عودة الحريري وتعيين العبادي: بداية التسوية الشاملة ام معالجات موضعية

قاسم قصير

برزت في الايام القليلة الماضية عدة تطورات مابين بغداد وبيروت تحمل مؤشرات ايجابية وقد تفتح الباب امام تسويات جديدة للازمات القائمة في هذين البلدين وقد تمتد الى الساحات الاخرى المشتعلة.

ففي بيروت وفي خطوة مفاجأة عاد رئيس تيار المستقبل الشيخ سعد الحريري محملا بمليار دولار من المملكة العربية السعودية لدعم الاجهزة الامنية اللبنانية في مواجهة الارهاب والتحديات المختلفة، وقد اتت عودة الحريري الى بيروت بعد احداث عرسال والمواجهة التي خاضها الجيش اللبناني مع المجموعات السورية المعارضة والتي احتلت البلدة ردا على اعتقال احد قيادييها.

ومن بغداد جاء القرار بإختيار حيدر العبادي رئيسا للحكومة بديلا عن نوري المالكي ولقد لقي الاختيار ارتياحا ودعما اميركيا-ايرانيا-سعوديا –تركيا، ورغم اعتراضات المالكي على الاختيار فان معظم القوى العراقية رحبت بالاختيار واعتبرته مدخلا لمعالجة الازمة العراقية ومن اجل مواجهة تنظيم”داعش” وما يشكله من خطورة على العراق والمنطقة كلها.

فهل عودة الحريري الى لبنان واختيار العبادي في العراق بداية تسويات شاملة للازمات في المنطقة ام هي معالجات موضعية بانتظار نضوج الظرف المناسب للاتفاق الشامل والذي قد يمتد الى ساحات اخرى ومنها سوريا واليمن والبحرين؟

مصادر سياسية مطلعة في بيروت اوضحت : ان عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت لم تتم باتفاق مسبق بين الاطراف الاساسية وخصوصا بين تيار المستقبل وحزب الله، وانما جاءت العودة بقرار سعودي من اجل مواجهة المتغيرات التي حصلت في لبنان بعد احداث عرسال والخوف من سيطرة الاتجاهات المتشددة على الساحة الاسلامية والمشاكل التي عانى منها تيار المستقبل في مواجهة التطورات والتي كشفت عن خلافات عديدة داخل التيار وبروز اكثر من وجهة نظرداخله، وكل ذلك تطلّب قرارا سعوديا سريعا بعودة الحريري لاعادة الامساك بالوضع السياسي والشعبي والبحث عن حلول للأزمات القائمة.

وتوضح المصادر : ان عودة الحريري الى بيروت قد تساعد باجراء الحوارات والاتصالات المباشرة بين مختلف الاطراف للتوصل الى حلول لمختلف الازمات وخصوصا ملفي الانتخابات الرئاسية والنيابية والاوضاع الامنية والمعيشية، لكن حتى الان لا يوجد تفاهم منجز وهناك حاجة كبيرة لمزيد من النقاش والتواصل والحوار للبحث عن حلول شاملة وان كانت المعالجة السريعة لازمة عرسال تؤكد ان هناك قرارا دوليا-اقليميا-محليا بمنع الانفجار الشامل للوضع اللبناني وابقائه تحت السيطرة.

اما بشأن الاوضاع العراقية واختيار حيدر العبادي رئيسا للحكومة فتشير المصادر: ان هذا الاختيار جاء في اطار وقف التدهور السياسي والامني والعسكري الذي يواجهه العراق بسبب ما يقوم به تنظيم”داعش” من اعمال عسكرية والسيطرة على المزيد من المناطق وفشل نوري المالكي وحكومته في المواجهة.

ولا تنفي المصادر السياسية الاشارة: بأن ما جرى حصل على توافق دولي-اقليمي-داخلي وانه سيشكل مؤشرا ايجابيا للبحث عن حلول للازمة العراقية وقد يفتح الباب امام حلول شاملة لبقية الازمات ، لكن المفاوضات لا تزال في بدايتها ولا يوجد حتى الان اتفاقات او تسويات شاملة وان كان هناك تخوفا كبيرا لدى العديد من الاطراف من مخاطر انتشار وقوة المجموعات المتطرفة وخصوصا في العراق وسوريا ولبنان وكل ذلك شكل دافعا للعمل السريع لوقف الانهيار والبحث عن حلول عملية للازمات.

مصادر اسلامية مطلعة في بيروت رحبت بهذه التطورات الايجابية ودعت القوى والحركات الاسلامية للاستفادة من هذه المؤشرات والعودة الى الحوارات المباشرة من اجل التوافق على حلول لمختلف الازمات ووقف الصراعات المذهبية والتعاون بين الجميع لمواجهة خطر التطرف لان ما يجري اليوم لم يعد يستهدف طائفة او مذهبا او جهة حزبية او سياسية وانما الخطر يستهدف الاسلام والمسلمين وكل ذلك يتطلب حراكا سريعا وعدم الاكتفاء بانتظار المتغيرات الدولية والاقليمية والاتفاقات الآتية من الخارج.

 

السابق
هيئة التنسيق تصرّ على إقرار السلسلة كحل وحيد
التالي
جعجع: داعش كناية عن مجموعات مخربة ولا تشكل خطراً وجودياً