الصيداويون حذرون من تنفيذ مشروع شرق الوسطاني

قبل أكثر من عام أصدر المجلس الأعلى للتنظيم المدني توصية لإقرار مشروع الضم والفرز في شرق الوسطاني – صيدا. وقد عمد فريق الخطة الاستراتيجية للتنمية الحضرية للمدينة بإعداد مشروع للضم والفرز يقول فيه أن من هدفه العام هو تعزيز الحالة الاجتماعية الاقتصادية، ويشير في الخطة الاستراتيجية للمشروع أنه لتأكيد الاختلاط بين المستويات الاقتصادية في المدينة وتثبيت أهمية كل القطاعات الاقتصادية وتقديم الدعم التقني والتدريب للقطاعات المتهالكة لتتكيف مع الواقع الاقتصادي الجديد وشروطه! كما تسعى الخطة إلى زيادة وتحسين أوضاع المناطق الخضراء. أما حول الأهداف المحددة فيقول المشروع أنه يهدف إلى تسوية بين أصحاب العقارات المتنافسة لمصلحة الاحتياجات الاجتماعية والبيئة للمدينة. كما يهدف إلى حماية التراث المهم للمدينة! وزيادة المساحة الخضراء والترويج لصيدا مدينة خضراء وبيئية.

في مبررات ووصف المشروع، تقول وثيقته: أن منطقة شرق الوساطني كانت مصممة ليمرّ بها خط سريع، والآن تم إبعاده أكثر نحو الشرق! وأن ملاك الأراضي يضغطون، لإزالة التخطيط الموجود للسماح لهم بتطويرها، كما أن هذه المنطقة هي بعض من آخر الأراضي الزراعية المتبقية في المدينة، وأن المشروع المقترح هو عمل تسووي ما يتيح إنفاذ مساحات خضراء، ويساهم بتقديم مبادئ بيئية حازمة ما يساعد على تطوير المساحات الخضراء. ويفسح المجال لقيام مساحات تستخدم بطريقة صحيحة، وأن المشاكل الاقتصادية سيتحمّلها الجميع وسيكون من حق الجميع التنقل واستخدام الطرق العمومية الناتجة عن تنفيذ المشروع وخصوصاً إذا ربطت بنشاطات ترفيهية. وتوصي الوثيقة بدراسة عن الأثر البيئي للمشروع حددت كلفتها بمئة ألف دولار أميركي. ويتوقع المشروع أن تزيد المساحات الخضراء وبناء منازل مناسبة للعموم.

إذا كان من نقطة انطلاق لنقاش المشروع المقدم، فلا بد من القول أن صيدا بحاجة إلى تنظيم عقاراتها في المناطق، كافة أي أنها بحاجة إلى ضم وفرز، وخصوصاً في المنطقة المذكورة التي معظم عقاراتها هي حقول طولية ورفيعة ومعظمها يفتقر إلى الطرق الضرورية للوصول إليها.

كما ان مشروع الضم والفرز يوفر مساحة مهمة للبلدية يمكن استثمارها في أوجه عدة. إذ تبلغ مساحة شرق الوسطاني نحو 1200 دونم، وفي حال تنفيذ المشروع تتملّك البلدية نحو 300 دونم كطرق مساحات خضراء.
ويبقى سؤال: إذا كانت هذه منطقة خضراء، لماذا ضُربت بالتخطيط وهي مساحات صالحة لتطوير وتوسيع المدينة. يجيب خبير مروري عن ذلك: إنه في زمن إيكوشار كانت الفكرة أن توسع صيدا سيكون في منطقتي عين الحلوة وبقسطا، التوسع في المنطقة الأول توقف بسبب الحروب وفي المنطقة الثانية شارف على الانتهاء.

إلا أن أهل صيدا على حذر من تنفيذ المشروع، ففي ذكريات المشروع الماضي غصة في نفوس الصيداويين. فقد شهد تنفيذ مشروع ضم وفرز غرب الوسطاني كثيراً من السمسرات وشراء الأراضي بطرق غير قانونية وبضغوط سياسية واستفاد البعض من زمن الاحتلال وأوضاع الناس الذين اضطروا أحياناً للبيع بأبخس الأسعار وخصوصاً شعورهم بالهزيمة من الاحتلال وعدم الثقة بالمستقبل.
الآن وضع الملكيات مماثل، ملكيات صغيرة مشتركة لا تفرز ولا يمكن استخدامها. مالكان أساسيان في المنطقة: محمد زيدان يملك أكثر من مئة دونم، وآل الحريري الذين يملكون أكثر من مئة دونم أيضاً والباقي موزع على ملكيات صغيرة مشتركة.

رئيس البلدية محمد السعودي، أكد في أكثر من مناسبة أنه سيسعى لتشكيل لجنة هندسية مختصة ومحايدة حتى لا يغبن أحد من المالكين الصغار.
من جهة أخرى لم يناقش أحد حتى الآن، المخطط التوجيهي للمنطقة، ولا نسب البناء، إذ على ذلك يمكن معرفة الفئات الاجتماعية التي ستسكن المنطقة ونوع البنى التحتية وهجها.

وبالتالي ما هي الكلفة الفعلية لتنفيذ المشروع وكيف سيموّل؟

وتبقى نقطة وحيدة وهي أن لا ضم ولا فرز قبل استبدال التخطيط الموجود حالياً، مما يدفع كل المعنيين للقيام بنقاش من نوع آخر، للوصول إلى نتيجة.

مشروع الطريق الدائري لمدينة صيدا: وهميّ بامتياز!؟
من المشاريع التي سلطت الخطة الاستراتيجية الحضرية لمدينة صيدا، الضوء عليها هو مشروع الطريق الدائري، الذي يعني استبدال التخطيط الموجود على شرق الوسطاني والدكرمان منذ ستينات القرن الماضي، والذي يعني خط سير سريع، يقطع المدينة من شمالها (الأولي) حتى جنوبها (الحسبة) بإبعاده عن وسط المدينة ورفعه إلى شرقها وجعله شبه دائري. لكن المهندس عمر الحلاج وفي الاجتماع الذي عقد في بلدية صيدا في 28 أيار 2014 كان متردداً في طرحه، وقال: أنه أفضل الخيارات المطروحة، أي أنه لم يجزم بوضعه.
وفي تعريف المشروع، تقول وثيقته، أن خطته الاستراتيجية تهدف إلى تطوير مساحية لمنطقة صيدا الكبرى. إلا أننا ما زلنا عند نقطة تجديد صيدا الكبرى حتى يصير النقاش جدياً.
وحول أهداف المشروع تقول الوثيقة أن الهدف الأول هو تطوير عملية ربط المدينة بالمحيط وتوسيع مساحتها وصولاً إلى صيدا الكبرى! وتطوير عملية تنسيق مشاريع البنى التحتية الأساسية.
وعن المشروع تقول الوثيقة: إن الطريق المذكور يأتي بإطار دراسة المرور في صيدا لإراحة الضغط المروري للمدينة وفك أسر البولفار البحري لتطويره واستخدامه سياحياً. لكن الوثيقة تشير إلى أن الدراسة لم تكن مصممة لذلك، ولم يكن هذا المشروع من ضمن رزمة المشاريع المقترح تنفيذها في المدينة. لكن هذا المشروع مهم جداً لصيدا لذلك لا يمكن تطويره كطريق دائري لوحده بل يجب أن يكون في رؤية صيدا الكبرى!
ففي الدراسة المبدئية للمرور أتى هذا المشروع لحل المشاكل المرورية والاحتياجات المرورية الإقليمية، لكن هذا الخيار لم يكن مطوّراً، لذلك صار بحاجة إلى دراسة جدية لتحدد الممر الدقيق اللازم وإيجاد الروابط بينه وبين الشبكة المرورية الحالية. كما أنه بحاجة إلى دراسة بيئية للمشروع وأن تنفيذه يستلزم سنوات عدة. وإذا نفذ فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تحسين الوصول إلى المدينة ويزيد من التواصل الداخلي. وأنه يطور عملية وصل البلديات بصيدا الكبرى، وأنه يساهم في تطوير المركز الصيداوي ويحرر الكورنيش البحري.
إنه مشروع وهمي بامتياز، إنه متخيل في عقول واضعيه. إنه محاولة لاستبدال التخطيط الحالي بآخر غير محدد. لكن هذا الاستبدال نفسه يفتقر إلى النقطة المركزية وهي: أية مدينة نريد؟ لذلك لا بد من تسليط الضوء على نقاط عدة، أهمها:

أولاً: إلغاء التخطيط ليس بيد البلدية والتخطيط يستبدل ولا يلغى. ثانياً: من مصلحة المدينة استبداله لأنه بوضعه الحالي أوجد أزمة كبيرة لمجموعة من العقارات.

لكن ذلك لا يلغي فهم لماذا تم تخطيطه وبالشكل الحالي في أواخر خمسينات وأوائل ستينات القرن الماضي؟

لقد حكمت التخطيط، رؤية لدور صيدا في المنطقة، وأن لها نواة وظيفة محلية، إنها عاصمة الجنوب، مركز تجاري ضخم، تضم المراكز الحكومية الأساسية كل أهالي الجنوب يأتون إليها يدخلونها ويخرجون منها. كما كانت وضمن الرؤية العامة هي مرفأ للبضائع المتجهة إلى سورية. وقد ربط يومها التخطيط بتطوير المرفأ، لذلك أن التخطيط ليرسم خطأ متجهاً من المرفأ إلى دوار السراي الحكومي، يتجه جنوباً ليشكل الطريق الجنوبية السريعة التي تؤمن دخول وخروج الجنوبيين، ويتجه شمالاً نحو العاصمة بيروت ويمتد شرقاً وصولاً إلى سورية ماراً بجزين.

لكن هذا الدور لم يعد موجوداً، فلا المرفأ تطور، ولا تجارة الترانزيت بقيت على حالها، هذا من جهة. ومن جهة أخرى أتت الحرب الأهلية وما تلاها من أحداث وتمزق المناطق وتصاعد الانقسام المذهبي إلى تهميش دور المدينة المركزي جنوباً. فأنشأت محافظة النبطية، وتحولت صور إلى مركز تجاري للمنطقة، وتجري عملية تنمية في القطاعات كافة في المناطق الجنوبية وهذا ما يحرم صيدا من الدور الذي رسم لها قبل أكثر من نصف قرن. لذلك فتنفيذ التخطيط بصيغته الحالية يجعل من المدينة ممراً سريعاً بين العاصمة والجنوب، ويزيد فرقتها عن محيطها ويزيد من التلوث البيئي والضوضائي، ويحرمها مساحات واسعة من أرضها الضيقة أصلاً. وأن ما يطرح من مشروع الطريق الدائري السريع، فإنه يزيد من عزلها وانغزالها. وهذا ما يدفع بالموضوع إلى مزيد من النقاش المحلي والعام.

السابق
سلمى حايك تقاضي إيمي سمير غانم 
التالي
عائلة بلقيس نزار قباني تحضر لمقاضاة المالكي