إيران من السيطرة بـ«الجملة» إلى التعامل بـ«المفرّق»

ليس واضحاً حتى الساعة كيف ستستَقرّ وجهة الأحداث ومسارها في العراق، وإستطراداً في غيره من دول الإقليم المتفجّر والمتفلّت من عقاله.

يسود التشاؤم صفوف عدد من المعلّقين والمسؤولين الأميركيين من دخول العراق مرحلة طويلة من عدم الإستقرار، قد تكون أخطر وأشد من التي يمرّ بها راهناً.

قد يكون لإصرار رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي على التمسك بـ«الدستور»، ليُقرّر ما إذا كان سيُغادر موقعه طوعاً أو إكراهاً، دورٌ رئيس بل مؤشّر على تلك المخاوف، فيما مواقف اللاعبين الإقليميّين والمحليّين، المعلََنة أو المبطّنة، تُنذر بأنّ الأمور قد لا تصل الى خواتيمها باليُسر المرتجى.

يقول بعض المراقبين إنّ خطاب المرشد الإيراني علي خامنئي أمس الاول أمام عدد من الديبلوماسيين عن أنّ العلاقة مع الاميركيين، في ما عدا الملف النووي، أمرٌ لا يرتجى منه، يعكس خيبة أمل طهران من إمكان عقد شراكة فعلية مع واشنطن، في الوقت الذي قدّمت فيه ما هو مطلوب منها في العراق!

وتخشى أوساط ديبلوماسية أخرى من أن يكون إعلان نائب مستشارة الامن القومي بن رودس، تأليف «تحالف دولي لحماية الأقليات»، لتنفيذ عمل عسكري في جبل سنجار وفكّ الطوق عن الأزيديين المحاصَرين ونقلهم الى مناطق آمنة، هو إشارة أخرى الى حدود العملية المتوقّعة في العراق، في وقت لا يبدو فيه أنّ اتفاقاً أو تعاوناً أوسع يشقّ طريقه الى حلحلة الخلافات المستعصية التي تعصف بالمنطقة.

وتضيف تلك الأوساط بأنّ الضربة التي تلقتها طهران في العراق لم تُثر نقاشاً إيرانياً يشير الى أنها في طور إعادة قراءة سياساتها الإقليمية على نحو استدراكي. ويُدرك الاميركيون هذه الحقيقة، مثلما يُدركون أيضاً أنّ الطرف الآخر لم يتخلَّ عن مواقفه.

وتؤكّد الاوساط أهمية الرسائل الخليجية الاخيرة والموجّهة، ليس الى الداخل فحسب بل الى الخارج خصوصاً، والاستعداد لتكون رأس الحربة في مواجهة الارهاب في المنطقة.

هذا ما أعلنه العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز حين دعا رجال الدين الى القيام بواجبهم لمكافحة الارهاب وطرده. وهكذا تُقرأ مهلة الايام السبعة التي أعطاها وزراء خارجية دول مجلس التعاون الى قطر لتطبيق اتفاق الرياض، ودعوتها الى التراجع عن سياساتها الداعمة للتيار الإسلامي الأصولي والمعتدل على السواء.

وخلافاً لما يعتقد البعض، فإنّ امكان حصول حلحلة او تسويات «عاقلة» في ملفات سوريا ولبنان واليمن وليبيا، قد تكون بعيدة المنال حتى اللحظة. وإذا كانت سيطرة إيران على الدول التي تمسك بأوراقها بـ«الجملة» مُتعذّرة، فلا شيء يوحي بأنّ استمرار تلك السيطرة غير ممكن بـ«المفرّق».

وفي هذا الاطار، تقول الأوساط الديبلوماسية «إنّ الوضع في سوريا، ولبنان خصوصاً، قد يشهد مزيداً من التأزّم، مع فشل «موقعة عرسال» واحتمال تجديدها في مناطق اخرى.

وكلّ الكلام الذي يتحدّث عن بقاء «المظلّة» عصية فوق لبنان في معزل عما تشهده المنطقة، يحتاج الى جهود جبارة، خصوصاً أنّ الطرف الذي حاول إسقاط الجيش بالضربة القاضية عبر توريطه في ما حصل، لا يبدو أنّه في طور تغيير أدائه السياسي والأمني والعسكري، سواء داخل لبنان أو خارجه».

لكنّ تلك الاوساط تؤكد أنّ ما تضمنه تلك المظلّة حتى الساعة هو عدم تحوّل الأزمات الأمنية مشكلاتٍ تطيح بمقوّمات البلد، ما يعني أنّ تعليق مؤسساته الدستورية سيبقى الى ما شاء الله.

وتختم: «إذا كان العراق يعكس نموذج ما يمكن أن يحصل في لبنان أو سوريا، فعلينا مراقبة ما سيحصل هناك في الساعات والايام القليلة المقبلة، لتبيان الخيط الأبيض من الأسود».

السابق
(بالفيديو) تجّار السلاح بين طرابلس والضاحية
التالي
(بالصورة) مذيع يلتقط Selfie مع ’مؤخرة’ كيم