خلاصة مقابلة السيّد مع الأخبار: إنسان عاديّ وليس قدّيسا

من قرّروا إظهار "القائد" بمظهر "الإنسان العادي" في مقابلته مع "الأخبار" خطّطوا بدقّة لهذا الأمر. ففي زمن الانتصارات يكون القائد إلهيا، وفي زمن الهزائم يصير إنسانا عاديا "وكلّنا نخسر لأنّنا بشر"، كأنّي بمن رتّب المقابلة يقول. وبعد خسوف الهلال "الممانع"، من العراق إلى سوريا وصولا إلى لبنان، يبدو أنّ نصر الله يعلن، بشكل نهائيّ، أنّه إنسان عاديّ. فالقدّيسون لا يُهزَمون، ولا يأكلون الملوخية ولا يشاهدون المسلسلات. خلاصة واحدة للمقابلة: السيّد حسن نصر الله إنسان عاديّ... والبقية تأتي.

من قرّروا إظهار “القائد” بمظهر “الإنسان العادي” في مقابلته مع “الأخبار” خطّطوا بدقّة لهذا الأمر. ففي زمن الانتصارات يكون القائد إلهيا، وفي زمن الهزائم يصير إنسانا عاديا “وكلّنا نخسر لأنّنا بشر”، كأنّي بمن رتّب المقابلة يقول. وبعد خسوف الهلال “الممانع”، من العراق إلى سوريا وصولا إلى لبنان، يبدو أنّ نصر الله يعلن، بشكل نهائيّ، أنّه إنسان عاديّ. فالقدّيسون لا يُهزَمون، ولا يأكلون الملوخية ولا يشاهدون المسلسلات.
خلاصة واحدة للمقابلة: السيّد حسن نصر الله إنسان عاديّ… والبقية تأتي.

 

حين انتهت حرب تموز 2006 في 14 آب 2006 سارع “حزب الله” إلى تعليق لافتات ملأت شوارع ضاحية بيروت الجنوبية ولبنان كلّه، باللغتين العربية والإنكليزية، تقول: “الإنتصار الإلهي Divine Victory”.
كان الجوّ حينها أنّ الله نصر شيعة علي بن أبي طالب على اليهود الصهاينة. وكان المنتصرون يتبادلون أخبارا، لم تلبث أن نُشِرَت في كتب عن “دار المحجة البيضاء” فيها أنّ “الملائكة نقلت أسلحة” وأنّ “الملائكة شاركت في القتال” إلى جانب مقاتلي “حزب الله”.
كانت أيام انتصار وقداسة. وراتفعت هالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى السماء. بات مقدّسا، وكلّ من يفكّر في انتقاده كان يُخوَّن ويُتّهم بالعمالة لإسرائيل والصهيونية. وبعدها ظلّت القداسة تفعل فعلها. فالناس، البشر بشكل عام، وليس “أشرف الناس” فقط، يميلون غريزيا وفطريا إلى “طلب” القداسة لعبادتها. المسيحيون يطوّبون القديس تلو الآخر، وعبدة الأصنام والآلهة، من غير التوحيديين، يقدّسون أشخاصا ومزارات، وحتّى المسلمون، الذين قال لهم الرسول محمد إنّه خاتم الأنبياء، لا يزالون يقدّسون “سرّ” آية الله هذا أو الشيخ ذاك، من الشيعة، أو “وليّ من أولياء الله الصالحين” من السنّة… والقافلة لا تنتهي.
كان زمن انتصار إذا، وراح كثيرون يكتبون عن أنّ السيّد حسن نصر الله قد يكون هو “المهدي المنتظر”. وخرجت علينا كتب وتنظيرات تغذّي هذه المخيّلة وهذا العطش البشري إلى التبرّك من رجال هم إنصاف آلهة. وكثيرون إلى اليوم يؤمنون بأنّ ظهور المهدي بات قريبا، مع فارق أنّهم باتوا يعتبرون “السيّد حسن” واحدا من الذين سيبشّرون بظهور المهدي، وليس هو المهدي نفسه.
في مقابلته الأخيرة مع جريدة “الأخبار” إختلف الأمر كثيرا. بدا واضحا أنّ مسؤولي العلاقات الإعلامية، والمجلس القيادي في “حزب الله”، وربّما يكون الأمر آتيا من إيران، ومن “قم”، بدا واضحا أنّ هناك رغبة في “أنسنة” السيّد حسن نصر الله والتأكيد على أنّه “بشريّ” وأنّه ليس المهدي ولا نصف إله.
في المقابلة الأخيرة بدا نصر الله إنسانا عاديا، يحبّ الملوخية، يشجّع الأرجنتين مثلما فعل نصف سكّان الكوكب خلال المباراة النهائية في كأس العالم قبل شهر، وينتظر، في العتمة، نقل التيار الكهربائي من “الدولة” إلى “اشتراك الموتور”، ويشاهد مسلسلات رمضانية، منها “التغريبة الفلسطينية”، ويقلّب بين المحطّات التلفزيونية، خصوصا “العربية” و”الجزيرة” و”الميادين”، و”ضعيف” في اللغة الإنكليزية…
وضوح الشمس أنّ من قرّروا إظهار “القائد” بمظهر “الإنسان العادي” خطّطوا بدقّة لهذا الأمر. ففي زمن الانتصارات يكون القائد إلهيا، وفي زمن الهزائم يصير إنسانا عاديا “وكلّنا نخسر لأنّنا بشر”، كأنّي بمن رتّب المقابلة يقول.
بعد خسوف الهلال “الممانع”، من العراق إلى سوريا وصولا إلى لبنان، بإزاحة الرئيس العراقي نوري المالكي و”طرد” الرئيس اللبناني نجيب ميقاتي، و”تدهور” الرئيس السوري بشار الأسد، يبدو أنّ نصر الله يعلن، بشكل نهائيّ، أنّه إنسان عاديّ. فالقدّيسون لا يُهزَمون، ولا يأكلون الملوخية ولا يشاهدون المسلسلات.
خلاصة واحدة للمقابلة: السيّد حسن نصر الله إنسان عاديّ… والبقية تأتي.

السابق
مسيرة الى ضريح الصباح في ذكرى ولادته
التالي
6 مليارات دولار ينفقها الخليجيون على المدارس الخاصة