ذبحُ فولي حُجِب عن مواقع التواصل وذبحُ آخرين لم يُحجب: لماذا؟

جيمس بولي

“رسالة الى أمريكا”، تحت هذا العنوان، نشر تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” تسجيلاً مصوراً، يظهر فيه مقنع يقف الى جانب الصحافي الأميركي جايمس فولي الذي ألبس اللون البرتقالي وخاطب عائلته والرئيس الأميركي باراك اوباما “متهماً” اياه بانه السبب في انهاء حياته بسبب قراره ضرب العراق.

ينتهي الفيديو بمشهد الذبح، نرى فيه الرجل الملثم وهو يقترب من رقبة فولي ومن ثم نرى جثة مفصولة الرأس.
مشهد مريع، كبقية المشاهد التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، تويتر”، “يوتيوب”، “دايلي موشين”،… غير ان اللافت ان الفيديو حجب عن معظم المواقع، في حين تنتشر آلاف الفيديوات التي تتضمن مشاهد “فظيعة”.

إنتشار وتفاعل

بقيَ الفيديو الذي نشرته مؤسسة “الفرقان” التابعة لـ”داعش” على موقع “يوتيوب” لبضع دقائق قبل أن تقوم إدارة الموقع بحذفه، ومن ثم حُمّل مجدداً بعد قرابة الساعة والنصف، إلا أن الموقع أعاد إزالته مجدداً، ومن ثم تم رفعه للمرة الثالثة من قبل حساب جديد ومجهول ولكن بقيَ لنصف ساعة قبل أن تتم إزالته، ولاحقاً بدأ الفيديو بالانتشار بشكل كبير وخصوصاً بمساعدة الحسابات والتفاعل على موقع “تويتر”، وفق ما قال الصحافي والمدون محمود غزيل لـ”النهار”.
حاولت “النهار” مراراً وتكراراً نشر فيديو فولي بطريقة ممنتجة لا تظهر مشهد ما بعد الذبح، عبر “يوتيوب” ، غير أن ادارة الموقع حذفت الفيديو بحجة “نشر فيديو يتضمن مواد صادمة ومثيرة للاشمئزاز، رغم حذف المقطع المروّع.
وعلى “تويتر”، كانت تسهل ملاحظة تغريد خبر وفيديو ذبح فولي على حسابات منعت موقتاً من التغريد وتم حجب تغريداتها، لأن ادرة الموقع اعتبرت انها “كسرت قواعد “تويتر” في المضمون الذي نشر”. أما “الدايلي موشين” فلم تحذف الفيديو الا بعد نحو 24 ساعة.

آلية الحجب

تعود آلية حجب حساب عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو الغاء المضمون، الى سياسة كل موقع. وتبعاً لإرشادات موقع “يوتيوب”، فان المحتوى الذي يشمله الحذف يمكن ان يتضمن العري، الإباحية، التهديد بالقتل، صناعة القنابل، القتل، حقوق الملكية، المضايقات، إنتحال الهوية،…

سببان للحذف

ويشيرغزيل الى ان الحذف يعود الى سببين، الأول، وهو انتهاك المستخدمين “للمبادئ التوجيهية” لاستخدامات يوتيوب، من بينها ثلاثة بنود تنص على: “عدم نشر مقاطع فيديو تتضمن أموراً سيئة”، “إذا كان الفيديو الخاص بك يظهر شخصاً يصاب بأذى، أو يتعرض لهجوم أو للذل، لا تقوم بنشره”، “لا تقوم بنشر مشاهد لجثث الموتى”.
ويضيف ان السبب الثاني هو تبليغات زائرو الموقع، والتي على إثرها يعمل الموقع على تتبع حسابات وتقرير إزالة الفيديو، أو منعه من العرض في بعض البلدان أو الإبقاء عليه.
وهذا ما يؤكده مدير المناصرة في سياسات الإنترنت في منظمة تبادل الإعلام الإجتماعي (SMEX) محمد نجم ويشرح ان الفيديوات التي تتضمن عمليات قتل وإعدامات تحذف و”لو بعد حين”، اذ تحتاج ادارة الموقع ربما للوقت للتدقيق بالفيديو وإتخاذ القرار، ففي كل دقيقة يتم تحميل ١٠٠ ساعة على الموقع، لذلك من الصعب التدقيق السريع بكل المحتوى في الوقت عينه.ويشير الى أنه أحياناً لا يتم حذفها.

برامج المسح

يملك موقع “يوتيوب” برامج لمسح الفيديوات و حذف ما يخرق حقوق الملكية للأفلام والموسيقى، كما أن تقنيات “يوتيوب” تستطيع تمييز المشاهد من الألوان والصوت المستخدم، ونسبة التقاط المشاهد تبقى عالية، هذا ما قد يشرح سرعة ازالة الفيديو. ويقول نجم ان مع ارتفاع عدد المستخدمين يزداد عمل ادارة موقع “يوتيوب” صعوبة لمراعاة قوانين البلدان المختلفة و بعض العادات و التقاليد.
أما بالنسبة للمواقع الأخرى، فلكل موقع سياسته الخاصة، إلا أن أغلبها تتبع نظاماً يمنع نشر فيديوات عن القتل أو الأمور الجنسية أو التي تهدد الأمن.

اللافت…

اللافت في موضوع حذف فيديو ذبح فولي، ليس الحذف انما الطريقة التي تعاملت فيها مواقع التواصل الاجتماعي مع الفيديو وأولته أهمية كبيرة، رغم أن الآلاف من المقاطع المسجلة تظهر مشاهد عنف. فهل تدخلت الحكومة الأميركية وطالبت بحجبه؟ فقد قال مسؤول في البيت الابيض لصحيفة “واشنطن بوست” ان “مسؤولين من وزارتي الخارجية والدفاع طلبوا من ادارة هذه المواقع اتخاذ الإجراءات المناسبة في ما يتعلق بالفيديو بما يتفق مع سياسات الاستخدام المعلنة”.

تعليق الحسابات

من جهته، أعلن الرئيس التنفيذي لموقع “تويتر” ديك كوستولو أنه سيتم تعليق الحسابات التي نشرت الفيديو، وفق ما نقلت عنه احدى الصحف الأميركية. كما أن موقع “تويتر” أصدر أمس تقريراً يشير فيه الى أنه أصبح بامكان الأهل توقيف كل الصور والمشاهد أو التغريدات التي يتم التداول بها عبر “تويتر” عن أحد الأقرباء المتوفين، وذلك من خلال ارسال رسالة عبر [email protected]، علماً أن ادارة “تويتر” لا تستطيع التحكم بالمواد التي تنشر من خلال المنصات التشاركية مثل TwitPic، Imgur ، yfrog.
كما حذر مسؤولو إنفاذ القانون في بريطانيا مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من نشر فيديو ذبح فولي، اذ ان ذلك سيعتبر بمثابة جريمة، وأنه يمكن اعتقالهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
يلفت محمد نجم الى أن سياسات إستخدام المواقع تتطور وتتفاعل مع إزدياد المستخدمين، و هذا التطور مرده تغيير المفاهيم الإجتماعية، مضيفاً أن “ما هو مقبول اليوم من محتوى ربما سيُرفض لاحقاً، و ما هو محظور سيُسمح به ربما”. ولكن هل تتطور هذه السياسة وفق أهواء الادارات والسياسة العالمية؟

السابق
عائلة بلقيس نزار قباني تحضر لمقاضاة المالكي
التالي
اطلاق نار على دورية لقوى الامن الداخلي في بعلبك