اقتراح بتمديدٍ لسنتين وسبعة أشهر

80 يوما على اللاانتخاب لرئيس الجمهورية، و60 نائبا فقط حضروا الى ساحة النجمة وتلقّوا “هدية” هي عبارة عن علبة فيها رأس بندورة، كتب عليها “لا للتمديد”. أخذها النواب وهم يبتسمون ويتحضرّون لقراءة نص اقتراح قانون قدّمه النائب نقولا فتوش، يقضي بالتمديد سنتين وسبعة اشهر، لمجلس النواب الممدّد له اصلا.

وقع المحظور وبات التمديد واقعا، رغم كل التصريحات التي تعلن عكس ذلك، فيما في الكواليس كانت تتحضرّ اقتراحات القوانين، لتصبح جاهزة. وبالامس، لم يحدث أي جديد في أروقة المجلس. لا الرئيس سعد الحريري حضر، ولا حتى الرئيس نبيه بري. الرجلان يعلمان أن التسوية لم تنضج، فلم يخاطرا بأمنهما من أجل لا شيء. بري اكتفى من عين التينة باعلان تأجيل الجلسة الى 2 ايلول المقبل. والحريري غاب، فيما حضر نواب من كتلة “المستقبل”، تقدّمهم الرئيس فؤاد السنيورة.
والغائب الاكبر ايضا كان رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط، فهو العالم ان لا تطورات تستدعي الحضور، ولا سيما انه عاد وأكد تمسكه بالمرشح هنري حلو، الامر الذي يوحي أن لا مخارج للحلول قريبا. وكالعادة قاطع نواب “تكتل التغيير والاصلاح” و”الوفاء للمقاومة”.

التمديد لسنتين
هكذا، الصورة باتت واضحة. لا انتخابات رئاسية ولا انتخابات نيابية. والبلد كلّه في الثلاجة، باستثناء الوضع الامني الذي يفرض من الحين الى الآخر، تأهبا واستنفارا.
في أروقة المجلس، كانت الحركة خجولة. فآمال الصحافيين غابت بعدم حضور الحريري الذي كان ليشكّل العنصر الوحيد الجديد. وكعادته، حلّ فتوش ضيف البرلمان ليقدّم جديده في التمديد، رغم انه اعلن انه ليس “هاوي تمديد”، لكنه في كل مرة يكون “نجم” اقتراحات التمديد لمجلس لا يعمل أصلاً.
بالامس، قدم فتوش اقتراح قانون معجلاً مكرراً الى الأمانة العامة للمجلس يطلب فيه التمديد للمجلس سنتين وسبعة أشهر، ويورد فيه الأسباب الموجبة.
وقال فتوش: “لست هاوي تقديم اقتراح قانون للتمديد. أعرف الدستور جيدا وأعرف أحكامه، وان التمديد لا ينص عليه الدستور، لكنّ هناك ظروفاً استثنائية تولد معطيات استثنائية استنادا الى مواد الدستور، ويتبين ان الظروف الاستثنائية تعطي المجلس وحده الحق في التمديد لنفسه بولاية كاملة وبالقانون في حال الخطر الداهم”.
وسأل: “في الاساس، هل هناك إمكان لإجراء الانتخابات النيابية في هذا الظرف؟”
واقع التمديد لم يكن بعيدا عن لسان السنيورة، أذ أكد “اننا نريد الانتخابات، وهذا القرار مبدئي وينبغي التزامه، واذا كان ذلك متعذرا فلنكن واقعيين ونتحمّل مجتمعين الموضوع، لا ان يزايد كل واحد على الثاني”.
وتابع: “هل المشكلة مع سعد الحريري؟ المشكلة هي مع من يعرقل العملية ويمتنع عن حضور الجلسة. لا اعتقد أن أياً من أعضاء مجلس النواب يرغب في التمديد للمجلس، فهذه وكالة اعطاها الشعب للنواب من اجل تمثيلهم، ويجب اجراء الانتخابات. اضطررنا الى ان نمدد خلال السنتين الماضيتين وتحملّنا هذه المسؤولية مجتمعين، وهذه الاسباب لا تزال قائمة، ونعتقد ان الأولوية هي لانتخاب رئيس الجمهورية واجراء الانتخابات النيابية، وعندما يكون الامر متعذّرا، يقتضي ان نلجأ الى هذا الاسلوب، مع عدم محبتنا له، ولكن ينبغي ان نكون واقعيين”.
مسؤولية التمديد حمّلها النائب ايلي ماروني الى الفريق الذي يقاطع جلسات الانتخاب، فقال: “المسؤولية الوطنية تحتّم علينا انتخاب رئيس”، محملا النواب “المقاطعين لجلسة انتخاب، مسؤولية التمديد او الفراغ التشريعي”.
ووجّه ماروني نداء الى الشعب بأن “يدرك ان المعطلين هم من فريق واحد وهدفهم واحد هو إفراغ البلد”، داعيا الى “التعالي فوق المصالح الانانية والذاتية”.

مخرج قريب؟
وإذا كان الجمود يسيطر على مفاصل الحياة السياسية، فإن النائب بطرس حرب ترك النافذة مفتوحة قليلا، معتبرا ان “وجود الرئيس الحريري قد يشكل مناخا لانطلاق الحوار، وان هناك محاولة لكسر الجمود سنبحث فيها لاحقا مع الرئيس بري”.
وقال: “ما يجب ان ننتبه له هو ان تعطيل انتخاب رئاسة الجمهورية وابقاء الجسم اللبناني بلا رأس، في مواجهة عاصفة او مجموعة من العواصف التي تهدد وجود لبنان، هو من أكبر الاخطار. وهذا الامر يدعوني الى عدم السكوت والى محاولة التفتيش عن حل”.
ولفت الى أن “التمديد للمجلس هو نتيجة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، وللذين لا يريدون ان نمدّد للمجلس، فليتفضلوا الى مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية”.
وختم: “هذا الامر لم يعد مقبولا، والسكوت عنه لا يجوز في اي صورة، فلا يجوز ان نغطي ما يجري لضرب الوجود اللبناني والصيغة اللبنانية الفريدة في العالم العربي. أما التمديد للمجلس فتجاوز الميثاقية وهو مرتبط بوجود البلد والدولة وبوجود مفهوم الجمهورية والدولة الديموقراطية”.
أما النائب ايلي كيروز فرأى أن “الخلو في سدة الرئاسة الأولى بحسب المادة 62 من الدستور بلغ شهره الثالث، ويؤدي الى فراغ يطاول بانعكاساته السلبية أداء كل المؤسسات الدستورية ويهدد مفهوم استمرار الشخص المعنوي العام، في زمن تتداعى المؤسسات في الدول المجاورة، ذات المقومات البشرية والمادية الهائلة، مما يهدد بتقويض بناها الدستورية”.
ودعا “الفريق المسيحي الآخر الى المساهمة في تحصين الوضع اللبناني والتجاوب مع دعوة مجلس المطارنة الموارنة النواب الى القيام بواجبهم الدستوري والتعجيل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية”.
في المحصّلة، لا جديد في الاشهر الثلاثة المقبلة. وفي الواقع، فإن كل النواب، وإن أعلنوا عكس ذلك، يريدون التمديد، لانهم يفضلون عدم اجراء الانتخابات النيابية، وبالتالي الابقاء على الحجم التمثيلي لكل كتلة كما هو قائم اليوم، بدل المجازفة في اختبار التأييد الشعبي لهم.

السابق
الاليزيه: فرنسا ستمدّ أكراد العراق بالأسلحة
التالي
13 قتيلاً في اليمن