خلافا لأخبار كاذبة: كلينتون لم تقل إنّها دعمت داعش

تلقّف بعض الاعلام العربي كتاب هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بردود فعل مختلفة، ربما أسوأ ما فيها أن يُنسب لها ما لم تقله، ونقلت عن كلينتون "اعترافاً وهمياً" بأن الادارة الاميركية هي من أسس ما سمي "تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام – داعش". تناقلت التحريف مواقع إلكترونية عدة ووسائل إعلام من المفترض أنّها تتحرّى عن الأخبار قبل أن تنقلها.

تلقّف بعض الاعلام العربي كتاب هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بردود فعل مختلفة، ربما أسوأ ما فيها أن يُنسب لها ما لم تقله، ونقلت عن كلينتون “اعترافاً وهمياً” بأن الادارة الاميركية هي من أسس ما سمي “تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام – داعش”. تناقلت التحريف مواقع إلكترونية عدة ووسائل إعلام من المفترض أنّها تتحرّى عن الأخبار قبل أن تنقلها.

 

لا يكتب المسؤولون الأميركيون كتباً عبثية أو كتباً لمجرد الكتابة فحسب. إنّها أشبه بنصوص لنقرأ ما بين سطورها ما الرسالة الّتي يريد المسؤول أو الكاتب أن يوصلها لجمهوره. لقد اعتمد قادة الولايات المتحدة منذ بداية نشوء بلادهم على الخطاب كوسيلة للحشد، وللحصول على دعم المناصرين.
ومن الملاحظ أن خطابات القادة الأميركيين، من لنكولن إلى كينيدي إلى بوش وكلينتون وأوباما، تعتمد على تسويق حقوق الإنسان والحديث عن القيم والحقيقة بطريقة مثالية، بالإضافة إلى السمة الطاغية وهي الإشارة إلى أميركا أيضاً كأرض الأحلام. معظم الخطب مدروسة، وستترك الجمهور مذهولاً، لكنها تكاد نفرغ من الهدف أو الاستراتيجية المشبعة. هذا ويلجأ الزعماء في البلد الّذي يعاني تفككاً أسرياً رهيباً، على تسويق فكرة العائلة السعيدة، كجزء من وهم هذا البلد السعيد.
لا يكتب المسؤولون الأميركيون كتباً عبثية ولا هم يحلمون بأن يصيروا كتّاباً. إنّهم يبغون التأثير على الرأي العام في منهجية مدروسة من الواضح أنّها تهدف إلى حصد الاستعطاف من الشارع. وقد يكون الأميركيون فعلاً، كعامة الشعب، اشخاصاً بسطاء تنطلي عليهم الحيلة. فماذا يبغي العرب من كتب الأميركيين وكيف يتفاعلون معها؟
الاعلام العربي تلفّق كتاب هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بردود فعل مختلفة، ربما أسوأ ما فيها أن يُنسب لها ما لم تقله، ونقلت عن كلينتون “اعترافاً وهمياً” بأن الادارة الاميركية هي من أسس ما سمي “تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام – داعش”. تناقلت التحريف مواقع إلكترونية عدة ووسائل إعلام من المفترض أنّها تتحرّى عن الأخبار قبل أن تنقلها.
وتزامن التحريف مع حملة من الوسائل الاعلامية المقربة لإيران مع ما تناقلته عن الموظف السابق في وكالة الاستخبارات الاميركية “C.I.A” ادوار سنودن ان الوكالة وجهاز الاستخبارات الاسرائيلية الـ”موساد” هما اللذان شكلا ما سمي “داعش” ويشير الى تعاون في مكان ما، في الاطار نفسه مع الاستخبارات البريطانية، وهو ما نقلته “وكالة الانباء الايرانية – فارس”.
إذاً، أميركا هي من أسّس داعش، وهذا أمر قد لا يكون مستبعداً، لكن هل ستعترف أميركا بأمر كهذا فعلاً، وهل ستعترف كلينتون، الّذي يُعتبر كتابها بمثابة حملة انتخابية مسبقة وتمهيد لترشحها لرئاسة الجمهورية في انتخابات عام 2016. ركض الإعلام وراء سكوب “داعش”، محرّفاً، وغض النظر عن موقف كلينتون الّذي يعاود الدعم لإسرائيل والدفاع عن مظلوميتها، وهذا ركن من أركان العاية الأميركية الأبرز. كررت مواقفها تجاه إيران وضرورة حفظ أمن اسرائيل، المعزوفة العادية.
وطبعاً لم تقدم كلينتون دليلاً لدعم أسطورة دعم أمريكا للإخوان، حيث تروى بوضوح أن العلاقة مع الرئيس السابق محمد مرسى كانت علاقة براجماتية مع رئيس منتخب، إذ تعتبر أميركا صاحبة مصالح حيوية ومن ثم ستتعامل مع أى من كان فى الحكم فى مصر.
لقد صدر منذ فترة كتاب للدبلوماسي الأميركي والبروفسور الجامعي، ايراني الجذور، ولي رضا ناصر، عن التراجع في السياسة الخارجية في فترة حكم وأوباما وعدم قدرة أميركا عاى اتخاذ القرارات الحاسمة الّتي كان يجب أن تتخذها. ناصر، المقرّب من هيلاري كلينتون، أرسل ما بين السطور رسالة واضحة، مفادها أن أوباما أخفق في سياسته الخارجية، والأجدر الآن الذهاب إلى خيارات كلينتون. كتاب كلينتون يهدف إلى الأمر عينه في مكانٍ ما: انتخبوني. وإن لم يحقق لها الكتاب مقعد الرئاسة، فعلى الأكيد أنّه سيحقق لها نسبة مبيع مرتفعة وأرباحاً طائلة.

السابق
«النظافة» شي طبيعي في كفررمان
التالي
قمع وديمقراطية تحت سقف واحد في دار الفتوى