الله لا ينحاز إلى جماعة

“اقتلوهم جميعاً، فالله يمّيز بين عباده الصالحين”. بهذه الجملة المروعة خاطب كرومويل جنود الملك هنري الثامن على أثر تعيينه وزيراً للملك في بريطانيا، آمراً العسكر بقتل جميع الكاثوليك في المملكة،

وبين حروب البروتستانت والكاثوليك باﻷمس والسنة والشيعة اليوم قواسم عديدة مشتركة عنوانها حروب المصالح السياسية والاقتصادية يلبسها أصحاب القرار عباءة الدين، والقتال باسم الله اليوم أو المسيح بالأمس!
وشأن جميع الحروب المذهبية في التاريخ يعتقد اتباع المذاهب المتناحرة والضالة ان مذهبهم يخوض مواجهة وجودية بين الحق والباطل، بين أتباع الله وأتباع الشيطان، فيقتل بعضهم بعضاً في سبيل اله مزيف متعطش للدماء خلقوه انعكاساً لنفوسهم المريضة، فيما الله الرحمن الرحيم يمضي صامتاً، متسائلاً، من أين لهذا المخلوق الذي هو بعض من نوره هذه القدرة على ارتكاب البشاعة، والطاقة على الكراهية والقتل!
في عصرنا الحالي يشكّل أصحاب القرار لدى السنة والشيعة وأتباعهم الذين يقولون لهم:(آمنا راضين بما تنزلونه علينا من كوارث، ومآسٍ وآﻻم)، يشكلون جميعهم عملة واحدة لوجوه قبيحة عنوانها الفتنة والقتل باسم الله!
وكما باعت الكنيسة في العصور الوسطى صكوك الغفران الى إتباعها، ها هم أصحاب الخلافة والوﻻية، يبيعون أتباعهم الوعود الواهمة بالجنة وحور العين والقصور وأنهار العسل واللبن! وشأن النتيجة التي آلت اليها الحروب الدينية في القرون الوسطى، سينتهي الصراع الحالي بكثير من الموت والدماء والمآسي ينتج منها في النهاية سقوط كل من الخلافة والولاية والفكر الغيبي الديني، ليحل العقل مكان الغريزة والانتماء للفكر الانساني بدل القبائل المذهبية، والصلاة أن يكون لأمتنا مثال دفنشي لينقلنا من عصر الظلام الى عصر نوراني بامتياز نكشف زيف عباد الله المجرمين وضلالهم!
الجميع يقاتل على أنغام الحديث المدسوس والمنسوب الى النبي محمد، (ستهلك أمتي الاّ فرقة واحدة ستكون الفرقة الناجية).
وعليه يخطئ من يظن أن الانتماء الى المجموعة من شأنه أن يشكّل خشبة الخلاص له، إذ لا يمكن لله أن ينحاز الى جانب الجماعة، وخصوصاً أن قاعدة الحساب هي فردية وفقاً للآية القرآنية (من عمل مثقال ذرة خيراً يره ومن عمل مثقال ذرة شراً يره)!
واذا كان من سبيل للنجاة فستكتب للإنسان الذي يعمل بعقله للتمييز بين الحق الذي هو السلام والطمأنينة والباطل الذي هو القتل وتدمير الروح البشرية لأي دين أو مذهب انتمت… وألا ينقاد الانسان لغرائزه فيبرر لمجموعته قتل المجموعات الأخرى تحت شعارات موبوءة عنوانها جواز قتل الغير المختلف عنا هوية ومذهباّ وديناً أو عرقاً!
فالمظلوم هو الانسان المستكين الى الله الواحد الأحد، والظالم هو الانسان المتمسك تمسكاً أعمى بمذهبه وأولياء هذا المذهب، وتجده يحول منهم آلهة من دون الله. وأخيراً، يجب على المؤمن العاقل أن يعي أنه في الانتماء الى الإنسانية وصول الى الله، بينما في المذهب تقوقع واندحار وتعبد لأنصاف الآلهة ومقامات لا تغني شفاعتها شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء!
وما على العاقل الاّ البلاغ”.

السابق
مرجع كنسي يأمل من دار الإفتاء محاسبة شيخ مسجد الامير سيف الدين طينال
التالي
بوصعب إلى 148 ألف طالب: أنتم ناجحون