الحريري يُفعِّل حركته ولا انتخابات رئاسية ونيابية

نهاية أسبوع لبنان حفلت بحركة واسعة على الصعد السياسية والعسكرية والدينية والتربوية، وكان الرئيس سعد الحريري محور معظمها، اذ قوبلت عودته بمواقف ايجابية من معظم الاطراف، وهو تحرك في كل الاتجاهات، مطلقا سلسلة من المواقف التي تدفع الامور قدما، من دون القدرة حتما على إيجاد واقع جديد في ظل تعقيدات داخلية واقليمية متفاقمة، وخصوصا في ملف رئاسة الجمهورية.

وقال مرجع سياسي لـ”النهار” ان “ظروف الانتخاب لم تنضج بعد، وان أوضاع المنطقة المحيطة لا توحي بقرب اجراء الاستحقاق، فكل لاعب اقليمي يحاول ان يتدخل لفرض واقع يلائمه، وتاليا فان العرقلة هي الورقة الوحيدة المتاحة للجميع اكثر من القدرة على فرض رئيس”.
وشدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على “ان البطريركية المارونية إحترامًا منها للكتل السياسية ونواب الأمّة، لا ترشّح أحدًا ولا تُقصي أحدًا ولا تروّج لأحد. بل تؤيّد أي رئيس يُنتخب بحكم أنه رئيس للبلاد”، فيما عاب رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط على السياسيين عجزهم عن إنتخاب رئيس، معتبراً “أن أي حل آخر هو التمديد للمجلس سنة أو سنتين ويكون قد تأجل إستحقاق إنتخاب رئيس الجمهورية. لا نستطيع تأجيل الانتخابات، وإذا كان لا بد من تأجيلها بضعة أشهر لأسباب تقنية فسنشرط ذلك بانتخاب رئيس للجمهورية”.

الحريري
وكانت سرت شائعات في اليومين الاخيرين ربطت عودة الرئيس الحريري الى لبنان باستحقاق رئاسة الجمهورية، وسرت تكهنات عن اتفاق على العماد جان قهوجي رئيسا والرئيس الحريري رئيسا للوزراء والعميد شامل روكز قائدا للجيش. ونشطت حركة المستوزرين، لكن زوار الحريري نقلوا عنه انه مستعد لتقديم تسهيلات لانتخاب الرئيس شرط ان يبادل الطرف الآخر الى ملاقاته، إلا أنه لن يطرح اي مرشح في انتظار ما يقرره المسيحيون في هذا المجال، وانه كان يفضل ان يزور قصر بعبدا للقاء الرئيس فور عودته الى لبنان. وأكد زواره انه لن يدخل في بازار الاسماء مع الاشخاص الذين يلتقيهم في لبنان في انتظار الاتفاق على المرحلة المقبلة وعلى مواصفات الرئيس الجديد، ويقول ان الرئيس القوي هو القادر على اعادة جمع اللبنانيين . ونسب الى مصادر في “تيار المستقبل” عدم رغبتها في تعديل الدستور إلا في ظروف قاهرة.

بري
في المقابل، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره قبل نحو نصف ساعة من استقباله الرئيس سعد الحريري مساء امس: “أنا لا أقبل بالتمديد لمجلس النواب الممدد له وهو في الاساس لا يستأهل التمديد لا أكثر ولا أقل”.

المشنوق
أما وزير الداخلية نهاد المشنوق، فصرح بأن الاولوية هي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية “ولا أرى أن الوضع الأمني يسمح بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد في شهر تشرين الثاني المقبل . الحريق على حدودنا ويكاد يصل إلينا وقد ينسحب على الوضع الداخلي.الأجهزة الأمنية نصحت بعدم إجراء الانتخابات النيابية في موعدها بسبب الوضع الأمني والقرار السياسي “مش عندي” فأنا وزير داخلية كل لبنان. التقارير الأمنية التي تأتيني تجعلني مضطراً أخلاقياً وكوزير داخلية الى أن أتحمل مسؤولية تقدير عدم إجراء الانتخابات النيابية في موعدها”.
وأبلغ المشنوق “النهار” ان هبة المليار دولار التي قررتها السعودية لتلبية حاجات الجيش وقوى الامن “ستوضع في المصرف المركزي بعد أن يقرّها مجلس الوزراء”. وأضاف “ان القانونيين يعدون صيغة لاقرار الهبة وفق أعلى نسبة من الشفافية وفي امكان الرئيس تمام سلام ان يطرحها على مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال”. وقال ان الرئيس سلام سيرأس اليوم اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف اللاجئين السوريين والتي تضم وزراء الشؤون الاجتماعية والخارجية والداخلية للنظر في اجراءات قررها مجلس الوزراء لمعالجة هذا الملف. وأفاد أن “اللاجئين السوريين هم أربع فئات: فئة عليها أحكام قضائية في سوريا لا يرضى لبنان ان يعيدها الى بلادها، فئة تمتلك أوراقا سليمة، فئة دخلت لبنان بطريقة غير شرعية وقد تمت تسوية اوضاعها في الامن العام اللبناني، واخيرا فئة لا أوراق في حوزتها وهي أيضا لا يمكن اعادتها الى سوريا”. وأشار الى “ان النظام السوري يرفض في المطلق اعادة اللاجئين أيا يكن وضعهم القانوني”.

أبو فاعور
وبالتزامن مع الحركة السياسية الواسعة التي يقوم بها على صعيد الاستحقاق الرئاسي، اوفد جنبلاط امس وزير الصحة وائل ابو فاعور ونجله تيمور الى جدة لاجراء محادثات مع القيادة السعودية في شأن آخر التطورات في لبنان.

دار الفتوى
وأمس شهدت دار الفتوى حدث انتخاب الشيخ عبد اللطيف دريان مفتيا جديدا للجمهورية، وقد ركز في أولى كلماته على رص الصفوف لمواجهة الارهاب وترسيخ الاعتدال الاسلامي لصد الهجوم التكفيري. ورأى المفتي المنتخب الذي يتسلم مهماته رسميا في 15 ايلول ان “الفتنة بين السنة والشيعة شر مستطير، والنصارى هم الاقرب الينا”. وتعهد اصلاح دار الفتوى والعلاقة مع المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى واعادة توحيده.
وبعد الانتخاب أقام الحريري على شرفه غداء قال خلاله: “نحن، من مواقعنا السياسية، نتحمّل المسؤولية أيضاً، ولن نرضى لِقلّةٍ من المتطرفين أن تأخذ الإسلام والمسلمين إلى مواجهة مع سائر الشركاء في الوطن والأمة. إن تلك الحفنة التي تقوم باقتلاع المسيحيين في العراق، من أرضهم وتاريخهم، هي فئة ضالة معادية للإسلام، وخارجة على رسالة النبي العربي”.

عرسال
وبعد أسبوع من حوادث عرسال، أحكم الجيش سيطرته على كل المواقع المحيطة بالبلدة ، وهو يسيّر دوريات مؤللة داخل البلدة، كما استحدث حواجز ثابتة ومتنقلة لضبط الأمن.
لكن الانتشار الامني لا يلغي خوفا من اجتياح جديد للتكفيريين، وقلقا على مصير المخطوفين من الجيش وقوى الأمن الداخلي اذ استمر الغموض في شأنهم، ولم تفض حركة اتصالات الى معرفة اماكن وجودهم حاليا، او معرفة هوية الخاطفين ومطالبهم. وتخوفت مصادر مواكبة من ان تطول حركة المفاوضات على مثال تلك التي اتصلت بمخطوفي اعزاز. وقد وزع الخاطفون شريطا بدا فيه ثمانية من العسكريين يعددون أسماءهم. في المقابل تنفي مصادر عسكرية ان يكون هناك تفاوض مع الخاطفين او اتصال بهم.

الامتحانات والتصحيح
تربويا، تبدّلت المواقف امس من هيئة التنسيق النقابية، وبدا كلام البطريرك الماروني مؤشرا في هذا المجال، تبعته الاحزاب السياسية التي توالت على اصدار بيانات دعت فيها الاساتذة الى تصحيح الامتحانات تجنبا للافادات المدرسية، وابرزها “التيار الوطني الحر” و “تيار المستقبل” و حركة “امل”. لكن حركة الاتصالات ظلت مستمرة حتى ساعة متقدمة من الليل لتوفير مخرج يحفظ كرامة الجميع. ورفض نقابيون التعليق على التطورات، في انتظار ما تقرره الجمعيات العمومية اليوم.

السابق
احراق سيارة في الدوير
التالي
الحكومة تؤمن «عائدي» عرسال في ضاحية قدسيا