طرابلس تنتفض لحقها بـ «دعايات البيرة»

يغفل رئيس بلدية طرابلس نادرغزال عن المشاكل الاقتصادية والانمائية في طرابلس، وعن عمالة الأطفال المنتشرة، والشوراع الّتي تحتاج إلى التنظيف. يغفل عن المدارس ونسبة الأمّية المتزايدة وخط الفقر الّذي ترزح تحته المدينة وعن شتّى المشائل المدنية الّتي يجب أن تكون في صلب اهتماماتها ومهامها ليتّجه تفكيره فقط إلى "البيرة".

بعد الطلب من سكان طرابلس عدم المجاهرة بالإفطار خلال شهر رمضان، تستمر البلدية ورئيسها السيّد نادر غزال بـ”اسلمة” المدينة، ليطلب هذه المرة انتزاع دعايات البيرة من شوارع المدينة.
وكما ورد الخبر: “حفاظا على اﻷخلاق و اﻵداب العامة وبناء لتمنى هيئة العلماء المسلمين، استجاب رئيس بلدية طرابلس نادر الغزال لنداء الهيئة وأعطى أوامر (ضمن صلاحياته) بنزع جميع اعلانات و دعايات الكحول من طرابلس”.
خطوة رئيس البلدية، الّتي باتت حيّز التنفيذ، دفعت بشباب وفتيات طرابلس بإنشاء صفحة على “الفايسبوك” تحت عنوان طرابلس تحب البيرة كوسيلة لتسجيل اعتراض على قرار كهذا. وراحوا يعرضون صورهم مع البيرة، وجاء التضامن أيضاً من مناطق وبلدان مختلفة. لكن ذلك لم يؤثر على قرار البلدية ولم يثنيها عن “انتزاع” حق المواطن بـ”دعايات البيرة”.
وتجدر الإشارة إلى وجود المسيحيين في مدينة طرابلس، كما الأماكن لبيع الكحول والّتي لم يقترب أحد منها او يعتدي عليها على الرغم من كل ما شهدته المدينة من أحداث أمنية. والجدير بالذكر أن رئيس البلدية لم يتوانَ عن كبس زر الإعجاب لـ”فنانة” تدعى حسناء مطر عبر موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، فهل إعلانات مطر أقل ضرراً من إعلانات البيرة؟
كانت في ما مضى طرابلس، بمحيطها المتنوع، رمزاً للعيش المشترك والانفتاح، كما كان فيها حانات تحت الأرض وأماكن للسهر وإلخ. كانت مدينة منتعشة ومتصالحة مع نفسها. ولم تكن حينها رمزاً للانحلال الأخلاقي، بل على العكس، عرفت أشهر الشعراء في زيارات ثقافية من نزار قباني إلى محمود درويش. واليوم، للأسف، تبدو المدينة غارقة في كآبتها ويأسها.
يغفل رئيس البلدية عن المشاكل الاقتصادية والانمائية في طرابلس، وعن عمالة الأطفال المنتشرة، والشوراع الّتي تحتاج إلى التنظيف. يغفل عن المدارس ونسبة الأمّية المتزايدة وخط الفقر الّذي ترزح تحته المدينة وعن شتّى المشائل المدنية الّتي يجب أن تكون في صلب اهتماماتها ومهامها ليتّجه تفكيره فقط إلى “البيرة”.
يختصر الآداب العامة بالكحول، ولم يفكر مرة بإصدار مذكرة أو رسالة تدعو إلى نبذ الطائفية أو منع الفساد ووضع حد للسلاح غير الشرعي، أو الحثّ على إحياء المدينة بوجهها الثقافي والحضاري. طرابلس لا تعاني من مشاكل بيئية ولا اجتماعية، كلّ ما فيها أنّ “دعايات البيرة” أصل الداء.يجب استئصالها لتنعم المدينة بالأمان.

السابق
اعتصام لأهالي العسكريين المختطفين
التالي
طائرة استطلاع اسرائيلية خرقت الاجواء