الوزير باسيل: تفريغ الموصل وكسب وقصر بعبدا من ناسها الأصيلين سيؤدّي الى إملاء شوارع الغرب بمفرّغيهم

عقد تكتّل التغيير والإصلاح اجتماعه الأسبوعي برئاسة دولة الرئيس العماد ميشال عون في دارته في الرابية. وبعد الإجتماع تلا الوزير جبران باسيل بيان التكتّل، فلفت إلى أنّ ما يشهده المشرق إزاء ما يحصل مع المسيحيين في لبنان والمنطقة المحيطة مروراً بسوريا والعراق هو عبارة عن مسلسل تصفية هوية ووجود ودور، مشدّداً على أنّ الرّدّ هو بالمواجهة والبقاء والحياة.

وأضاف: “ننبه العالم المسيحي أنّ ما يحصل لا يهدد المسيحيين في منطقتنا بل في العالم، وننبّه العالم الإسلامي أنّ ما يتهددهم أكثر بكثير مما يتهددنا ولو لاحقاً، وننبّه العالم أجمع أنّ القضية هي قضية انسان باختلافه وتنوعه ديناً وفكراً وعرقاً وجنساً”.

ثمّ عرض بعضاً ممّا يتعرّض له المسيحيون من تصفية لحضورهم في المنطقة؛ ففي فلسطين تعمل إسرائيل على تصفيتهم، وفي سوريا التكفيريون، وفي العراق الدّاعشيون.. أمّا في لبنان، فيتعرّضون للتهميش في الإدارات، ويُحاسبون لانتمائهم للدولة فيتمّ تجميد انجازاتهم الإنمائيّة بدلاً من تشجيعهم على بناء الدّولة، كما يُحرمون من حقّهم في المناصفة الحقيقية من خلال إسقاط قوانين إنتخابيّة عادلة.. وكذلك بالنسبة لرئاسة الجمهورية، “إذ تُنزع الصلاحيات وتُصغر ويُختار لها أشخاص هم بتمثيلهم أصغر حتى من ممارسة ما تبقى”.

وإذ طالب باسيل المجتمع الدولي بوقف جريمة الصمت وبوقف أي عمل يشجع على هجرة المجموعات المكونة للمنطقة والأقليات ووخصوصاً المسيحية منها، شدّد على “أنّ تفريغ الشرق من مسيحييه هو تفريغ للمسيحية من رسالتها ومعناها، وأن تفريغ الشرق من مشرقييه هو تفريغ للبشرية من إنسانها المتعدد وأن تفريغ الموصل وكسب وقصر بعبدا من ناسها الأصيلين سيؤدّي الى إملاء شوارع الغرب بمفرّغيهم”.

إلى ذلك، طلب باسيل من المسيحيين والأقليات في المنطقة التشبّث بأرضهم والدفاع عنها بكل الوسائل المتاحة، “لأنّ اقتلاعكم من أرضكم هو اقتلاعكم من ذاتكم، تلك الذات التي لن تجدون مكاناً لها في العالم..”.

ثمّ توجّه للشركاء في الوطن قائلاً: “الآن هو آوان الشراكة والاعتراف بالآخر إدارةً ونيابةً ورئاسةً، أو هو أوان الداعشية السياسية. فاختاروا وأعلنوا”.. أمّا للمسيحيين والأقليّات في لبنان، فقال: “المطلوب هو البقاء على إيمانكم برسالتكم وبوطنكم… ونحن أمامكم في المواجهة فاثبتوا إلا إذا رأيتمونا متزحزحين، واللهِ لن نتزحزح”.

وفي ما يلي النصّ الكامل لبيان التكتّل:
إنّنا في تكتل التغيير والإصلاح، وإزاء العنف المادي والمعنوي من جهة، والمتفلت والمبرمج من جهة أخرى، الحاصل في لبنان والمنطقة من حولنا، نعتبر اليوم أنّ ما يحصل مع مسيحيي العراق وسوريا والمنطقة وكل مكوناتها يصيبنا، وأنّ ما يستهدفنا في السياسة والحياة في لبنان إنّما يصيب الهوية المشرقية، حيث يشهد المشرقيون مسلسل تصفية هوية ووجود ودور ويبقى قرارنا المواجهة والبقاء والحياة.

إنّه مسلسل واحد، مترابط أو لا، مبرمج أو لا، إنّما يؤدي الى الهدف نفسه وهو إلغاء رسالتنا. مسلسل نستعرض بضع حلقاته سريعاً لرسم المشهد وتحديد الأسباب الموجبة لنا بالمواجهة.

ففي الجوار تتم تصفية الحضور المسيحي من فلسطين وحولها على يد اسرائيل مباشرة وبعجز كامل من السلطات هناك، وفي سوريا تتم التصفية على يد جماعات التكفير وبمعاينة وتشجيع من المجتمع الدولي، وفي العراق تتم على يد داعش في ظل ضياع وإشاحة وجهٍ بين المركز في بغداد والاقليم في كردستان. وننبه العالم المسيحي أنّ ما يحصل لا يهدد المسيحيين في منطقتنا بل في العالم، وننبّه العالم الاسلامي أنّ ما يتهددهم أكثر بكثير مما يتهددنا ولو لاحقاً، وننبّه العالم أجمع أنّ القضية هي قضية انسان باختلافه وتنوعه ديناً وفكراً وعرقاً وجنساً.

وفي لبنان، يتغلغل الارهاب ملثماً بالدين في مجتمعنا، ومتخفياً بزي النازحين في بعض اماكن ايوائهم فنصرخ دفاعاً عن كل اللبنانيين ونتهم فوراً بالعنصرية واللاإنسانية.

وتهجم بعض الجماعات اللبنانية المتطرفة على مواطنينا وعسكريينا، فنصرخ لحاجتهم باجراء عسكري او منطقة عسكرية ونتهم فوراً بالتحريض وتتم مناصرتهم علناً وزيارتهم ودعمهم فجوراً من قبل بعض المسؤولين والفئات السياسية، المسيحية والاسلامية، لفرض الصمت علينا والسماح لهم بالمزيد من الجهوزية… فيجهزون وتهاجم داعش والنصرة بلداتنا وجيشنا، وتحتل وتخطف، وتأخذ من سجننا المركزي في روميه مركزاً لعملياتهم؛ فنحرر جزئياً ونساوم جزئياً ونُستنزف بدل الحسم حيث نقدر والتحرير الكامل حتى الحدود ومحاصرة العدو بالجغرافيا والتموين حتى خنقه وتسليمه لأسرانا.

وفي بناء الدولة نحارب بدل أن نشجّع في انتمائنا الى لبنان الدولة المدنية وليس الى أي دولة خارجية أخرى وكأن بنا نعاقب على فكرنا الإصلاحي التغييري الهادف لتأمين ملاذ لأهلنا هو الدولة بدل تأمين الملجأ لهم من الارهاب أو التهجير من ميليشيات الحرب أو الهجرة من ميليشيات السلم واقطاع الفكر والمال والدين.

وفي البقاء في الإدارة العامة أو الدخول في مؤسسات الدولة، نواجَه ونقاصَص لفكرنا المؤسسي ونرى المياومين يدخلون عنوةً ويطردون عنوة ونرى أشباههم متخفّين بالقانون أحياناً وبالخدمة المدنية أحياناً أخرى وبالممارسة القمعية مراراً، ثم يبررون اللاتوازن الطائفي بعدم اقدام المسيحيين بعد أن يكونوا قد قتلوا فيهم روح التقدم لمؤسسات الدولة التي بدأت تكون غريبة عنهم. فنصرخ لاعادتهم الى حضنها احتراماً لاتفاق موقع او قانون مقر أو عرف معتمد الا أن روح التسلط والميليشيا في الدولة تتغلب على روح الدولة.

وفي الانماء المتوازن والعدالة الاجتماعية وتساوي الناس في الحقوق والواجبات، نعمل فنقدم القوانين، اقتراحاً ومشروعاً، ونقر بعضها ونمنع من اقرار الكثير الكثير مما يطمئن في استعادة الجنسية وبيع الأراضي وما يبلسم في المفقودين في سوريا والمتواجدين في اسرائيل، وما يؤمل منه في التدقيق المالي والضمان الاجتماعي وضمان الشيخوخة والعدالة الضريبية وسلسلة الرتب والرواتب والواردات العادلة والشراكة الامنية…

ونستلم الوزارات فنضع لها الخطط والبرامج ونبدأ بتنفيذ المشاريع لاعطاء الناس حقوقها في الاتصالات والماء والكهرباء والنفط والعمل والقضاء العادل. فيتم التحايل علينا لانتزاع هذه الحقائب منا ليتبين أنّ السبب هو ايقاف المشاريع وتوقيفها بحجج واهية عديدة منها البيئية والزراعية والتقنية وعلى رأسها المالية. فالاتصالات تتراجع خدمة وموارد فقط بسبب اتخاذ اجراءات معاكسة لاجراءاتنا، واموال البلديات من عائدات الخليوي يحرمون منها فقط بسبب انه عمل حق قمنا نحن به.

ومعامل الكهرباء التي كان يفترض انتهاء اثنين منها هذا الشهر تتوقف اعمالها، ليحرم المواطنون من وعد اعطيناهم اياه بــ24/24 في نهاية الــ2015 ;وسدود المياه يجري العمل على توقيفها لأنها في مناطقنا بالرغم من اننا في مرحلة جفاف استثنائية لا يستحي احد منها ومن الظهور في الاعلام او التستر من خلفه لايقاف بنائها .

ومشاريع بناء خط الغاز الساحلي ومحطة التغويز المائية يجري تجميدهم بالرغم من توفيرهم اكثر من مليار دولار سنوياً، ما يزيد عن حاجتنا من موارد للسلسلة.

ومشروع الاستكشاف والتنقيب عن البترول براً وبحراً يجري تأجيله مراراً ويحرم اللبنانيين من الخلاص الاقتصادي والمالي، فقط لمصالح البعض السياسية خارجياً، ولمصالح البعض المنفعية داخلياً وكأن بلدنا لا قيمة لازدهاره ولاستقراره.

وفي قانون الانتخاب، نُحَجّم فتطير المناصفة فعلاً مُعاشاً وتبقى كلاماً جميلاً. فنحاول تصديق الكلام ونقدم القوانين المحققة للشراكة فتطير ويطير معها شرعية المجلس النيابي والمجلس الدستوري، لنعيش تمديداً مرشحاً لتمديد، تُمدد معه حالة اللاشراكة واللامناصفة واللاتوازن، ونعيش الاختلالات الممدّدة لأزماتنا الوطنية.

وفي رئاسة الجمهورية، تُنزع الصلاحيات وتُصغر، ويُختار لها أشخاص هم بتمثيلهم أصغر حتى من ممارسة ما تبقى. فنساوم للتعويض عن الموقع، قانوناً انتخابياً وتمثيلاً حكومياً وتشاركاً سياسياً. ثم نقاوم لاستعادة الموقع، فنُتّهم بالتعطيل بعد أن عطّلوا المركز، ويريدون تعطيل من يملؤه. حسبهم أن اتهامهم سيردعنا عن مقاومتنا، غير مدركين أي نوع من المقاومين نحن واننا نلعب مصيرنا ومصير من نمثل في لحظة نتعرض فيها لمعركة تصفية تمر في الموصل وكسب وقصر بعبدا، وأن التصفية السياسية لنا في لبنان هي تصفية معنوية لكل من نمثل وهي داعشية سياسية مطلوب من أفرقاء الداخل التوقف عن ممارستها ومن أفرقاء الخارج الامتناع عن تغطيتها.

نحن لا نبكي هنا ولا نندب أنفسنا، نحن نوصّف فقط لنواجه، ولكي يواكبنا الرأي العام في مواجهتنا. نحن لسنا بكائين شحاذين، نحن مقاومين معاندين لحقوقنا، نحن طلاب حق.
نحن نطالب المجتمع الدولي بوقف جريمة الصمت وبوقف أي عمل يشجع على هجرة المجموعات المكونة للمنطقة والاقليات وخاصة المسيحية منها، ونقول له “إن خطيئة تهجير ملايين المسيحيين لا يمكن مسحها أو غفرانها باستقبال بضعة آلاف منهم”.

ونقول للغرب إنّ تفريغ الشرق من مسيحييه هو تفريغ للمسيحية من رسالتها ومعناها، وان تفريغ الشرق من مشرقييه هو تفريغ للبشرية من انسانها المتعدد وإنّ تفريغ الموصل وكسب وقصر بعبدا من ناسها الأصيلين سيؤدي الى إملاء شوارعكم بمفرغيهم.

نحن نسأل الفاتيكان (والكنائس الشرقية) أكثر من الصلاة ونسألهم باستعمال نفوذهم وتأثيرهم الدبلوماسي في العالم ليس لتأمين الحماية فقط بل لتأمين العقاب والملاحقة للارهابيين عبر القانون الدولي والمحكمة الجنائية الدولية.

ونسألهم: من يحمل الرسالة اذا ازيل الرسل وماذا يبقى من روما اذا ازيلت اقدام المسيحية؟ نحن نتوجه الى المسلمين في العالم بتحمل مسؤولياتهم تجاه ديانتهم بنزع اللثام عن التكفريين واظهار صورة الله البهية، وعدم تقاذف خطر الارهابيين من بلد الى آخر وعدم وضع خطوط وحدود لتقدم داعش بل الغاء أي خط تواجد لهم والاطباق عليهم في كل دول المنطقة والعالم من خلال استراتيجية إقليمية لإلغاء التكفير، يكون منبعها الفكر المتنور وتكون أدواتها سيوف الحق.

نحن نطلب من المسيحيين والاقليات في المنطقة بالبقاء في أرضهم وبالدفاع عنها بكل الوسائل المتاحة لهم ونطالب لهم بوسائل الدفاع عن انفسهم، ونقول لهم ان اقتلاعكم من ارضكم هو اقتلاعكم من ذاتكم ، تلك الذات التي لن تجدون مكاناً لها في العالم، حتى في لبنان الذي هو مكان الجميع.

نحن نقول لإخوتنا في المواطنة، في اللبنانية، نقول للبنانيين، إنّنا خلقنا معاً ووُهبنا هذه الارض معاً، ائتمنا على هذا النموذج معاً فصار عندنا بلد صغير بحجمه ولكن كبير برسالته، فهل نضيّع هذا الارث الانساني الحضاري العظيم او نحافظ عليه ؟

من دوننا او من دونكم لا لبنان ولا قيمة له: ومن دون دورنا السياسي الكامل لا وجود لنا في لبنان; ومن دون وجودنا في لبنان سيكون لكم صحراؤكم ويكون لنا جبالنا الموزعة في العالم من دون طعمكم ومن دون طعم لنا.

الآن هو أوان الشراكة والاعتراف بالآخر إدارةً ونيابةً ورئاسةً، أو هو أوان الداعشية السياسية. فاختاروا وأعلنوا .

ونحن ننادي الأقليات والمسيحيين في لبنان للقيام برسالتهم، رسالة المسيح على الأرض. فلا عجب إن هم اضطُهدوا، فهذا ما أبقاهم في هذه الجبال “وطوبى لكم إن اضطهدوكم من أجل اسمي”، ونحن نقول للمسيحيين في لبنان أنّ بواخر اتت لترحيلهم فأبوا وقاتلوا وصمدوا، وأنّ المطلوب اليوم هو أقل بكثير، فالمطلوب هو البقاء على إيمانكم برسالتكم وبوطنكم.

نحن أمامكم في المواجهة فاثبتوا الا اذا رأيتمونا متزحزحين، والله لن نتزحزح. ونحن نقول لأبناء التيار الوطني الحر ولأحزاب التكتل وحلفائه وأصدقائه والمحبين حافظوا على روح المقاومة، فنضالنا مستمر ومتواصل ومتعدد الاشكال. واستعيدوا روح المبادرة، وكونوا خفراً لبلدياتكم، وأنصاراً لجيشكم، واشنقوا أصنامهم في الطرقات، وفكّوا لحامهم عن الأبواب، وانزعوا ملصقاتهم عن الأفواه وكونوا كما كنتم دوماً رموز “الشرف والتضحية والوفاء”.

السابق
(بالفيديو).. فلتان السير في لبنان
التالي
إطلاق نظام فريق صحة العائلة في صيدا