ثورة علوية؟

“إلك الكرسي والتابوت لأولادنا”، شعار أعاد النظام السوري ثلاث سنوات إلى الوراء. وضعه من جديد أمام مواجهة التحركات السلمية والسرية التي يخشاها أكثر من السلاح لما فيها من معنى حقيقي للثورة.

وفي حدث لم تشهده سوريا منذ بداية الثورة في العام 2011، علمت “النهار” أن تظاهرة جرت الاربعاء أمام المستشفى الدولي في اللاذقية من اهالي ريف اللاذقية والذين ينتمون إلى الطائفة العلوية، رفعوا فيها شعارات “إلك الكرسي والتابوت لأولادنا”، “الشارع بدو يعيش”، “عرس ابني… بحياتو مو بموتو” ، لتتدحرج كرة الثلج سريعاً وتبدأ تحركات سنية مرحبة في حلب وادلب وجبل تركمان بالحركة العلوية المعارضة التي جسدت المثل القائل “أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي”.

الحدث يعود إلى جهد شبابي جريء، وشعارات اطلقت ضمن حملة “صرخة” منذ ثلاث أشهر، صدح معها الصوت المكتوم بشعارات ضد الرئيس السوري بشار الأسد، فضلاً عن منشورات وزعها ناشطون في اربع محافظات سورية، اربكت النظام السوري وكشفت عدد قتلاه. وتظهر إحداها أن عدد القتلى من جيش النظام منذ بداية الثورة بلغ 330 الفاً، منهم 40 الفاً من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة الذين غالبيتهم من الطائفة العلوية. 4500 شخص من صف الضباط هم معتقلون في الأفرع الأمنية. 3050 ضابط معتقل بينهم 145 من الطائفة العلوية. 130 الف مشوه وجريح ومعوق، 38 الف عسكري محتجز يخشى النظام استخدامهم حتى لا ينشقوا. 189 الف مذكرة بحث وتوقيف في حق عسكرين اعتبرهم منشقين او متخلفين او فارين من الخدمة العسكرية.

الحملة في 4 محافظات

وفي ضوء ذلك، أوضحت مديرة المنظمة السورية للطوارىء رزان شلب الشام لـ”النهار” أن “حملة صرخة انطلقت منذ ثلاثة اشهر ولم تظهر إلا حديثا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مشاكل في التواصل عانى منها الناشطون العلويون”، مشيرة إلى أن “الحملة بدأها الشباب العلوي في اربع محافظات: طرطوس واللاذقية وحماة وحمص، وسط اجراءات أمنية مشددة”.

تهتم المنظمة بدعم الشباب العلوي لايصال صوتهم، وتوضح رزان أن “الناشطين يدعمون المعارضة منذ زمن، لكن للاسف لم يتوفر لهم الامكانيات من أجل ايصال الصوت، فقمنا كمنظمة بدعمهم وتسهيل امورهم في الداخل وزودناهم بأجهزة اتصال وطباعة وتصوير وهم يوزعون منشورات عن طريق ربطات الخبز ويضعون الصور على الجدران والسيارات، فساد التوتر في المناطق العلوية وانتشرت عناص الأمن والشبيحة وكما كان ينتشر بداية الثورة”، لافتة إلى “تحركات في مناطق سينة يحيّون فيها الشباب العلوي في الساحل، ومنها في حلب وادلب واللاذقية وجبل التركمان والأكراد ويرفعون الشعارات نفسها وهو حدث لم يحصل منذ ثلاث سنوات، اضافة إلى التظاهرة امام المستشفى الدولي، ما يرجح توسع رقعة الحملة العلوية”.

أبو علي، هو أحد الناشطين الميدانيين للحملة في الساحل السوري. ينشط يومياً من أجل توزيع المنشورات والصاقها على الجدران بحذر، ويقول لـ”النهار”: “الجو الأمني بات لا يوصف وخطيراً للغاية بعد اطلاق حملة صرخة”.

هذا الشاب الجريء لمس تفاعل الشارع مع الحملة، ويقسمه إلى اثنين، الأول يرتبط بـ”ألم مشترك بين الجميع وهو الحالة السورية الطائفية والادراك انه لا يمكن لأحد الغاء الاخر”، والثاني: “صدمة لدى الجميع بعد اطلاق هذه الحملة التي تعتبر الاولى من نوعها والتي حصلت على اثرها ردات فعل كصرخة الصوت المكتوم، وفي العموم التفاعل افضل المطلوب”.

الأمل وحده يؤّمن لأبو علي الطاقة لمتابعة المشوار، وعن توسع رقعة الحملة وجذب معارضين علويين يقول: “الموضوع يقع على عاتقنا جميعاً، ونحن محكومون بالأمل والمستحيل بالنسبة إلينا مرفوض وسنرى بعد فترة تفاعل باقي الطوائف مع هذه الحملة لنصل إلى صيغة نهائية، بانها حملة سورية تحمل عنوان “الاسد الى زوال والسوريون هم الأساس”، كاشفاً عن “التواصل مع باقي اطياف المجتمع السوري وتم الاتفاق على صرخة واحدة”.

تسير الحملة وفق “خطة مدروسة”، رفض أبو علي الافصاح عنها في الوقت الحالي لقناعته بسرية العمل، ويقول: “قد تقوم الكثير من الجهات بتبني الحملة لأسباب يعلمها البعض واخرى يجهلها، لكننا نؤكد من خلالكم اننا لن ننجر وراء اي استفزازات وسنستمر بالوتيرة نفسها… وكل شي بوقته حلو” .

النظام حرقه مع اطفاله لأنه اراد الانشقاق

للحملة صفحة على “فايسبوك” باسم “صرخة”، جمعت أكثر من الفي متابع خلال ايام، ويدور فيها نقاش راقي واعجاب يبديه معارضون بما يفعله ناشطون العلويون.

وكتب فادي الحمصي في الصفحة: “اقلبوا السحر على الساحر أيها العلويون. قولوا بصوت واحد يسقط بشار. باع وطنه للإيرانيين. أفيقوا من سباتكم. اقلبوا الطاولة عليه. ننتظر القرداحة تقوم عليه. نعم نعم نعم هاذا يبشر بالخير … انضموا الى ثورة الشعب… الشعب معكم”.

وكتبت هبة زهيري التي تنتمي إلى الطائفة العلوية: “يا شباب الطائفه العلوية مصادرة اكتر منكن والله وفي كتير ناس منها واقفه عالحياد وفي كتير ناس ضد النظام. ومن قبل الاحداث، بس الرعب والتشديد الامني الشديد ما عم يخلوهوم يتنفسوا. هاد غير الاشاعات يلي بثها النظام و لساتو عم يبثها انو الشغله طائفيه وجاييين يدبحوكون… وانو اذا النظام راح انتو يا علويين رح تندبحو مع وﻻدكن وستسبى نسائكم و و و و… وبصراحه الناس المتطرفين دينيا.. ولو انهم قلة من مكونات الشعب السوري، لكن ساهمت وساعدت النظام في تصديق هالاشاعات …”.

السابق
6 مليارات دولار ينفقها الخليجيون على المدارس الخاصة
التالي
(بالفيديو) تجّار السلاح بين طرابلس والضاحية