حزب الله و«جبهة النصرة» يتفاوضان للتهدئة في القلمون

مقاتل من المعارضة السورية

حرب جرود القلمون مستمرة. ترتفع محصّلة القتلى بشكل يومي، في المعسكرات الشرقية والغربية المنتشرة حول التلال الجرداء. هي حرب الكمائن والرصد والمعلومات بين حزب الله من جهة، والمجموعات السورية من “جبهة النصرة” و”داعش” وألوية أخرى، من جهة ثانية.

يبدو أنّ هذه المعركة مستمرة إلى ما لا نهاية، حتى لو تدخّل طيران النظام السوري أو دكّت مدافعه الجرود أياماً وشهوراً بنهاراتها ولياليها. يسيطر الحزب وحلفاؤه على قرى القلمون وبلداته، لكنهم يتلقّون الضربات بشكل متواصل. وفي الوقت نفسه، يقف المقاتلون الإسلاميون عاجزين عن إعادة فك الحصار المفروض عليهم أو إعادة السيطرة على بلدات خرجوا منها، فيضربون ويهربون عائدين إلى ملاجئهم الصخرية. تحوّل الصراع في هذه المنطقة إلى حرب استنزاف مؤلمة وبلا نتائج ميدانية. نتيجة هذا الواقع، انطلقت قبل أيام مفاوضات بين الأطراف المتصارعة في القلمون، بين حزب الله و”جبهة النصرة” تحديداً، بهدف تهدئة هذه المعركة وخفض خسائرها وتردداتها السلبية على المشاركين فيها.

بنود المفاوضات

يبدو أنّ قطبي المعركة وصلا إلى قناعة بأنّ ما يدور في المنطقة هو ضرب من الجنون، فجلس ممثلان عنهما على طاولة واحدة وسط الجرد، للتفاهم. بعيداً عن لغة التكفير والترهيب و”الانتصارات الإلهية” التي يتبنّاها الطرفان إعلامياً وإعلانياً وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تتم اليوم دراسة اقتراح التهدئة. وينص هذا المقترح، بحسب أحد المطلعين على أجواء المفاوضات، على مجموعة من النقاط، أهمها: أولاً، إعادة تسليم قرى يبرود، رأس المعرة، وفليطا وجريجير للمجموعات المعارضة. ثانياً، محافظة الحزب والنظام السوري على كل من النبك، ودير عطية وقارة. ثالثاً، تحييد الجهة الشرقية من سلسلة الجبال الشرقية التي تفصل لبنان عن سورية. ورابعاً، التفاهم على آلية لتبادل الأسرى بين الطرفين.

يسمح هذا الاتفاق لحزب الله، إذا تمّ تنفيذه، بضمان سلامة البقاع اللبناني والمحافظة على هدوء القرى المحسوبة عليه على طول المنطقة بين بعلبك والهرمل. وفي الوقت عينه، يحافظ على خط الإمداد المباشر بين دمشق وحمص، ومنها إلى باقي المناطق التي استعادها النظام السوري شمال غربي البلاد. في حين تعود فصائل المعارضة السورية إلى قرى هجّرت منها، فتستقرّ فيها مجدداً وتريح مقاتليها المهجّرين إلى الجرود منذ مارس/آذار الماضي.

تبدو هذه الصيغة منطقية وتضع حداً للاستنزاف الحاصل في صفوف الطرفين منذ أشهر، وخصوصاً على أبواب فصل الشتاء، إذ ستقضي الثلوج على مقوّمات عسكرية لدى الطرفين، وخصوصاً أيضاً بعدما تبيّن للحزب وقيادته أنّ الرهان على جوع المقاتلين وتقلّص حجم قوّتهم العسكرية، من جراء الحصار، قد فشل، باعتبار أنّ إمدادهم المسلّح لا يزال قائماً وكذلك دعمهم على الصعد كافة. وتعيد هذه الخطوة إلى الأذهان، المفاوضات التي كان يجريها الجيش السوري والفصائل المعارضة داخل سورية، فقد كانت تحافظ قوات النظام على المدن الرئيسية مقابل السماح للمعارضين بإمساك القرى والأرياف المحيطة بها.

مفاوضات عرسال

على صعيد آخر، تستمرّ مفاوضات من نوع آخر في عرسال، حيث تستكمل هيئة العلماء المسلمين التنسيق بين الدولة اللبنانية والمجموعات المسلحة لإطلاق سراح العسكريين اللبنانيين الأسرى لدى المعارضين. وتقول مصادر متابعة للمفاوضات لـ”العربي الجديد” إنّه “كان مقرراً أن تطلق جبهة النصرة أحد العسكريين في الساعات الماضية، إلا أنّ طارئاً وقع وتم تأجيل العملية لبعض الوقت”. وبات منسّقو التواصل بين الطرفين يفصلون بين المفاوضات مع جبهة النصرة ومع “داعش”. وبالنسبة لهم يظهر أمير “النصرة”، أبو مالك، أكثر ليونة وتفهماً، بينما يصطدمون بصعوبة التفاهم مع مقاتلي “داعش”.

السابق
جنبلاط يروي قصة لقائه بالحسناوات
التالي
الراي: دعوة الهيئات الناخبة طيرت الانتخابات النيابية