عيناثا تكرّم إعلامييها

لو نظرت في وجوه المكرمين من اعلاميي بلدة عيناثا، لوجدت أن باقة منهم حلّقت أو تحلق في فضاء بلدها الاعلامي وربما فضاء العرب. لكن للتكريم في الضيعة وبين الأهل الآتين من كل الحارات، بين الشهداء والعلماء والمناضلين والمثقفين، طعما آخر. في حضرة هؤلاء وغيرهم، يتواضع التكريم وتتهدج الكلمات.

بدت عيناثا بالأمس كأنها تعيش عرسا حقيقيا ومكتملا. عرس الاحتفاء باعلامييها العشرين، العاملين حاليا، أو ممن خاضوا التجربة سابقا وتقاعدوا. عرس لقاء الأرض والشهداء والتحية الى غزة هاشم من أعالي مارون.
يسجل لعيناثا أنها كريمة ومعطاءة. جفت العيون وتراجع حضور العلماء فيها، لكن الثقافة ظلت غريزة ومتوهجة، كما السياسة التي تجعلها متنوعة ومنفتحة وقادرة على مفاجأة الذات والآخر.. دائما.

ويسجل للاعلامي أولا والنائب ثانيا، الدكتور حسن فضل الله أنه بادر، فوّرط بلدية عيناثا، في احتفال نسج كل تفاصيله الدقيقة: أسماء مكرمين ومدعوين، البطاقة، البرنامج، ولكل عنوان من هذه العناوين تفاصيل لم تهمل، حتى بدا «مسرح الانتصار» في عيناثا، كأنه يدّشن للمرة الأولى، من خلال صورة الحشد الأهلي والإعلامي الذي ملأ كل مقاعده.. والاسفلت الذي فلش سريعا في بعض الطرق من حول المسرح.

ويسجل للإعلاميين المكرمين أنهم حضروا جميعا. مع عائلاتهم وأقاربهم وأصدقاء تكبدوا مشقة السفر الى جنوب الجنوب وبينهم: طلال سلمان، جورج قرداحي، سامي كليب، حسن مقلد، سلطان سليمان، إبراهيم الموسوي، فضلا عن عدد كبير من مراسلي الإعلام في الجنوب.

ويسجل للمقاومة أنها كما تبدع في قتالها ضد الاحتلال، تفاجئ جمهورها بأسلحة فنية. فرقة الأوركسترا التابعة لكشافة الامام المهدي بقيادة المايسترو علي باجوق وصولو إسماعيل عباس كانت نجمة الاحتفال.. أنشدت «احمد العربي» و«صرخة ثائر» من كلمات محمود درويش وألحان مرسيل خليفة.. و«خلي السلاح صاحي» لعبد الحليم حافظ و«يا حريه» للمطربة فيروز، من ألحان زياد الرحباني وكلمات عاصي ومنصور الرحباني… وكان لهذه الأناشيد وقع كبير عند الجمهور.

ولأن المناسبة هي أجواء ذكرى انتصار تموز 2006، عبق التكريم بلغة الدم والشهداء والأبطال من «الأخضر العربي» (أمين سعد) الى خالد بزي (الحاج قاسم) وبينهما علي ايوب وعشرات لا بل مئات الشهداء المقاومين في عيناثا وبنت جبيل.

ونالت «السفير» ورئيس تحريرها طلال سلمان، في عيدها الأربعين، تحية مميزة من الداعين والمكرمين وهم الزملاء: كمال فضل الله، حبيب غانم، محمد علي غانم، طارق ابراهيم، جميل جعفر، قاسم خزعل، فوزي ايوب، محمد خزعل، مصطفى البسام، أحمد وهبي، أحمد خنافر، مريم البسام، ليلى البسام، زاهي وهبي، حسن ابراهيم، حسن خنافر، موسى ابراهيم، عباس صباغ، زينب السيد علي، ندى فضل الله، هبة خنافر وحسين ايوب. كما قدّم رئيس البلدية عباس خنافر درعين تقديريين للنائب فضل الله وطلال سلمان.

وأقام فضل الله وزميله النائب علي بزي واتحاد بلديات بنت جبيل مأدبة غداء على شرف عدد من الضيوف الاعلاميين والمكرمين في «حديقة ايران» في مارون الراس، كما رافقا الاعلاميين في وضع اكليل من الزهر على ضريح شهداء بلدة عيناثا ابان حرب تموز 2006، بحضور ممثل عن قائد الجيش اللبناني العقيد مصطفى زين الدين ومسؤول وحدة الأنشطة الإعلامية في «حزب الله» الشيخ علي ضاهر ومسؤول إعلام «حزب الله» في منطقة الجنوب حيدر دقماق.
قدم للاحتفال التكريمي في «مسرح الانتصار» يوسف بسّام، وألقى رئيس بلدية عيناثا عباس خنافر كلمة قال فيها إن البلدية قررت هذه السنة احياء عيد النصر بطريقة مميزة فكان مهرجان تكريم الاعلاميين، مقدماً تحيات العرفان لأرواح الإعلاميين الشهداء الذين تنحني خيوط الشمس بدمائهم التي كتبت بحروف العزة والكرامة.

وألقت مديرة الأخبار والبرامج السياسية في قناة «الجديد» الزميلة مريم البسّام كلمة باسم المحتفى بهم خصت فيها المقاومة بالتحية: «لشهدائها وأبطالها منذ أول حراس القرى حتى يومنا المقاوم هذا، فمن قال إننا يمكن أن نكتب يوميا بلا ذخيرتهم أو من دون أن نستقي منهم حبر الحروف وأن نستمد عبرهم رونق المواقف «ومن هنا ندخل في الوطن».

وعرض الزميل طلال سلمان في كلمته لتاريخ عيناثا كقلعة من قلاع المقاومة والثقافة والعلماء والشهداء في جبل عامل، وشكر البلدية وفضل الله على هذه المبادرة.

وفي الختام، تحدث النائب فضل الله قائلا: «ما أشبه اليوم بالبارحة، كأن الزمن يعيد نفسه، بل كأننا نرى أنفسنا وقرانا وضاحيتنا في مشهد غزة، فالعدو هو هو هنا وهناك، يحاول التعويض بالسياسة عمّا يعجز عنه بقوة السلاح، ودائماً يجد العون الأميركي التقليدي ويضاف إليه العون من بعض العرب، ولكن دائماً الصمود في الميدان يغيّر المعادلات».

ورأى فضل الله أن أيامنا اللبنانية تشهد على تهديد حقيقي للبنان والوطن والدولة والذي بات مصيره معلقاً على نتائج المواجهة مع موجة التكفير التي تغزو المنطقة وتحاول تغيير وجهها وصورتها، فما قدمته المقاومة من تضحيات في هذا المجال حمى مشروعها ولبنان بصيغته وفرادته، مؤكداً أن المقاومة ستظل تتحمل مسؤولياتها حتى لو تخلّى الآخرون عن واجباتهم كي لا يتكرر مشهد الموصل التي تغاير وقائع التهجير لمسيحييها ومسلميها مسار التاريخ والحضارة والقيم في هذه المنطقة والتي حملها الإسلام في شريعته السمحاء الذي هو اليوم المستهدف بصورته النقية وتعاليمه السماوية التي حافظت على التنوع الديني والثقافي والعرقي منذ عهد النبي الأكرم إلى اليوم.

واعتبر فضل الله أن ما جرى من استهداف للسيادة الوطنية والتعرّض للجيش هو في سياق هذا التهديد الجدي للبنان الذي بات يحتاج إلى مقاربة مختلفة لا تنفع معها لغة التبرير أو التهوين أو التهويل أو سوق الاتهامات، متسائلاً ما نفع الكلام كلّه إذا تقوّض الكيان بجغرافيته وبتنوعه، وماذا يفيد التبرير إذا تلاشى النظام بتركيبته وصلاحياته.

السابق
محمود الحسن قضى بصعقة كهربائية
التالي
اسرائيل وحماس تلتزمان هدنة جديدة