عودة الحريري تظهّر الخلاف بين ’الجماعة’ و’المستقبل’

لم تسهم عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان بكسر الجليد المتراكم بين «تيار المستقبل» و«الجماعة الإسلامية». فالحريري لم يضع في حساباته، خلال الأيام القليلة التي أمضاها في بيروت، لقاء قيادة الجماعة، كما أن «الجماعة» لم تبادر بدورها الى طلب موعد منه. أما تلبية نائبها عماد الحوت الدعوة الى «بيت الوسط» فكانت طبيعية (بحسب مصادر قيادية) كون الدعوة شملت كل الهيئة الناخبة لمفتي الجمهورية بدون استثناء، علما أن «الجماعة» لم تلتزم بالتوافق السياسي المحلي والعربي الذي حصل على انتخاب المفتي الجديد الشيخ عبد اللطيف دريان، وسارت الى جانب «هيئة علماء المسلمين» عبر تصويت نائبها عماد الحوت للمرشح الشيخ أحمد درويش الكردي.
وبدا واضحا أن الحريري العائد الى لبنان بقوة الدفع السعودية عبر هبة المليار دولار، لم يكن متحمساً للقاء «الجماعة الإسلامية»، خصوصا أنه لم يمر زمن طويل على قيام السعودية بوضع حركة «الإخوان المسلمين» على لائحة الإرهاب، إضافة الى دعمها الانقلاب على حكم «الإخوان» في مصر عبر إطاحة الرئيس محمد مرسي ودعم وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى سدة الرئاسة المصرية، فضلا عن محاولاتها المستمرة للتضييق على أصول «الإخوان» وفروعها في كل المنطقة العربية، وبالتالي فإن الحريري الملتزم بالسياسة السعودية لم يجد ضرورة للقاء «الجماعة الإسلامية» في هذه الظروف.
ولا شك في أن موقف الحريري، ترجمه تياره خلال فترة غيابه، عندما قطع كل أشكال التنسيق والتعاون مع «الجماعة»، وحاول استبعادها في كثير من الاستحقاقات، كما لم تتوان بعض القيادات الزرقاء عن انتقاد «الجماعة» علانية على بعض مواقفها السياسية التي اعتبرتها متطرفة، أو انتقادها حركة «حماس» مؤخرا في مقاومتها للعدوان الصهيوني على غزة.
كما لم تقصّر «الجماعة» في الرد العنيف على «المستقبل» حيث اعتبرت أنه تخلى عن ساحته السنية، وورّط الشباب بشعارات تحريضية، ما دفعهم الى حمل السلاح ومن ثم تخلى عنهم، كما شنّت هجوماً كبيراً على التيار ومنسقه في الشمال مصطفى علوش عندما تناول الأخير في مقابلة تلفزيونية حركة «حماس» وجدوى الصواريخ التي تطلقها على العدو الصهيوني.
وإذا كانت قيادة «الجماعة» تتوحد في موقفها السلبي من «تيار المستقبل»، وتؤكد مصادرها أن تواصل النائب عماد الحوت مع قياداته هو بتكليف منها انطلاقا من سياسة عدم قطع «شعرة معاوية» مع أي مكون سياسي في البلد، فإن هذه القيادة نفسها تختلف حول ما إذا كان سلوك «المستقبل» معها ناتجاً من «تعليمة» سعودية أو أنه نابع من قيادة التيار.
وفي هذا الاطار، يرى قياديون في «الجماعة» أن «المستقبل» ينفذ السياسة السعودية بحذافيرها، وأن ما تقوم به «المملكة» من تضييق على حركة «الإخوان المسلمين» في كل البلدان العربية يترجمه «تيار المستقبل» في لبنان مع «الجماعة».
فيما يرى آخرون أن السعودية لا علاقة لها بتدهور العلاقة بين «الجماعة» و«المستقبل»، ويؤكدون أن التيار الأزرق يعمل وفق قاعدة «أنا أو لا أحد»، وبالتالي فإنه لا يحتمل شريكاً قوياً الى جانبه في الساحة السنية.
وقد ساهمت عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان بتظهير حجم الخلاف القائم بين «الجماعة» و«المستقبل»، حيث انتقد رئيس المكتب السياسي لـ«الجماعة» عزام الأيوبي آلية منح الهبة السعودية الى لبنان، واعتبر أن «إصرار السعودية على توكيل الرئيس الحريري بصرف هذه الهبة يهدف الى تعويمه سياسيا، والى تأكيد أنه يشكل إحدى البوابات السعودية في لبنان».
ويقول الأيوبي لـ«السفير»: «إن تقديم المنح المالية له آليات معينة، وهي تكون من دولة الى دولة، وليس عبر وسطاء. فالحريري ليس له أي صفة ضمن السلطة اللبنانية لكي يحمل هذه الهبة ويشرف على صرفها وكيفية توزيعها بين الجيش والقوى الأمنية الأخرى. ولو كانت هذه الهبة من دولة اخرى، وعبر جهة سياسية أخرى لقامت الدنيا ولم تقعد، ولكنا أيضا في الجماعة انتقدنا هذه الآلية».
ويضيف: «نحن مع تقديم كل الدعم الى الجيش اللبناني، وتقديم السعودية مبلغ مليار دولار بهذا الخصوص هو أمر جيد. وإذا كانت المملكة تريد مساعدة الحريري وتعويمه وتقويته فهذا أمر يخصها، ولكن هناك تصرفات فيها التفاف على الدولة، وليس بهذه الطريقة تأتي الهبات الى الدولة اللبنانية».
وحول عودة الحريري الى لبنان، يقول الأيوبي: «إن عودته مطلوبة، لكن الظروف السياسية والأمنية لم تتغير، وهذا يعني أن الجهات التي كان تمنع الحريري من العودة أو تقوم بتخويفه، قد أعطت الضوء الأخضر لعودته، أو أن اتصالات جرت بين السعودية وهذه الجهات ساهمت بتسريع هذه العودة».
وعن عدم طلب «الجماعة» موعدا للقاء الحريري، يقول: «لا سبب مباشرا لكي نلتقي به، ونحن لا قطيعة بيننا وبينه، وربما في الأيام المقبلة نلتقي ضمن إطار اللقاءات الدورية التي نجريها مع كل الشخصيات اللبنانية».

 

السابق
فرص لقاء الحريري ـ نصر الله معدومة
التالي
6 أسرار قد تصدمك عن روبين وليامز

تابعوا اهم اخبارنا على تطبيق الوتساب

يقدّم موقع جنوبية مواضيع خاصّة وحصرية، تتضمن صوراً ووثائق وأخباراً من مصادر موثوقة ومتنوّعة تتراوح بين السياسة والمجتمع والاقتصاد والأمن والفن والترفيه والثقافة.

مجموعة جنوبية على الوتساب