ودقيقة جداً حيث تمرُّ المنطقة العربية بأوج وأعنف الصراعات المذهبية والحروب الطائفية والإقليمية ومشاهد تهجير الأقليات والتنكيل بهم مما إستدعى الإستنفار العام في أعلى الدوائر الدولية ومراكز القرار العالمي الى درجة حتّمت على الرئيس الأميركي باراك أوباما التحضير للضربات الجوية لحماية المدن والقرى العراقية التي يجتاحها ” الإرهابيون الدواعش “، والإعلان عن إستمرار إنزال المساعدات الإنسانية عن طريق الجو.

أتت خطوة الرئيس سعد الحريري في لحظة مصيرية دخل خلالها لبنان الرسمي الحرب الإقليمية من جرح عرسال وبات البلد كله مهدّد بالإنفجار من صيدا الى طرابلس وبالتالي الى كل لبنان. الوضع خطير جداً إستدعى قدوم الحريري وتحمله مخاطر أمنه الشخصي ” من أجل لبنان “.

وجود الحريري الشخصي في لبنان يحرّك المياه الراكدة في السياسية اللبنانية ويسهِّل طبخة الملف الرئاسي التي بدأ النائب وليد جنبلاط بالتنسيق الكامل مع اللاعبين الأساسيين المحليين والإقليميين عبر ممثليهم اللبنانيين في إنضاجها. حضور الحريري المفاجىء في هذه اللحظة المصيرية هي المؤشر الأبرز أن الحل لأزمة الرئاسة الأولى في طريقه الى البحث الجدي عن الحل المنشود والعمل على تحقيقه بأسرع وقت ليتسنى لكل اللبنانيين مواجهة الخطر التكفيري القادم بقوة من وراء الحدود والذي كلف الدولة اللبنانية عشرات الشهداء والمفقودين من الجيش حتى الساعة. بين سعد الحريري و أبي بكر البغدادي الجنرال والسيد يختاران السعد… بين الإعتدال والتطرف ، بين الوسطية والتكفير ، الحكمة تقتضي بإعادة إستقطاب الشيخ سعد المبعد والتفتيش عن حل سياسي للأزمة الرئاسية يحصّن الداخل اللبناني ويوحِّدهُ بالحد الأدنى لمواجهة خطر الفكر التكفيري الذي يشكل أيديولوجياً نقيضاً لفكرة قيام لبنان اي التعددية وحرية الفكر والمعتقد.

لذلك فإن ال ” وان واي تيكيت ” التي قطعها حزب الله لسعد الحريري وأوكل مهمة إرسالها وتسليمها الى حليفه الأول في لبنان اي العماد عون تتحوّل اليوم وعند الحاجة في ظل إنغماس حزب الله في الوحول السورية وخاصةً مؤخراً مستنقعات القلمون والفاتورة الباهظة التي يتكبّدها ، الى ” وان واي تيكيت ” بالإتجاه المعاكس، اي من مصلحة حزب الله ولبنان وجود الطرف السني الأقوى والمعتدل في لبنان لإدارة الأزمة وحماية لبنان . فكما سُلمَ تيار المستقبل الأمن الداخلي ووزارة العدل ونُسقَ معه لحل مشكلة طرابلس، فان الوضع الخطير مع جرح عرسال المتفجر في طرابلس وغيرها يحتاج اليوم لحضور قيادات الصف الأول للعمل على تدارك الإنهيار التام.

أمان ربي أمان ، هي السياسة المتغيِّرة ، والوطن باقٍ ، الوطن النازف الذي دفع الفاتورة الأعلى ضد الصهاينة في الصراع العربي الإسرائيلي ، ويُستدرج او يُجبر اليوم على مصارعة تنين الإرهاب والمشاركة في حرب طائفية عبثية قد تقوّض ما تبقى من هيئة دولة وكيان ومؤسسات وأولها مؤسسة الجيش المهدّد بالتفكك اذا تفاقم الوضع وخرج عن السيطرة.

الله يحميك شيخ سعد ويبث في عقول كل سياسيي لبنان شيء من حكمة تنقذ ما تبقى من دولة وشعب وكيان وتصحّح مسار حيادي فشل الكل في تحقيقه في الفترة الماضية تأميناً لمصلحة البلاد العُليا.

وبالنهاية، بين داعش والمستقبل، حزب الله والعماد عون وتوابعهما سيختارون ملزمين: “الإعتدال”.

السابق
نتنياهو يتعهد بمواصلة العملية العسكرية ضد قطاع غزة
التالي
جولة في العرقوب (1): هموم الأهالي مياه وكهرباء وبطالة