وداعاً.. موسى طيبا

رحل الطفل المبدع موسى طيبا وحيداً في منفاه الفرنسي بشارتر قرب باريس… وظلّ متحفه في قانا الجليل وحيداً ينتظر الزائر الذي جاءها مرة، فجعلها مباركة.

هو لم يرحل حقيقة. لقد تعب من انطفاء الأحلام بعيد التماعتها الأولى. تعب من السفر خلف آماله، وفي قلبها، ومن حولها. يدق باب «الزعيم» ليرعى «المتحف» فينال الوعد تلو الوعد.. ويدور في العالم يجمع اللوحات والتماثيل للمبدعين ليعرفهم أطفال قانا وجيرانها ولا يأتي «الزعيم» منتظراً أن يأتي إليه «المتحف».
وحلم بأن ينحت تمثالاً يجسد المقاومة برجالها ونسائها والأطفال. وعزّ عليه التنفيذ وإن تكاثرت وعود التعب حتى أتعبه حملها، فأنتج ما يدلّ على هدفه وإن ظل بعيداً عن طموحه.
لقد أعطى قانا متحفاً عالمياً، جاءه بنتاج بعض كبار المبدعين رسماً ونحتاً، بما يغني عن جولة بين العواصم والمعارض في عواصم الكون..
من قانا الجليل إلى بيروت ـ المعهد (الكسي بطرس)، إلى عاليه، إلى كفرشيما، حتى إذا ضاقت به الدراسة والتعليم انطلق يخترق العوالم السحرية بالرؤى والألوان الصارخة والأشكال التي تتداخل فيها الأحلام والأخيلة شعراً ونثراً وجملاً غير مكتملة.
زميل دراسة الكبار عيدو وماضي وجوني وحيدر وبدر الدين وقدورة و«المعلم» مرزوق… الساذج العبقري، الفوضوي المنظم، عاشق الأرض وهو يحلق فوقها بأحلامه، حاضن رفيقة عمره وذاكرته ودليله إلى البيت.. طارق أبواب المكاتب المغلقة على وزراء بالغلط لوزارة المواهب، رحل بلا وداع، وحيداً، غريباً، كما عاش، أصدقاؤه الألوان والأقمشة واللوحات وبعض المشفقين عليه من سذاجته.
موسى طيبا: أيها الغريب في وطنك، أيها الذي عرفك العالم بمبدعيه ونقاده أكثر مما عرفناك، الآن سنتباهى بك، وستقام لك حفلات الرثاء وستوزع لوحاتك أوسمة على صدور من لا يستحقها. إلى اللقاء.

السابق
مارتن يوسف: اسباب الاستقالة شخصية وعمل المحكمة مستمر
التالي
تفاصيل الاتصالات الأميركية – الإيرانية التي أفضت إلى التوافق على العبادي