أهمية عودة الحريري إسلامياً

شكلت العودة المفاجئة للرئيس سعد الحريري الى لبنان بعد غياب قصري دام لثلاث سنوات، صدمة ايجابية لكل اللبنانيين، لما يشكله الحريري من وزن سياسي على مستوى كل الوطن، ولأن عودته ستسهم في حلحلة الكثير من العقد السياسي التي ازدادت مع التطورات التي تشهدها المنطقة خاصة لناحية صعود التيار المتطرف المنتسب زورا الى الاسلام.

لا شك ان عودة الحريري الى لبنان في هذا التوقيت بالذات بالغة الاهمية نظرا لحساسية الملفات التي سيبدأ في اجراء النقاشات والحوارات بشأنها، بدءا بانتخاب رئيس للجمهورية مرورا بمكافحة الارهاب وصولا الى الملفات التربوية والاقتصادية وغيرها، بالاضافة الى ملف تسليح الجيش وآلية صرف الهبة السعودية واشراف الحريري على ذلك، لكن اولوية الاولويات بلا ادنى شك ستكون مواجهة موجة التطرف وتعزيز حضور الاعتدال على الساحة اللبنانية.

خلال الغياب…

خلال غياب الرئيس الحريري عن لبنان، نشطت بعض الحركات والتيارات الاسلامية المتشددة، مستغلة غياب الممثل الاول للمسلمين السُنة عن وطنه وبالتالي عن صلب المعالجات السياسية لما يستجد من امور، نشطت هذه الجماعات وتأطرت وتوحدت بخطابها وان اختلفت بكيفية التعبير عن غضبها من ممارسات “حزب الله” وتلكؤ الحكومة اللبنانية في كثير من المحطات، وكيل البعض من المؤسسات الشرعية بمكيالين، فراحت تحت هذه العناوين تستجلب عطف الشباب المسلم المتحمس، واخذت تعبئه لمواجهة اعلامية سياسية وربما امنية مع الجيش ومع من يقف خلفه ومن يسانده من 8 و14آذار، وبين كل ذلك شهدت الساحة اللبنانية ظهور “هيئة العلماء المسلمين” في لبنان، والتي تضم تحت سقفها اكثر من 500 شيخ من كل لبنان، تصدرت المشهد الاسلامي وظهرت على انها الممثل الوحيد للسنة في بلدهم، وما أكد هذه النظرة لعبهم دور الوسيط بين الدولة اللبنانية والمسلحين في معركة عرسال، ومحاولاتهم الدائمة للظهور على انهم المدافعون الابرز عن حقوق الطائفة السنية والمنادون منفردين برفع الظلم عن شبابها، الامر الذي اتاح لها انتشاراً واسعاً في ارجاء الاراضي اللبنانية، خاصة في ظل تصاعد الانتماء الطائفي في المنطقة مع ازدياد نسب التوتر والفتن بين السنة والشيعة.

جرعات دعم

لذا تأتي عودة الرئيس الحريري في هذا التوقيت بالذات، ليس لمواجهة الاسلاميين طبعا وفتح معركة سياسية معهم، واخرى شعبية، بل لتعزيز حضور المعتدلين وتفعيل دورهم، فخلال السنوات الثلاث الماضية غاب اهل الاعتدال من اهل السنة عن الساحة، وكأن الامر لا يعنيهم، حتى داخل مناطقهم. حدث ما حدث في طرابلس وصيدا ولم يخرج اهالي المدينتين الرافضين للتطرف والتشدد الديني، لم يخرجا للتعبير عن رفضهم لممارسة بعض الشباب المغرر دينيا، بل التزموا الصمت خوفا من ردة فعل هؤلاء، وقطعا لدابر الفتنة الداخلية. اليوم ومع عودة الرئيس الحريري من المتوقع ان يأخذ هؤلاء جرعات دعم معنوية قوية، تتيح لهم التحرك والظهور حتى لا يكونوا اول من تحصدهم العاصفة بريحها.
يعود الحريري ليمسك بزمام امور الطائفة السنية ويعيد تصويب خياراتها، بعد ان شهدت “شطحات” معينة حتى من داخل كتلته النيابية، بشكل يلجم فيه تمادي الارهاب الذي يمارسه البعض باسم هذه الطائفة، ويستوعب حماسة الكثيرين المحقة نتيجة تجاوزات الدولة في مكان واستفزاز حزب الله لهم في مكان آخر.

هذا الكلام بالطبع لا يعني ان الحالة الاسلامية على مستوى واحد من التوصيف، بل فيها من هو محق وحكيم وواع لما يجري ولم ينجر الى براثن الفتنة، ومنها من هو متهور يتصرف من دون حسابات وقراءات مدروسة، ومنهم من هو مخترق من قبل اجهزة استخباراتية خارج الحدود يأتمر بأمرها وينفذ مطالبها تحت عناوين رفع الظلم عن الطائفة السنية. ويرى البعض ان مسارعة رئيس “هيئة العلماء المسلمين” الشيخ مالك جديدة الى الترحيب بعودة الرئيس الحريري واعتباره ان “عودته ستجعل عمر الفتنة قصير جدا”، اعتراف من الهيئة بالدور الاطفائي والاستيعابي الذي سيلعبه الحريري على مستويين: المستوى السياسي الوطني، والمستوى الاسلامي السني، بما يمنع تعاظم الامور ويخفف من نسب التوترات والخوف لدى الكثيرين، بمن فيهم مناصريه الذين باتوا يشعرون ان دورهم يتقلص لصالح الحالة الاسلامية.

السابق
ماراتون حرمون ينطلق الأسبوع المقبل
التالي
داعش يسيطر على أكبر سد في العراق